( 1 )
هي أحد أهم ثوابت الدراما الرمضانية فى الأعوام الأخيرة ، وجودها الدائم فى رمضان هو الأمر الثابت ، إنما هى نفسها فتتغير فى كل لحظة ولا تستقر على حال ، فهى من الفنانين القلائل الذين لا يوجد لهم ( كتالوج ) او نمط تمثيلى بأدوار محددة ومعتادة ، صاحبة وجه يصعب تصنفيه كملاك او شيطان فقد أبدعت فى تقديم كل المتناقضات الدرامية على مدار مشوارها الفنى الحافل بالعطاء حتى أصبح اسمها عنوانًا للتميز والأداء التمثيلى الخاص جدًا .. كثيرون يرتبطون فى أذهاننا بأدائهم لأدوار الشر وآخرون العكس ، أما هى فترتبط فى أذهاننا بأنها ممثلة شاطرة ، فنانة من طراز رفيع ، تمتلك موهبة كبيرة وقدرة خارقة على التنوع فى الأداء دون أن تُشعرك أنها تبذل أى مجهود وهو ما أجبرها على الإنتشار بكثافة وبرغم هذا لم يملها المشاهد أبدًا لأنها دائمًا متألقة ، تلمع كالبدر وتجذبنا إليها فتخطف القلب والعين معًا ، او نحن الذين نتركهم لها عن طيب خاطر ..
( 2 )
سوسنة : نبات من الرياحين ، طيب الرائحة ، كثير التنوع والإنتشار ، أزهاره كثيرة ومتعددة الألوان ، منها البنفسجى والأبيض والأصفر ، ومعنى الإسم سوسن : زهرة جذابة عطرية لامعة ..
( 3 )
المختلفون لابد لهم من بداية مختلفة وصاخبة او غير اعتيادية ، لابد من شىء يميز خطواتهم الأولى حتى ولو ظلوا بعدها تقليديين لفترة طويلة ، سيظل الانطباع الأول حاضرًا أغلب الوقت حتى تحين الفرصة ليؤكدوه ويمتلكون القدرة على ممارسة جنونهم الفنى بحُرية ، فبعد ظهور أول مع الراحل نور الشريف وبوسى فى الفيلم الشهير ( حبيبى دائمًا ) اختارها المخرج الانجليزى أنطونى توماس لبطولة الفيلم الوثائقى الذى تم تقديمه فى شكل درامى ( موت أميرة ) والذى كان يحكى عن واقعة إعدام الأميرة السعودية مشاعل بنت فهد وهو الفيلم الذى أثار ضجةً كبرى فى وقت عرضه وبسببه قامت السعودية بطرد السفير البريطانى ومنعت سوسن بدر من دخول الأراضى السعودية لفترة طويلة وعاقبها التلفزيون المصرى أيضًا ومنعها من الظهور لفترة ، بداية صاخبة وصعبة وغير عادية قد تقضى على أى فنان وتنهى مشواره قبل أن يبدأ ، ولكن من قال أن سوسن بدر فنانة عادية ، فمن هم فى مثل موهبتها لا يليق بهم سوى مثل هذه البدايات الغير عادية ..
( 4 )
فى البداية رأيت الست سكينة رئيسة الخدم صاحبة الشخصية القوية فى ( جراند أوتيل ) ، امرأة حازمة ، تقدس عملها ، لا تتكلم كثيرًا ولديها لمحة أرستقراطية بسبب طبيعة عملها وطبيعة من تتعامل معهم وتعاشرهم منذ سنوات ، تدخل فى صراع مكتوم مع ورد ( مروة الشربينى ) بسبب حملها وادعاء ابنها أمين ( محمد ممدوح ) – المتيم بعشق ورد – بأنه والد من فى بطنها .. امرأة صموت ، هادئة ولكنه صمت من يخفى الكثير من الأسرار وهدوء كالذى يسبق العاصفة ،فهناك بوادر عن مفاجآت عديدة ستحملها لنا هذه الشخصية فى القادم من حلقات ، بعد ذلك رأيت الست فضة فى ( يونس ولد فضة ) المرأة الصعيدية القوية المليئة بالتناقضات فعندما تتأمل طريقتها فى التعامل مع ولدها يونس ثم تتذكر جريمتها فى نسبه لأب ليس أبيه تتأكد أنك أمام شخصية مركبة بالغة التعقيد لا تعرف هل تحبها أم تكرهها ، ثم فى النهاية ظهرت بدرية والدة تحية عبده ( منى ذكى ) فى ( افراح القبة ) تلك المراة السوقية سليطة اللسان والتى تحترف الردح وتشجع بناتها على الانحراف وتتاجر بأجسادهن ، ولا يهمها سوى المال ولا تعرف غيره ، صورة مقززة قدمتها سوسن بدر ببراعة معتادة حتى أصبحنا نُصاب بالاشمئزاز كلما ظهرت أمامنا على الشاشة .. هكذا تظهر صاحبة الألف وجه وهكذا رأيتها 3 مرات فى يوم واحد .. رأيت سكينة وفضة وبدرية دون أن أعثر فى أى لقطة على سوسن بدر الحقيقية والتى تعرف جيدًا كيف تغيب تمامًا حتى يصبح الحضور كله ملكًا للشخصية التى تقدمها ..
( 5 )
كانت تنتظرها بداية أخرى غير عادية ولكن القدر لم يكتب لها أن تكتمل فعندما رآها المخرج الكبير شادى عبد السلام صاحب رائعة ( المومياء ) اختارها على الفور لتشارك فى بطولة فيلم ( إخناتون .. مأساة البيت الكبير ) رشحها لتقوم بدور الملكة نفرتيتى ورغم أن مشروع الفيلم قد مات إلى الأبد برحيل الأستاذ شادى قبل تنفيذه ، إلا أن لقب ( نفرتيتى السينما المصرية ) ظل مرتبطًا بسوسن بدر حتى هذه اللحظة ، فيلم مثل هذا وبملامح سوسن بدر الفرعونية المصرية الأصيلة والتى نادرًا ما تتوافر فى ممثلة – وهى ليست ممثلة عادية بل صاحبة موهبة كبيرة – وبإخراج مبدع فريد من نوعه ومتخصص فى مثل هذه النوعية من الأفلام ووصل للعالمية بفيلمه ( المومياء ) لو كان كُتب له أن يخرج إلى النور ، من المؤكد أنه كان سيُشكل فارقًا كبيرًا فى مسيرة سوسن بدر ، ولربما كان سببًا فى تغيير مسارها الفنى كله ، الشىء المؤسف أن كل هذه السنوات قد مرت ولم يفكر أىٍ مخرج او منتج آخر فى استغلال هذه الملامح النادرة فى أى مشروع فنى مشابه لمشروع فيلم إخناتون ..
( 6 )
منذ فترة قريبة وأثناء استضافتها فى برنامج ( ستوديو وان ) بقناة نايل لايف قالت لها المذيعة ( انا شفتك فى أدوارك ، مش عايزة اتكلم على اللى فات ، القديم ، خلينا فى الكوارث اللى عملتيها فى الآخر )
ابتسمت سوسن بدر ورددت بكل بساطة ( ده انا لسه معملتش حاجة ، لسه هبتدى ) ..
جملة واحدة لخصت كل شىء لأن سر بقاء واستمرارية أى فنان صاحب موهبة حقيقية هو أنه مهما بيحقق من نجاحات بيفضل طول الوقت عنده إحساس انه معملش أى حاجة وانه لسه بيبتدى وعشان كدة مكانش غريب أبدًا انى اسمعها وهى بتقول فى نفس اللقاء ( الفنان اللى بيحترم فنه وبيحترم شغله الناس هتحترمه وهتفهم شغله وهيوصل للناس بنفس الحميمية اللى هو بيتعامل بيها مع فنه وموهبته )
لهذا ليس لدينا سوى سوسن بدر واحدة فقط .
نرشح لك
محمد حمدي سلطان يكتب: بلوفر عمرو دياب
شاهد: كيف ضلل إيهاب توفيق وهالة فاخر المشاهدين
دعاء فاروق تكتب: الكماشة رقم (١) في مصر.. قناة الحياة سابقًا
شارك واختار .. ما هو المسلسل الكوميدي الذي تتابعه في رمضان؟ أضغط هنـــا