أتذكر جيدًا صدمتى عندما كنت أشاهد عرض عن العشاق لأول مرة، وأخبرتنى صديقتى أن بطل العرض هو من جسد “مسكر” فى مسلسل ابن حلال، فالملامح مختلفة تمامًا وحتى نبرة الصوت، فكان يظن أغلب من شاهد المسلسل أن صناع العمل استعانوا بمعاق لإداء الدور، كنت وقتها لا أعرف اسم حمزة العيلي، ولكن قدرته على تقمص الشخصية لدرجة تغير ملامحه جعلتنى أتابع أعماله بإهتمام.
عشقه للفن جعل طالب الحقوق يترك العمل فى مجال دراسته، ليبدأ رحلته مع التمثيل منذ ما يزيد عن ثلاثة عشر عاماً، وقدم العديد من العروض في قصر ثقافة المنيا، ثم التحق بمركز الإبداع الفني بدار الأوبرا، وبنى حائط من الفن بقوالب الإبداع والموهبة ليمتعنا بالعديد من الأدوار حيث شارك في ” قهوة سادة، والعاصفة، وعنبر رقم واحد وظل الحمار، و ارتجال في المخ .
الفنان الذى يُهاجم اليوم، ما دفعه إلى الفن هو حبه وتقديسه للتمثيل وعشقه للمسرح وشغفه للإبداع، ليس الشهرة والأضواء ولا بحثًا عن الأجر الكبير، والدليل على ذلك حرصه على تقديم عروض مسرح دون مقابل مادي من أجل إسعاد الجمهور وتقديم فن حقيقى لهم، من دافع عن سماحة الإسلام من خلال تقديمه لشخصية الفقية الإسلامى ابن حزم الإندلسى لن يقوم يومًا بتشويه الدين الإسلامى أو المسيحي.
ملامحه وتعبيرات وجهه وإبداعه هم من جعلوا صناع الأعمال الفنية يستعينون به لإداء الأدوار الصعبة الواقعية و المركبة التى تحتاج إبداع وحنكة وإهتمام بالتفاصيل، فمنذ بداية مشواره الفني وهو يسير بخطي واضحة ومختلفة، يخطف أنظار كل من يشاهده، ويختار أعماله بعناية، حرصًا على رأى الجمهور به فهو من يقول دايمًا إن ما وصل إليه هو بفضل جمهوره الذى يحترمه ويحبه.
أحببناه جمعيًا عندما جسد “الشيخ كرم” فى إكس لارج، فلماذا تهاجموه اليوم؟!، رغم أن الشخصية التى يقدمها فى مسلسل “مأمون وشركاه” ليست ببعيدة عن الشيخ كرم، فهو لا يشوه الدين الإسلامى ولا يكره الملتحيين، بالعكس هو يوضح الفرق بين المسلمين والمتأسلمين، فهو يقدم شخصية إرهابى تكفيرى وليس مسلم معتدل، ومن منا يستطيع إنكار وجود تلك النماذج الإرهابية وأكبر دليل على وجودهم “داعش”، فهو نقل الواقع بصدق وإتقان.
وفى شخصية “عصام أرنبة” فى مسلسل 7 أرواح الذى يعرض حاليًا فى رمضان، ذلك الشاب الذى يحمى “معتز الفرماوى” ضابط الشرطة المظلوم ويساعده فى إثبات براءته من تهم القتل المنسوبة إليه، تجد أمامك مدرسة تمثيل، فى قدرته على تغيير صوته وتقمصه الشخصية حتى تظهر على ملامحه، وتعبيرات وجهه التى تدل على اجتهاد وتعب وحب لما يقدمه، حتى أشاد بإدائه الفنان خالد النبوى شاكرًا مخرج العمل على إختياره لحمزة، فالتلقائية والدقة يجعلانك تشهد له بالمهارة والاحترافية.
شخصية الشيخ المعتز بالله، هى تجسد لمن ينضمون للجماعات الإرهابية والتى تمولهم قطر، كما ذكر المسلسل، وتكفيره للمسيحيين وإباحته لقتلهم ليس بصفته مسلم بل بصفته إرهابى، وتلك عقيدة الفكر المتطرف، وأكبر دليل على ذلك مشهد إعطاء السفير الأمريكي سجادة الصلاة له فى السفارة الأمريكية فى إشارة لدعم التكفريين، كما أن المسلسل لم ينتهى بعد ولم نعرف مصير الشيخ معتز لنحكم عليه من الآن، فالتشدد والتعصب والفكر التكفيرى لا يمتون للإسلام بصلة وإلقاء الضوء عليهم فى الأعمال الدرامية ليس بجرم، بل رسالة لتوضيح سماحة الدين وتصحيح الأفكار المغلوطة.
على سبيل المثال، فى يوليو 1993 كان هناك محاولات لإصدار فتوى بشأن اختصاصات كل من الأزهر الشريف ووزارة الثقافة فى التصدى للأعمال الفنية التى تتناول قضايا لها علاقة بالإسلام، واعتذر وقتها عاطف الطيب عن إخراج مسلسل “العائلة” عندما هاجم المتشددون المسلسل، وعندما قرأ الفنان الكبير محمود مرسى أوراق المسلسل خاف على المؤلف وحيد حامد واتهمه بالجنون ونصحه إن ينساه لأن التيار المتشدد سيتربص به.
ثم حدثت واقعة اغتيال الدكتور فرج فودة فاتصل محمود مرسى بوحيد حامد واعتذر له وقال له “أحنا لازم ننزل الشارع نحارب الإرهاب بالفن” وقام ببطولة المسلسل الذى تناول الجماعات الاسلامية المتطرفة والإخوان والبنوك الاسلامية وتوبة الفنانات واعتزالهن الفن، وكان المسلسل صرخة فى وجه المتأسلمين وتجار الدين فخرجت الصحف الدينية بعناوين صاخبة تتهم صناع العمل بإنهم يهاجمون الإسلام.
لم يكن صناع مسلسل العائلة يشوهون الإسلام، ولا حمزة العيلي يفعل ذلك، بل يلقوا الضوء على نماذج حية موجودة، فهو يجسد دور رجل متعصب أعمى لا يرى سوى إن الدم والقتل هم سبيل الدفاع عن الدين، ويظهر التعصب أيضا فى شخصية والدة زوجة “يوسف” خالد سرحان تلك المرأة الإيطالية المتعصبة التى تريد أن تجعلها حفيدها يعتنق المسيحية رغمًا عن والده.
أما بالنسبة للمعلومات المغلوطة التى وردت بالمسلسل عن أن المسيحية تحلل شرب الخمر، فهى مسئولية المؤلف وليس حمزة، ولكن إذا نظرنا للواقع فكثير منا يعتقد أن الخمر مباحة للمسيحيين رغم أنه خطأ كما أن الدين المسيحى يحرم الخمر، المشكلة الأساسية هنا مشكلة المؤلف فى غياب وجود الرمز المعتدل للإسلام والذى يوضح الفرق بين التدين والتعصب وأن ليس كل ملتحى إرهابى، وأيضا فى مطاطية الجمل التى تسببت فى الفهم الخاطىء لكثير من حوار المسلسل، والاستناد إلى حجج واهية لتوضيح الفرق بين أحكام الدين الصحيحة وبين الأفكار المتشددة، وهى مسئولية كاتب العمل وليس الممثل.
حمزة العيلي .. لَا يَحْزُنك قَوْلهمْ، فالجميع يعلم أن حمزة الإنسان والفنان لا ولن يقبل بتشوية دينه ولا تشوية المسيحية، وعلينا جميعًا نتعلم قبل أن نهاجم فنانًا أن نفصل بين ما يقدمه على الشاشة وبين كونه إنسانًا عاديًا، فليس من يقوم بدور بلطجى قى منطقة شعبية يشوه صورة أهالى تلك المناطق، وليس من يقوم بدور ضابط مرتشى يشوه صورة الداخلية، وليس من يقوم بدور تكفيري يشوه صورة الإسلام، لا تقف ياحمزة واكمل طريقك ومن هاجمك اليوم سيقف لك إحترامًا عندما ينادى اسمك فى المهرجانات العالمية.
نرشح لك
نسمة سمير تكتب: حنان مطاوع.. الساحرة ذات الشعر الغجري(شخابيط رمضانية 7)
شاهد: كيف ضلل إيهاب توفيق وهالة فاخر المشاهدين
دعاء فاروق تكتب: الكماشة رقم (١) في مصر.. قناة الحياة سابقًا
شارك واختار .. ما هو المسلسل الكوميدي الذي تتابعه في رمضان؟ أضغط هنـــا