‫إبراهيم عيسى‬ يكتب‬: كلاب السرايا

نقلًا عن “المقال”

الشعب المصرى شاف بلاوى كتيرة.

جرب واختبر وعاش وعايش وذاق المر من هؤلاء المنافقين الوصوليين الذين يتذللون لكل حاكم ولكل حكم، فأطلق عليهم هذا التعبير الشافى الوافى الموغل فى التاريخ والمشحون بالبلاغة.

قال عنهم كلاب السرايا.

نعم لكل عزبة أو قرية أو إقطاعية، قصر، سرايا تملأ العين وتحتل المنظر ويخرج من وراء أسوارها النفوذ والسلطان والفرمان والقرار، ولكل سرايا باشا، ولكل سرايا كلاب.

كلاب تحرس سيدها وتنبح على المقتربين منه، كلاب تركع لسيد السرايا وتنهش حين يأمرها خصومَه من الفلاحين الجرابيع أو من الباشاوات المنافسين.

والغريب العجيب المريب أن مصر البلد والشعب لا يمكن أبدا فى تاريخها أن تفتقد هذا النوع من الكلاب، كلاب السرايا.

هو الذيل الذى لا يتعدل أبدًا إذن.

وكلاب السرايا ليسوا أبدا فى زى الممثل صاحب الأدوار الغتيتة زين العشماوى فى فيلم «أدهم الشرقاوى»، حيث فلاح معجبنجى اغتر بكونه خادمًا لبنت الباشا فدفعه الفنان العظيم عبد الله غيث بسن البُلْغة وهو يلقيه أرضا لاعنًا إياه بكلب السرايا.

لا أبدًا.. كلاب السرايا فى أحوال كثيرة فى مصر تاريخًا وحاضرًا ببدل كاملة وكرافتات وعوينات وتحت الأمر، ينبحون أو ينهشون أو يدافعون أو يزفون سيد السلطة ويتمسحون بأقدامه ويجرون على الكرة حين يقذفها بعيدًا فيتنافسون فى إحضارها بين أسنانهم سراعا كى يضحك سيد القصر ويفخر بطاعتهم ورشاقتهم!

وكلاب السرايا غير كل الكلاب، فهى ليست وفية لشخص بل لمنصب، وليست وفية لسيدها بل لسيد القصر، وهى تستطيع أن تبيع ولاءها بسرعة وبهمة وتنتقل من قصر إلى قصر لأداء ذات الخدمة، وهى ليست كلاب حراسة لأنها ساعة الجد تهرب وتترك سيدها لمصيره.

وهى أنواع متنوعة كما كل الكلاب، منها الأسود والبُنى والأبيض والمنقَّط حسب اللون، ومنها القبيح والوسيم والمهندم والناعم والخشن حسب الوجه والشعر، ومنها المتخصص فى نباح قانونى وآخر سياسى وثالث إعلامى، وهم فى الغالب مطلوقون بغير سلاسل لأن سلسلتهم هى نظرة فقط من سيدهم تكفى!

ورغم كل ما حدث فى ولمصر خلال السنوات التالية لثورة خمسة وعشرين يناير، فإن كلاب السرايا لم يختفوا مع اضطراب البلد إطلاقًا وبقوا عند كل عتبة، يتحوَّلون إلى كل قصر بما فيه قصر الثورة.

حين ظنوا أن «شوية العيال» هم محركو «ثورة الشباب» فذهبوا إليهم ومعهم يلحسون ويتحسسون لعل هذا القصر يفتح بابه لهم فلما وجدوهم على باب الله فضلوا باب السلطان وذهبوا إلى المجلس الأعلى وهو ينتقل بنا فى الحكم من حكم مبارك إلى نفس حكم مبارك، ثم وهو يسلم البلد لديمقراطية الهيجان التى وضعت الإخوان فى القصر، فما كان من كلاب السرايا إلا أن جروا إلى قصر الجماعة وهم يعرفون أنهم يدخلون منافسة رهيبة مع كلاب الحراسة التى تملكها عصابة الإخوان، حتى ظهرت ثورة الشعب المصرى فى ثلاثين يونيو فلهثت كلاب السرايا للسادة الجدد.

وها هم يملؤون علينا حياتنا بل يرتعون فى كل مجال وحقل وفى كل وسط وكل دائرة، فى منصات كثيرة وعلى شاشات وفوق منابر وعند كل دابر!

ركِّز، انتبه، خد بالك، هل تسمعه؟

إنه نباحهم يملأ البلد!

نرشح لك

إبراهيم عيسى يكتب: لماذا لا يُعيِّن السيسي ياسر برهامي رئيسًا للحكومة؟

أبو تريكة: هؤلاء اللاعبون ساندوني بعد التحفظ على أموالي

محمد عبد الرحمن يكتب: الجمهور لا يرحم

شارك واختار .. من أفضل ثنائي في إعلانات رمضان؟ أضغط هنـــا

بنر الابلكيشن