لكل من استمتع بمشهد غواية ونوس لأسرة ياقوت، ولكل من استهوته ضحكات ونظرات وحركات وحتى رقصات ونوس، لكل من وجد نفسه في شخصيات عائلة ونوس ومن حولهم ممن حركتهم غواية ونوس، لكل من تغنى بسيناريو أفراح القبة، والصراع التقليدي بين الخير والشر على أنغام موسيقى تصويرية اعتبرتوها الأروع والأقرب لقلوبكم، أما آن أوان تحويل رواية “أولاد حارتنا” إلى مسلسل؟
أولاد حارتنا الرواية الأشهر في عالم نجيب محفوظ، والتي منحته جائزة نوبل، كما منحته صك الإلحاد والتحريض على القتل باعتباره مارقا زنديقا، والذي تحول إلى نصل سكين غرس في رقبته أمام باب منزله على يد شاب لم يقرأ الرواية حتى.
ألا تستحق عزبة الجبلاوي والحارة رسما تعبيريا بأيدي مهندسين ديكور يحولون رؤية سيناريست ماهر إلى واحة للالتفاف حول شاشات التليفزيون؟
تخيلوا معي عمالقة التمثيل في مباراة يومية، ومشاهد تخلب الأنظار وتتعلق بها القلوب وتلعب بأوتار العقول، تخيلوا عملاق في ثوب الجبلاوي المهيب، تخيلوا حاقد حاسد لا يعرف للحياة سبيلا سوى القسوة ومراودة البشر عن أنفسهم ووضعهم على سلالم طريق الغل والكراهية كما يفعلها إدريس الشاب المارق الذي رفض تفضيل والده الجبلاوي لشقيقه أدهم ابن السيدة السمراء عليه، ليخرج من عزبة الجبلاوي مطرودا في مشهد تمثيلي قد ينال مؤديه أعلى نسب المشاهدة على اليوتيوب.
تخيلوا أميمة الفتاة الجميلة التي تقع في حبائل إدريس وتغوي زوجها أدهم بمخالفة أوامر كبير العائلة، وتخيلوا رد فعله بطرد أحب أبنائه إليه من عزبته إلى أعماق الحارة.
تخيلوا مشهد مصرع همام على يد شقيقه قدري، الشقيقان أبناء أدهم وأميمة التي تحولت حياتهما إلى جحيم بإيعاز من إدريس الذي كرس حياته لتحويل حياة شقيقه أدهم الذي تسبب في طرده من عزبة الجبلاوي إلى مشقة، وتوعده أن تلقى ذريته مصيرا قاسيا.
تخيلوا الصراع الأبدي بين الفتوات وأهل الحارة، مرة تصعد الفتوات إلى قمة السلطة، ومرة يثور أهل الحارة ويسمون أنفسهم باسم منقذهم، سواء جبل أو رفاعي أو قاسم، ثلاثة من قادة الثوار ظهروا على مدار العصور المختلفة لإحياء عرش الجبلاوي في وجه الفتوات ومن خلفهم إدريس.
تخيلوا الجبليين آل حمدان بحياتهم وعاداتهم وتقاليدهم مرسومة في كادرات فنية متتابعة، وصراعهم اليومي مع الناظر وفتواته، حتى تنتهي الحكاية بمقتل الناظر وتسيد آل حمدان للمشهد تحت رعاية قائدهم جبل بعد حديثه الشهير مع الجبلاوي في قمة الجبل.
تخيلوا الرفاعيين وهم يحاولون إنقاذ حياة رفاعي من قبضة الفتوات الذين عادوا لصدارة المشهد بعد وفاة جبل واشتدت شوكتهم، بل تخيلوا معي مشهد الحيرة المتبادلة بين الرفاعيين والفتوات حول مقتل رفاعة من عدمه، وتخيلوا الجبلاوي وهو يرفع جثة رفاعة ليدفنها في حديقة العزبة حتى لا يمثل بها الفتوات.
تخيلوا القاسميين وهم يخرجون مع قاسم من الحي الذي تربوا فيه هربا من بطش الفتوات، وكيف نجح قاسم في هيكلة صفوفهم من جديد ليعود للحي الذي هرب منه منتصرا رافعا راية السلام والتعايش، وقبلها تخيلوا معي مشهدا عبقريا يجمع قاسم مستقبلا قنديل مبعوث الجبلاوي وهو يلقنه رسالة الجد الأكبر ويعرفه طريق الخلاص من سيطرة الفتوات، وتخيلوا مشاهد تجمعه بالمعلم يحيى وبالسيدة قمر التي أعجبت به وتزوجته رغم أنه كان يعمل لديها.
تخيلوا مشهد وفاة قاسم، وتولي صادق أمور الحكم في الحارة ومحاولاته لجمع شمل العقد الذي تناثرت حباته بعد وفاة قاسم، وكيف تحولت الحارة إلى أقسام صغيرة يرأسها فتوات كثر بعد وفاة صادق، وتندلع حروب ومناوشات وتسيل الدماء من جميع الأحياء دون ذنب أو جريرة.
تخيلوا مشهد ظهور عرفة بكتابه السحري ووصفاته التي خلبت عقول أهل الحارة، وكيف انبرى عرفة لإنهاء حياة الجبلاوي وذهب إليه في عزبته قاصدا هدم المعبد على رؤوس الجميع، لكنه لم يجد سوى خادمته التي لقيت مصرعها وحزن الجبلاوي على مصرعها تسبب في وفاته.
تذكروا الحرافيش والتوت والنبوت وليالي الحلمية وأفراح القبة، وحتى ونوس، تذكروا واطرحوا السؤال من جديد: ولماذا لا تتحول رواية “أولاد حارتنا” إلى مسلسل؟
معلومة أخيرة: الرواية تحولت بالفعل إلى مسلسل إذاعي عام 1970 على شبكة صوت العرب، كتبه عبد الرحمن فهمي وأخرجه حسين أبو المكارم، وشارك في التمثيل وقتها عمالقة يكفي فقط ذكر أسمائهم: عبد الله غيث وتوفيق الدقن وكريمة مختار وسميحة أيوب وعبد الرحمن أبو زهرة ومحمد رضا وأحمد توفيق وعلي الغندور، وكتب أغنيتها عبد الفتاح مصطفى ولحنها محمود مندور..
تقول الأغنية:
يا ولاد حارتنا
يا ولاد حارتنا
القصة حارة يا ناس
والعهدة ع الراوي
حارة في حضن الجبل
ولا فيها غير حاوي
ما بين فتوة وناظر
وقف ومخاوي
وولاد حارتنا إخوات
بس في السكة بلاوي..
لينك المسلسل الإذاعي
نرشح لك
أبو تريكة: هؤلاء اللاعبون ساندوني بعد التحفظ على أموالي
محمد عبد الرحمن يكتب: الجمهور لا يرحم
شارك واختر.. من أفضل ثنائي في إعلانات رمضان؟ اضغط هنـــا