نقلاً عن “البوابة”
من قبيل «المحن الفكرى» أن يطالب البعض بإخضاع ظاهرة متابعة مسلسل محمد رمضان «الأسطورة» إلى التحليل النفسى والاجتماعى، على اعتبار أن ما يحدث فى الشارع من تفاعل معه أمر غريب ومستفز، فالناس يتفاعلون معه وكأنه يعيش بينهم، وليس بطلًا دراميًا عابرًا، أطلق الناس الزغاريد عندما حصل «ناصر الدسوقى» على البراءة، وصفقوا له عندما قتل قاتل أخيه.
جمهور محمد رمضان متنوع ومختلف ومتناقض، لكنه يتفق فى درجة الاهتمام والمتابعة للبطل الذى يأخذ حقه بذراعه، يرتكب أخطر وأعتى الجرائم دون أن يدخل السجن ولو ليوم واحد>
المفتونون بمحمد رمضان فئات مختلفة منهم.
بلطجية يريدون أن يسيروا على خطى البلطجى الذى يقدمه لهم على الشاشة، البلطجة فى النهاية سهلة، صاحب لا يلتزم بشىء، يعتقد أن العالم كله ملكه.
مظلومون عجزوا عن الوصول إلى حقهم بالقانون، فمنحهم فكرة أن يأخذوا حقهم بالقوة، بل أوهمهم أنهم يمكن أن يفعلوا ذلك دون أن يدخلوا السجن يومًا واحدًا.
ضائعون بلا هدف محدد فى الحياة، يجدون أمامهم من يحقق كل ما يريده دون أن تكون لديه مؤهلات، لا يبذل جهدًا، اللهم إلا اختراق القانون واللعب بكل الأوراق والبشر.
أطفال ينبهرون بنموذج القوة الذى يستطيع صاحبه أن يفعل كل وأى شىء، يأخذون منه قدوة ومثلا.
نساء محبطات من رجال لا يشعرون بهم فى مقابل بطل شهم وأصيل وحنين.
كل ما فى الأمر أن هذه الشخصية المشوهة التى يقدمها محمد رمضان فى الأسطورة (وهى تنويع على الشخصيات التى قدمها قبل ذلك فى أفلامه ومسلسلاته) نجحت كل هذا النجاح، لأن السياق العام مشوه، المجتمع كله يعانى من خلل فى القيم والمعايير، ومن الطبيعى أن يصبح هذا البلطجى هو النموذج الأعلى الذى يسعى الجميع إلى التماهى معه، والاحتفاء به.
لا أضع محمد رمضان وناصر الدسوقى فى كفة واحدة، فرمضان فى النهاية ممثل مجتهد، يعمل على نفسه بشكل جيد، لكن يبدو أنه خضع للحالة التجارية التى قررت استغلاله فى لون واحد، وتقديمه كبطل شعبى، لا يحترم القانون بقدر ما يلعب به، يداعب خيال الناس بأنهم يمكن أن يكونوا أقوى وأغنى، لمجرد أنهم يريدون ذلك، دون تعب ولا مجهود ولا التزام.
محمد رمضان فى النهاية ليست بدعة، سبقه إلى هذا النموذج كثيرون، وراجع أفلام عادل إمام وأحمد زكى، فى كثير منها، وفى لحظة يأس كانوا ينفذون القانون بأيديهم، ينتقمون من القتلة والفاسدين بطريقتهم الخاصة، لأن القانون وقف عاجزا أمامهم.. فعلوا ذلك دون أن يمثلوا خطرًا كبيرًا على المجتمع، الذى كان لا يزال واقفًا على قدميه، وكان يرى فيما يحدث أمامه أعمالًا درامية، ينفسون بها وفيها عن عجزهم.
الآن الوضع مختلف للدرجة التى لا أبالغ فيها إذا قلت إن محمد رمضان بما يقدمه فى مسلسله الأسطورة – وما قدمه قبل ذلك – يمثل خطرا على الأمن القومى، القانون الآن فى أضعف حالاته، الناس فى حاجة لمن يشجعهم على أن يكونوا هم القانون، وإذا بممثل شاب محبوب ومشهور منحه الله قبولا، يقدم لهم الطريقة التى ينفذون بها ما يريدون.. فهل تنتظرون خطرًا أكبر من هذا.
لا أطالب بمنع مسلسل أو توجيه ممثل أو محاصرة منتجين، فالحل ليس فى المنع، ولكن فى الوعى، ستقول إن الناس تعرف أن ما يشاهدونه مجرد مسلسل، ممثل يقوم بدور، وليس معقولًا أن يفعلوا مثله.. لكن حالة الهيستريا التى تصاحب محمد رمضان وأبطاله الدراميين تلفت الانتباه، لا تحتاج دراسة كما يقولون، بقدر ما تحتاج إلى مواجهة واضحة وصريحة، فبطل الأسطورة ليس هو البلطجى الوحيد، كلنا كذلك، وليس هو فقط من يتجاوز القانون، بل كلنا كذلك، وليس هو من سيحول البلد إلى غابة، كلنا نفعل ذلك.. فهل نواجه أنفسنا أم ننتظر الأسوأ؟
أعتقد أننا ننتظر الأسوأ بالطبع.
نرشح لك
أبو تريكة: هؤلاء اللاعبون ساندوني بعد التحفظ على أموالي
محمد عبد الرحمن يكتب: الجمهور لا يرحم
شارك واختار .. من أفضل ثنائي في إعلانات رمضان؟ أضغط هنـــا