يعرف كل من مرّ بتجربة عمل على خشبة المسرح، الدور الكبير الذي تلعبه الإضاءة دراميا وفنيا، فهي قادرة على إظهار جمال النص وإمكانيات المخرج، أو إفسادهما تماما، أما في السينما والدراما التليفزيونية فالأمر يختلف بعض الشيء، حيث تكون الكاميرا هي البطل، وتظهر قدرات المخرج في قدرته على تحريكها واختيار الزوايا المميزة التي تخدم رؤيته الجمالية والدرامية، بينما تلعب الإضاءة هنا دورا ثانويا في خدمة الكاميرا، كما أن له الكثير من الحسابات المعقدة علميا.
هنا تظهر عبقرية استخدام الإضاءة في أفراح القبة، فالنص المعقد دراميا يستغل المسرح كمكان وكوسيط للأحداث، ومحور ارتكاز للنقلات الزمانية والمكانية أيضا، أضاف المخرج محمد ياسين ومدير التصوير والإضاءة عبد السلام موسى غلالة صفراء باهتة تغطي كل المشاهد، تذكرني بلون الصور العتيقة (السيبيا)، وكأنه يريد أن يعرّي كل الشخصيات عن رتوش الألوان المبهجة، ويخرج كل المرارة على وجوههم المتعبة، كل الوجوه مرهقة، يزيد البهتان من تجاعيدها، حتى عندما يلجأ لإضاءة الجانب المظلم منها، تأتي الظلال قاتمة في وجه المشاهد، لتؤكد على السواد الداخلي للشخصيات.
لم يكن من الممكن أن تلعب الإضاءة منفردة، أو أن تؤدي إلى هذا الأثر لولا مساعدة باقي الألوان لها، يخدعنا المخرج بمساعدة مهندس الديكور محمد عطية ومصممة الملابس مونيا فتح الباب، فنتصور للوهلة الأولى أن هناك فوضى من الألوان، لكن مع متابعة المشاهدة تكتشف أنه حتى الألوان المفترض بها أن تكون مبهجة (مثل الأحمر أو الأخضر)، تبدو “مطفيّة”، يغلفها لون السيبيا فتثير الشجن وتستدعي مرارة الحنين إلى الحلق، تتضامن الألوان مع الإضاءة في إضافة حالة من التوتر تتناسب مع الجو المشحون طوال الوقت، ليؤكدوا جميعا دورهم الدرامي القومي إلى جانب دورهم الفني المميز، ويذكرونا بخشبة المسرح التي نؤدي أدوارنا عليها قبل أن نتحول إلى صور عتيقة باهتة.
نرشح لك
أريج عراق تكتب: ونوس.. الذي خيّب أملي
أبو تريكة: هؤلاء اللاعبون ساندوني بعد التحفظ على أموالي
محمد عبد الرحمن يكتب: الجمهور لا يرحم
شارك واختار .. من أفضل ثنائي في إعلانات رمضان؟ أضغط هنـــا