نقلًا عن جريدة “الشروق”
فى الحلقات الأولى، يظهر الشقيقان، رفاعى وناصر الدسوقى، بأداء ممثل واحد: محمد رمضان، بوجهه المصرى القادم من أحراش الحياة، لكن ملامحهما، وطباعهما تختلفان فى تفاصيل يوفق فناننا فى التعبير عنها.. رفاعى، الأخ الأكبر، أضخم قليلا، معتدل القامة، راسخ الخطوات، مفتول العضلات، حليق شعر الرأس، له لحية خفيفة، فاحمة السواد، تلتف من جانب الأذنين، تتواصل فوق شفتين غليظتين.. ناصر، ناعم البشرة، كثيف شعر الرأس، يرتدى قميصا أبيض تحت جاكته فاتحة اللون، لا علاقة لها بالمعطف الأسود الذى يتدثر به رفاعى، ناصر، صاحب ابتسامة صافية، لا تفارق وجهه، ينظر باحترام إلى شقيقه الذى تفيض عيناه بالمحبة.
يدور بينهما حوار يذكرنا بالمواجهة بين فريد شوقى وعمر الشريف فى «بداية ونهاية»، حين توجه الأخير إلى بيت شقيقه المشبوه طالبا مساعدة مالية تمكنه من مصروفات كلية الشرطة، كلاهما فى طريق مناقض للآخر، فريد شوقى المنغمس فى الجريمة، عمر الشريف يتجه لقوى الأمن.
هنا ناصر تخرج فى كلية الحقوق، فى انتشار مشحون بالقلق لقبوله بسلك القضاء، خاصة أنه حاصل على أعلى الدرجات طوال دراسته.
لكن يؤرقه الوضع الإجرامى لشقيقه الذى يعمل سرًا، فى تصنيع السلاح، داخل ورشة خراطة، تحمل اسم «الأسطورة» ورثها عن والده ــ يضع المسلسل صورة عبدالله غيث ،الأب، كمؤسس المكان – رفاعة المتجهم، يطمئن ناصر، يخطره بتدخل الكبار من أجل قبوله فى عالم العدالة.
رفض قبول ناصر سلك القضاء يدخل المسلسل فى مرحلة جديدة، كاتب السيناريو، محمد عبدالمعطى، يلقى بعدد من الخيوط، بتفريعات متنوعة، ينسج بها ثلاثين حلقة، فثمة صدمة «ناصر» بفشل مشروع زواجه من الثرية، تمارا «ياسمين صبرى» بسبب مستواه الاجتماعى طبعا، سيلتقى بها بعد عشرين حلقة وقد أصبح مليونيرا، إلى جانب كمية كبيرة من بنات، لهن علاقات ومشاكل، داخل وخارج أسرة الدسوقى، هناك الصراع القديم، المتجدد، بين رفاعي وناصر من ناحية، وأسرة «النمر» المنافسة فى تصنيع السلاح.. صراع موروث، أبًا عن جد، يندلع على طريقة حرب عائلات المافيا، فى الأفلام الأمريكية، حيث يلجأ كل طرف للتآمر، الدسائس، الاستعانة بالسلطة وأصحاب النفوذ، المطاردات، المواجهات، بقبضات الأيدي والكراسى وعمدان الحديد، التصفيات الجسدية، إضافة إلى المهانة، حيث يقوم أحد الأطراف بإجبار آخر على ارتداء قميص نوم حريمى، فى عرض الطريق.
المخرج محمد سامى، يسرف فى تقديم العنف، باستمتاع، لدرجة تأمله للثقوب الدامية فى جسم رفاعي، عقب إطلاق وابل الرصاص الغادر عليه. هذا التجسيد الفج للقتل ينم عن مهارة حرفية، لكن بالتأكيد، يشير إلى غلظة الذوق، بالإضافة لفقر الخيال وقدرته على التعبير المرهف، الذى يتحاشى الوقوع فى قبضة الرصد الفج للحظات الموت.
أسرة «النمر، تصفى رفاعة «يحل مكانه ناصر»، الوديع، خريج الحقوق، الذى ينغمس فى تصنيع السلاح، يزج به فى السجن.. وراء القضبان يتحول إلى «رفاعي»، حتى من ناحية الشكل: يحلق شعر رأسه، يترك لحية خفيفة، يرتدى بعد خروجه من السجن، ذات الملابس السوداء، ينغمس فى تصنيع السلاح، خفيفة وثقيلة، محاكيا ومقلدا أفضل ما قدمته ترسانة السلاح الروسى، مشاركا كبار الفاسدين المصريين. ثم، بلا تردد، ينخرط فى تهريب الآثار إلى الخارج يغدو مليونيرا.. لا يشق له غبار.
جوهريا يعد «رفاعي» وغدا كامل الشروط، لكن المشكلة أن المسلسل، للأسف، بقصد أو من دون قصد، ينجح فى إثارة التعاطف معه، والإعجاب بكلامه المضمخ بالحكم، فبينما لا يلتفت العمل الطويل إلى ضحايا السلام من الأبرياء، يقوم بتوقير شديد، علاقته النبيلة مع بنات أسرته، وأرملة شقيقه، وزوجته، وأخته الرعناء «سماح» ــ بأداء متميز من نسرين أمين ــ ويسمو بعلاقته مع والدته، توحه، «فردوس عبدالحميد»، بقدراتها العاصفة.. إنها بالنسبة لناصر، كما كانت عند رفاعة، الطاغية المعبودة، كلاهما، يبجلانها، لا يرفضان لها طلبا.
إنها علاقة إنسانية، شفافة، تدفع المشاهد نحو الإعجاب بأخلاقيات ذلك الموغل فى الإجرام، هنا بؤرة التصدع، فكريًا وأخلاقيًا، فى «الأسطورة»، الذى يجرى فى الاتجاه الخطأ.
نرشح لك
بالصور: فنانون وإعلاميون وكتاب ونقاد في ضيافة إعلام.أورج
تعرف على أظرف أم في إعلانات رمضان
شارك واختر.. من أفضل ثنائي في إعلانات رمضان؟ اضغط هنـــا