د. محمد صلاح البدري يكتب :هل رحلت ليليان؟!

الأمر لا يدعو للسخرية بقدر ما يستدعي البكاء.. فاستيقاظ المجتمع بأكمله علي خبر إنهاء التعاقد بين المذيعة المثيرة للجدل ” ليليان داود ” و مجموعة قنوات ” أون تي في ” ربما يضفي علي الأجواء الرمضانية الصائمة جوًا حزينًا بعض الشيء ..ولم لا.. فليليان ليست مذيعة عادية تحمل المؤهلات الطبيعية لهذا العصر من جمال صارخ أو حتي لغة سليمة.. كلا..إنها جزء من تاريخ محبب للكثيرين .. تاريخ نتذكره بحميمية تثير قنواتنا الدمعية حين نتذكره مصحوباً بأغنية محمد منير ” إزاي” ..و مشاهد ميدان التحرير الممتلئ.. فضلا علي كونها مثقفة من الطراز الأول الذي لا تجد مثله كثيراً علي شاشات التلفاز.

ربما تختلف أو تتفق مع ما تقدمه من موضوعات.. و ربما تعترض علي انحيازاتها التي لم تخجل من إظهارها بمهنية و حرفية أقل ما يقال عنها أنها رائعة.. إلا أنك تكتشف أنك مجبراً علي احترامها.. باختصار إنها نموذج لم يعد موجوداً علي شاشاتنا كثيراً هذه الأيام !

كل هذا ربما يجعلك تتحسر علي أنك لن تري برنامجها مرة أخري علي تلك الشاشة ذات العلامة الصفراء ..و لكن مهنيتها و تميزها يجعلك تعرف يقيناً من داخلك أنك ستراها قريباً علي شاشة أخري .. فقط تتحسر علي تلك القناة التي انحازت للثورة منذ لحظاتها الأولي .. و تبدأ في تذكر تلك الأيام الخوالي التي كنت تهرع فيها لتلك الشاشة تحديداً حتي تتيقن من خبر ما اختلفت عليه المصادر ..و أنت واثق أنك ستجد اليقين لديها!

كل ما سبق ربما يستدعي الحزن .. أو ربما الغضب.. و لكن المفاجأة كانت أن يتم ترحيل تلك المذيعة بعد إنهاء تعاقدها بساعات .. و كأن عقدها مع القناة هو ما كان يمنع أجهزة الأمن و مصلحة الجوازات عنها!! الواقع أن معلوماتي القانونية محدودة .. و لا أعرف إن كان لديها الحق في الإقامة مع ابنتها “المصرية” أم لا.. و لكنني متأكد أنه من المستحيل أن ينص قانون ما علي ظهر الأرض أن تترك أم ابنتها ذات الست سنوات و ترحل بهذه الطريقة .. دون حتي أن يسمح لها باصطحابها معها..!

الأمر بدا و كأن البعض “ماصدق” و تحرك بسرعة دون تفكير أو حساب ما سوف ينتج من ردود أفعال حول ذلك التصرف الذي أقل ما يقال عنه أنه “أهوج” و غير مدروس.. فضلاً عن إنكار معظم الجهات معرفتهم بما حدث لها و التنصل من مسئوليتهم عما حدث.. و هو ما أكد لي أن الأمر لا علاقة له بالقانون .. كالمعتاد في بلادنا!!

لقد رحلت ليليان عن مصر في رد فعل مباشر و صريح علي توجهها السياسي الذي لم تخجل هي منه يوماً..هذا واضح للجميع.. فهل من قرر أن ترحل بهذه الصورة قد ضمن أنها لن تقدم برنامجاً آخر يحمل نفس التوجه ؟! هل يظن أنه قد أسكت ليليان بهذه الصورة؟!

الحقيقة أن الاجابة ربما تحمل رداً مخجلاً.. فقد صدر صورة للعالم كله مفادها أن النظام غاضب مما كانت تقدمه .. و دون أن يملك وسيلة للسيطرة عما ستقدمه بعد ذلك تماماً.. باختصار لقد وضع صاحب القرار نظاماً كاملاً في مأزق سخيف صعب التبرير .. و في الوقت نفسه لم يتمكن من الحصول علي ضمانة واحدة لإسكاتها أو حتي هزيمتها سياسياً..! حتي محاولة نقل تبعية الأمر إلي جهة سيادية – والذي أشك فيه تماماً لأسباب عديدة يطول شرحها- لم يغير من الامر شيء!

لقد تم ترحيل ” ليليان” من مصر .. هذا جيد.. و لكن هل رحلت ” ليليان”؟ هذا هو السؤال الذي لا أعتقد أن إجابته التي ستظهر في الأيام القادمة ستسعد صاحب هذا القرار!

نرشح لك

محمد صلاح البدري يكتب: من يشعل النار؟!

بالصور : فنانون وإعلاميون وكتاب ونقاد في ضيافة إعلام.أورج

10 اختلافات بين جراند أوتيل المصري والأصل الإسباني

شارك واختار .. ما هو “أسوأ” مسلسل في رمضان 2016 ؟ أضغط هنـــا

بنر الابلكيشن