مع ظهور شبكات التواصل الاجتماعى وبداية انتشارها الكبير فى مصر منذ عام 2007 بدأ يلوح فى الافق منافس قوى للفضائيات والمسلسلات التليفزيونية، لان كثيراً من الناس اصبحوا يقضون وقتاً طويلاً على مواقع التواصل الاجتماعى خصوصاً قبل النوم او بعد الاستيقاظ مباشرة وهى ما يطلق عليها المصريون (فترات الانتخة)، او خلال اى ساعات انتظار سواء فى المواصلات او عيادات الاطباء او فى السيارات او حتى فى العمل !!
ولا احد يستطيع ان ينكر ان انتشارالانترنت وبالتحديد مواقع التواصل الاجتماعى وسهولة الوصول اليها من خلال اجهزة الموبايل السمارت شقلبت حال رمضان، واصبح رمضان بعد الغزو الرباعى من الانترنت والفضائيات والموبايلات وشبكات التواصل الاجتماعى رمضان تانى غير اللى احنا نعرفه كابناء لفترة الثمانينات او ما قبلها، لانه صحيح ان رمضان زمان كان له طقوس متغيرة لكنها كانت تدور جميعاً فى اطار لمة العيلة او الاجواء الروحانية والانسانية، لكن الان بدأت تظهر روح الفردية والانعزال واصبح الجميع يعيش مع موبايله اثناء مشاهدة البرامج والمسلسلات وحتى مباريات كرة القدم !!!!
ساهم فى زيادة الاقبال على شبكات التواصل الاجتماعى فى رمضان مجموعة من الطقوس التى اصبحت تميز الموسم الرمضانى على الفيسبوك، ومنها الفتاوى الرمضانية التى باتت اشبه بالزائر الذى يظهر قبل ومع بدايات الشهر الكريم، كل شوية تظهر فتوى جديدة وغريبة وكان منها هذا العام فتوى الشطاف والافطار، والعجيب انك تجد عنوان مدهش على جوجل وهو حكم الشرع فى استخدام الشطاف فى نهار رمضان !! ورغم غرابة وازعاج فتوى الشطاف لكن الاغرب منها كان فتوى خاصة بمن يشم وهو صائم رائحة الطعام باشتهاء وردد البعض اعتبار ذلك من المفطرات !! وهو ما عبرت عنه بعذوبة المذيعة “سارة حازم” فى بوست لخص القصة فى جملة بديعة وهى (احم.. هو فيه ايه ؟ هو احنا بنتعرف عالصيام من اول وجديد؟)، عندما اعادت نشر بوست على صفحتها الشخصية منقولاً عن جريدة الوطن عن حكم شم رائحة الطعام والعطور اثناء الصيام ؟!
كذلك اصبح من اشهر طقوس الفيسبوك الرمضانى صور السيلفى فى العزومات سواء الخاصة او العامة، وخصوصاً تلك التى يحتشد فيها المشاهير كحفلات افطار القنوات الفضائية او الصحف او شركات الانتاج او حتى اى تجمع لابناء مهنة واحدة او اى مجموعة اصدقاء، وبعدها تفاجئ بطوفان من السيلفى لتلك العزومات يغزو الفيسبوك لدرجة انك تجد بعض من يطمحون فى الوصول للشهرة من شباب الاعلاميين او الفنانين يحشرون انفسهم فى اى عزومة والسلام حتى يصل لديك اعتقاد بان بعضهم بيفطر كل يوم بره البيت !!
ثالث الطقوس الرمضانية الفيسبوكية هى قصة تصوير الاكل وهى ظاهرة لا استطيع ان استوعبها حتى الان، يعنى اى واحدة تطبخ حاجة او تعمل حاجة حلوة تصورها وتنزل صورتها على الفيسبوك وفعلاً الموضوع ده محتاج تحليل نفسى، والاغرب انك تلاقى ناس مصورة سفرة الاكل سواء فى البيت او فى مطعم وبرضه الاهداف مجهولة !!!!
لكن اغرب طقوس الفيسبوك فى رمضان هى البوستات التى تشيد بنوع معين من الاكل او الحلويات باعتباره سابق عصره واوانه !! واعترف انى قديماً انزلقت الى مستنقع الترويج للكنافة بالمانجا قبل ان يحدث غزو كنفانى وهجمة شرسة من الكنافة بالكريز او النوتيللا او البلح والكارثة فى الكنافة بالجبنة، بالمناسبة الكنافة بالجبنة ديه عاوزة تأهيل نفسى قبل ما تاكلها علشان ما تتصدمش !! وبصراحة لو كنت عارف ان ديه اخرة الترويج للكنافة بالمانجا مكنتش اشتركت فى تلك الجريمة مكتملة الاركان لكن القانون لا يحمى المغفلين !! ولازلت اذكر بوست للمخرج المبدع “تامر عزت” (اكد فيه انه كلاسيكى ويرفض اى اضافات على الكنافة باستثناء الاضافات التقليدية كالمكسرات)، وطبعاً بما ان مجتمع الفيسبوك بيموت فى لعبة (مع وضد) ظهرت ناس اعتبرت نفسها محامية عن الكنافة بالمانجا وبتدافع عنها بهستيريا وناس تانية لعبت دور المعارضة وعددوا فى مساوئ الكنافة بالمانجا وناس تالتة تلاقيهم معارضة كرتونية يشتموا فيها من غير ما حتى يجربوها لمجرد ركوب الموجة.
وكانت مفاجأة بالنسبة لى السنة ديه بعد ان اتحرقت قصة الكنافة بالمانجا او الكنافة باى حاجة فى رغيف، ان تنتقل المعركة الى واحد من اشهر المشروبات التاريخية فى مصر وهو مشروب العرقسوس، عندما رمى احدهم افيه فى بوست تم تداوله بكثرة لدرجة ان كاتبه الاصلى تاه فى زحام وغياب حقوق الملكية الفكرية على الفيسبوك، ومع بعض الاصلاحات الاملائية نص البوست (أول واحد عمل العرقسوس، وعمله بالطريقة دي وشربه لقاه وحش بس مرضيش يكسف نفسه، وكابر وقال عليه حلو وولاده بردو مرضيوش يكسفوه، وقالوا عليه حلو مع انهم كانوا بيتألموا وهما بيشربوه، وفضلت فكرة العند تتورث من جيل لجيل لحد ما وصلت لايامنا دي، كل الناس اللي بتشرب عرقسوس بيتألموا بس بيكابروا، أما العرقسوس وحش وهيفضل طول عمره وحش واكتر مشروب مؤرف)، وبعدها انطلق طوفان من المعارضين للعرقسوس وكل واحد عنده كلمة بدأ يرميها على العرقسوس الغلبان، اللى يقول مش باطيقه ومش باطيق ريحته !! واللى تقول عامل زى الصابون !! وتطور الهجوم واصبح يستهدف من يشربون العرقسوس انفسهم، مما اضطر هولاء لاتخاذ موقف الهجوم بديلاً عن الدفاع وبدأوا ينشروا بوستات عن الاهمية الطبية والصحية والتاريخية للعرقسوس، وعبر احدهم عن شراسة المعركة فى بوست يعبر عن اندهاشه مما يحدث (فتحت الفيسبوك حالاً لقيت اول 3 بوستات والله تحت بعض:
حد بيقول جدير بالذكر ان العرقسوس تاني اسوء مشروب بعد مياه المجاري.
البوست اللي بعده:
العرقسوس اعظم مشروب واعظم من ماء الدهب.
البوست التالت:
اديني سبب واحد يخليك تحب العرقسوس ؟!
هو العرقسوس عمل ايه يا جماعة النهاردة علشان الناس كلها تجيب في سيرته؟!)
والغريب ان مشروب العرقسوس معروف فى مصر ربما من مئات او الاف السنين وطول عمر العرقسوس فيه ناس بتحبه وناس ما بتحبوش وكانت الامور ماشية عادى وعمر الموضوع ما تحول لحدوتة غير فى ايام الفيسبوك الغبرة، وزمان كان اللى مش بيحب العرقسوس بيشرب كركديه او تمر او دوم او خروب او حتى يشرب فينيك او ميه نار مش قصة يعنى !!
مش عارف ليه لما قريت الحرب الدائرة على العرقسوس تذكرت الكاتب الكبير “جمال الغيطانى” ومجموعته القصصية “ذكر ما جرى” التى درسناها فى مادة الادب العربى فى العام الاول فى كلية الاعلام، وكان بها قصة قصيرة ساخرة بعنوان “الترام” عن رجل قدم نفسه فى مقابلة تليفزيونية على انه مؤسس “جمعية اصدقاء الترام”، وبدأ الجميع بعدها فى البرامج والصحف يعددون اهمية الترام وتاريخه وضرورة المحافظة عليه من الانقراض والترويج لاسباب غريبة للتأكيد على اهمية الترام، ومنها التحقيق الطريف الذى نشر فى صحيفة الاخبار عن الجلوس داخل الترام، (وقال التحقيق ان راكب الترام يواجه الجالس امامه ويتلاحم بالمجاور له وهذا ما لا يجرى فى الاوتوبيسات، سئل بعض علماء الاجتماع الذين ابرزوا الجوانب الايجابية والاثار المترتبة، وتعميق المشاعر الانسانية والروح الاجتماعية فى عصر توشك فيه الالة على افساد كل ما هو انسانى وجميل، وقال احد اساتذة الفلسفة بجامعة عين شمس ان الجلوس فى الترام ينفى عنصر الاغتراب لدى الانسان، وركز علماء النفس على الاثار السيكولوجية المترتبة على تقارب الناس وشعورهم بايقاع السير البطئ وعلاقة ذلك بالحد من نسبة القلق والشعور بالاكتئاب، وتحدث احد اطباء القلب عن علاقة ايقاع السير البطئ للترام وضمان عدم توقفه المفاجئ بسلامة القلب واكد ان الانتقال بالترام افضل وسيلة لمرضى القلب، ونشر صورتين علميتين الاولى لقلب مريض استخدم وسائل المواصلات كلها عدا الترام والثانية لقلب رجل لم يركب الا الترام)، ووصل الهوس (وفقاً لرؤية “الغيطانى” الساخرة) الى درجة اعلان الدولة انشاء وسام الترام بمختلف الطبقات واطلاق بعض الناس اسم ترام على ابنائهم !!!!
وطبعاً لا يمكن ان انسى اسلوب استاذ الادب العربى (الذى للاسف لا اتذكر اسمه) وتحليله لتلك القصة عندما اكد ان المجتمعات عندما لا تجد قضايا مهمة تتناقش حولها فانها تخترع موضوعات تافهة لتصبح محور الحديث، وهى نظرية ملأ الفراغ المجتمعى باى موضوع مهما كان تافهاً حتى ينصرف الناس بذكاء عن الامور الجادة والمهمة، ولحد كده ومضطر اسيبكم علشان ازيط فى الزيطة لانى ناوى اكون مؤسس “جمعية اصدقاء العرقسوس”، باعتبارى من كبار مدمني المشروب الرائع ده ويمكن كمان الزهر يلعب معايا والجمعية تتشهر !!!!!!
نرشح لك
وليد رشاد يكتب: “يونس ولد فضة”.. حينما يعود الحوار بطلاً
داعية إسلامية تعنف متصلة: دا تهريج!
مهرجان إعلام.أورج ..أفضل 9 ممثلين في رمضان 2016
مهرجان إعلام.أورج .. أفضل 9 ممثلات في رمضان 2016
شارك واختار .. ما هو “أسوأ” مسلسل في رمضان 2016 ؟ أضغط هنـــا