ها قد انتهت أيام شهر رمضان المقترنة اقترانا عميقا غائرا بالمنافسات الدرامية، فكل ممثل أضحى يستميت ويثابر أملا في التواجد على الشاشة الفضية في ذلك الشهر الاستثنائي، لا لشئ إلا لكي ينافس إلى جوار عدد كبير من الفنانين على استقطاب عيون المشاهدين وأذهانهم إلى أعماله الدرامية حتى صار ذلك الشهر هو مكتشف المواهب التمثيلية ومصدرا للرزق للكثير من صغار الفنانين، فإذا بحثنا العدد الصادم للمسلسلات المعروضة في رمضان الماضي سوف ندرك مدى أرباح هذه الصناعة وفوائدها الاستثمارية في تلك الفترة الضئيلة من السنة التي توفر الكثير من الوظائف من خلال تشغيل عمال في مهن متعددة، ربما بدونها تتضخم أعداد العاطلين في وطننا.
الآن أستطيع أن أؤكد وصولنا إلى عصر تسيد الدراما على الحياة، فمن الناس من لا يستطيع أن يمرر يومه إلا وقد شاهد حلقة تمثيلية أو فيلما سينمائيا أو مسرحية كوميدية، ما يدعونا إلى التساؤل عن نتائج هذه السيادة الدرامية بشكل عام على حياة المشاهدين ومشاعرهم، فبرغم ملء الفراغ الذي أحدثته الأعمال الفنية في حياة المصريين إلا أن سد ثقوب الفراغ بهذه الكيفية وحدها دون سواها يستقرئ نقائص نفسية وثقافية لدى الكثيرين، لابد أن نبحث لها عن مخارج وإلا ظللنا في تأخرنا الثقافي إلى مدى الأيام.
لقد تابعت باهتمام الحالة الدرامية الرمضانية السابقة فلاحظت مدى تأثر الناس بها، رجالا ونساءا، أطفالا وشبابا وشيوخا، ولعل هذا التأثر ظهر بشكل مبالغ فيه لدى الشباب الذين ينتمون إلى الشرائح الدنيا من المجتمع، كنتيجة لمتابعتهم الأعمال الدرامية المحاكية للبلطجة أو العنف، ما يعتبر من قبيل التعويض عن النقص النفسي الذي طالما عانى منه الشباب المصري في ظل الانسداد الوظيفي والتجاهل الإبداعي لهم وشعورهم بالظلم بوجه عام.في مجتمع يعلي من شأن الفساد والفاسدين ويقزم من الشرف ومن يملكوه.
لكن وبعيدا عن النقد التقليدي للأعمال الدرامية، فإن نتائج التعاطي المجتمعي المبالغ فيه مع الأعمال الدرامية لا يمكن أن يترك بغير تحديد للأهداف المرجوة من هذه الفنون، بدون فرض رقابة من أي نوع عليها، لأن الرقابة تضر أكثر مما تفيد، فمن يظن أن القيود الفنية تحرر المجتمع من الهلاوس المعرفية كمن يظن أن حبس الطفل في غرفة مظلمة يدفعه إلى النضج العقلي.
الشعور بالمسؤولية لابد أن يتولد من صناع الدراما أنفسهم، فمن غير المنطقي أن يخلو أي عمل إبداعي من الأهداف، حتى الكوميديا التي تبدو تافهة للبعض هي هدف في حد ذاتها، لكن يمكن للمؤلف أن يجعل منها كوميديا بناءة وأن يجعلها هادمة للأخلاق والمبادئ.
تعتبر الإثارة عنصر أساسي عليه يستند المنتجون لضمان أرباحهم المأمولة من التجارة الفنية، تلك الإثارة في حد ذاتها غير محرمة أو معادية للأخلاق، فمن الممكن أن تصنع عملا فنيا إبداعيا متفردا مثيرا للاهتمام ومثيرا للاحترام أيضا بدون أدنى تحريض على العنف أو العري او الإسفاف، من خلال معالجة درامية راقية لا تخلو من مشاهد واقعية من المجتمع، تعرض السلبيات لكنها تعالجها بأسلوب يدفع المشاهدين إلى كراهيتها لا إلى التماهي معها والسير على خطاها، هذا التصور لا يصح فرضه على العاملين بالحقل الفني بل لابد أن يخرج من أعماقهم بقناعة تامة ورضا كامل، إلى حين الخروج من أزمة الانبطاح الثقافي والمعرفي التي يعاني منها المجتمع، عندها سيكون المشاهد المصري قائدا لإرادته، وقائدا واعيا للفن المصري.
نرشح لك
كيرلس عبد الملاك يكتب: إيجابيات إعلامية في أزمة “سيدة المنيا”
حكاية المتهم البريء في تفجير الحرم النبوي
محمد ممدوح ..لماذا يحمل اسم “تايسون”؟
بالفيديو : أحمد الطيب يعود على هذه القناة
القائمة الكاملة لنجوم مهرجان إعلام.أورج – رمضان 2016
شارك واختر .. من الممثلة الشابة الأكثر جاذبية في رمضان 2016؟ اضغط هنـــا