عندما تتابع مسلسل مثل جراند أوتيل تتأكد تماما أن الاقتباس من عمل فنى أجنبى ليس هو المشكلة فى حد ذاته فالمشكلة فى ألا يكون لديك بصمة خاصة تضعها على العمل الفنى تجعله يظهر بشكل مغاير وروح مختلفة عن العمل الأصلى .. فالأفكار فى الأغلب تتشابه والمبدع الحقيقى هو من يقدم من خلال نفس الفكرة رؤية او حالة فنية جديدة وهذا بالضبط ما نجح الثنائى الرائع جدًا ( تامر حبيب – محمد شاكر خضير ) وكل من يقف وراء هذا العمل فى صنعه بإتقان شديد فامتلكوا القدرة على التأثير فى المشاهد من خلال صورة جميلة جاذبة وسيناريو متقَن ومشوق وديكور مبهر دون تكلف وأزياء فى غاية الأناقة .. حالة متكاملة من الرُقى الفنى يستشعرها المشاهد فى كل تفصيلة يراها أمامه على الشاشة .. حالة لم تكن لتكتمل بالطبع سوى بأداء تمثيلى فى أعلى حالاته من أغلب نجوم العمل وهو بالتحديد الأمر الذى أود أن أتوقف عنده بالتفصيل …
1- ضُحى ( آية سماحة ) : رغم مشاهدها القليلة فهى شخصية محورية وتبدأ الأحداث بسفر شقيقها على لأسوان للبحث عنها بعد انقطاع رسائلها إليه .. أدائها للشخصية لم يكن سيئًا ، ولكنه كان عاديًا وغير مميز ، ولكن ما قد يشفع لها ويجعله ممتازًا كبداية أنها قبل هذا الدور لم تكن لها أدنى علاقة بالتمثيل وخضعت فقط لدورة تدريب فى إحدى الورش بعد ترشيح المخرج لها .. يبقى أيضًا من سلبيات ضحى أنها كانت من أكتر شخصيات المسلسل تحدُثًا بلغة عصرية تمامًا من الصعب تصوُّر أن يتحدث بها أحد فى تلك الفترة الزمنية التى تدور خلالها الأحداث ، وضح هذا جدًا فى مشهد مشاجرتها مع آمال قبل أن تقتلها الأخيرة ، قد تكون هذه مشكلة من كتب الحوار وليست مشكلتها ولكن الأمر كان واضحًا جدًا معها أكثر من أى ممثل آخر على الرغم من قلة مشاهدها كما ذكرت ..
2- الصاغ شريف ( خالد كمال ) : بتسريحة شعره الغريبة وابتسامته الساخرة المصحوبة دومًا بنظرات مليئة بالمكر والتى يوجهها لمحدثيه فى أثناء التحقيقات او حتى خلال الأحاديث الودية ، كلها تفاصيل صغيرة لكنها شكلت فى النهاية ملامح شخصية الصاغ شريف وكان لها بالغ الأثر فى تقبل المشاهد لها ، خالد كمال موهوب ومجتهد وملفت جدًا للانتباه ، يمتلك حضورًا كبيرًا وهو أهم ما يميزه على الإطلاق ، قدم بهذا الدور إثباتًا جديدًا على أن البساطة هى أقصر طريق للإقناع والإجادة والتميُّز ..
3- آمال ( ندا موسى ) : آمال شخصية مركبة تتضح لنا معالمها ما بين تحكُّمها فى زوجها ضعيف الشخصية واستسلامها التام أمام شخصية أمها الكاسحة ، أمها التى تورطها فى كذبة كبرى تكذبها على إحسان عندما توهمه بأنها مازالت حاملًا ، ثم تتورط فى قتل ضحى ولا ينقذها سوى زوجها الذى يعترف على نفسه بجريمة لم يرتكبها حتى ينقذها .. تشعر لأول مرة بفداحة الجريمة التى ارتكبتها فى حق إحسان ، عندما يخرج من السجن تتغير معاملتها معه ، تشعر بالذنب تجاهه ، تتعلق به أكثر .. لا تجد أمامها سبيل لإسعاده سوى فى استمرار الكذبة الكبيرة ثم ينهار كل شىء عندما يكتشف إحسان الحقيقة فيتركها .. شخصية ثرية جدًا على المستوى الدرامى وتمر بكل هذه التحوُّلات على مدار الأحداث ، وبرغم هذا لم نشعر بأى اهتزاز فى أداء ندا موسى بل كانت تزداد تألقًا ويعلو رتمها مع رتم الأحداث .. برغم كل شىء لا تملك سوى أن تتعاطف معها عندما ترى ورد خادمتها السابقة تعاملها بطريقة مهينة وهى تتجاهلها حتى تنعم ببعض الوقت مع الطفل الصغير ، نحن أمام موهبة جميلة ومبشرة وقدمت أفضل أدوارها على الإطلاق ..
4- إحسان بركات ( محمد حاتم ) : لابد وأن تخرج بانطباع ما سلبى عن هذه الشخصية فى أول الأمر فهو غنى مرفه عاطل عن العمل تقوده زوجته وتتحكم به أمه ، حتى اسمه الأنثوى والطريقة التى يتصرف بها وهدوؤه الزائد عن الحد يشعرونك بأنه رجل ( خرع ) إلى أن تتورط آمال فى جريمة قتل ضحى فيظهر المعدن الحقيقى للشخصية ويعطينا إحسان باشا درسًا بأن الرجولة ( مواقف ) قبل أى شىء آخر .. محمد حاتم قدم الدور باقتدار فنان مُحنَّك وخبير رغم أنه لايزال طالبًا فى معهد الفنون .. أجمل ما فيه أنه لا يشبه أحدًا فهو صاحب أداء خاص ومتفرد ، لو أجاد استغلال هذه الميزة وموهبته الواضحة والقبول الذى يتمتع به سيصبح نجمًا كبيرًا فى خلال فترة زمنية قصيرة ..
5- نازلى ( أمينة خليل ) : لحد ما قبل ( الجراند أوتيل ) كان الانطباع الوحيد اللى واصلنى من أمينة خليل انها مجرد وجه جميل بقدرات فنية محدودة ، لكن كل ده اتغير 180 درجة بعد دور نازلى ، طريقتها فى الكلام ، ضحكتها ، ردود أفعالها ، لحظات غضبها ، حتى مشيتها المميزة .. كلها تفاصيل ميزت شخصية من لحم ودم وقدمتها أمينة خليل ببراعة وتميز وإتقان والأهم ببساطة متناهية ومن غير أى تعقيد فأسرت قلوبنا وأكدت على موهبتها وانا مدين لها باعتذار عن انطباعى السابق .. يجب أن تؤرخ أمينة خليل لمشوارها الفنى بهذا الدور فلديها مرحلة ما قبل نازلى وما بعدها .. التحدى الأكبر سيكون فى الخطوة القادمة فلن نقبل منها ما هو أقل من ذلك ..
6- مراد حفظى ( أحمد داود ) : لم يشيد بأدائه الكثيرون مثل أغلب نجوم العمل وشايف انه تعرض للظلم ربما بسبب كراهية المشاهدين لشخصية مراد حفظى رغم أن هذا فى حد ذاته نجاح كبير بلا شك ، تمكن داود من تقديم أداء مميز ومختلف لعنصر الشر الأساسى بالمسلسل كان من أهم عوامل ارتفاع مستوى العمل ككل ، أبدع فى بعض المشاهد بشكل استثنائى ، أهمها مشهد صعوده إلى غرفة نازلى وهو فى حالة سُكْر عندما عادت بعد فشل محاولتها للهروب مع على ، قدم مشهدًا آخرًا لا يقل روعةً عندما ساعدته الظروف ووجد نفسه وحيدًاسُكْر مع ابنه – المتهرب من الاعتراف به – فرق قلبه واحتضنه بقوة فى مشهد إنسانى بديع ، شخصيًا ربما لم أكره مراد حفظى بسبب أفعاله وتصرفاته مثلما حقدت عليه وكرهته من كل قلبى بسبب كل هذا الكم من ( البِدل ) شديدة الأناقة والتى ارتداها طوال أحداث المسلسل ..
7- على ( عمرو يوسف ) : الجميل فى عمرو يوسف هو اجتهاده وانه طول الوقت بيحاول يطور من نفسه والأجمل أنه لم يحصر نفسه فى تقديم شكل او نوع درامى بعينه ، هو بالطبع أقرب لصورة البطل الكلاسيكى الوسيم والطيب ، ملامحه قد تساعده على اللعب فى هذه المنطقة إلى الأبد ، لكنه لا يميل إلى النمطية او حصر نفسه فى قالب واحد ، هذه الرغبة فى التنوع تعكس مدى ذكائه الفنى ، جراند أوتيل هو الخطوة الأهم والأكثر رسوخًا فى مشواره ، شخصية على قد تبدو بسيطة ولا تحمل أى تعقيدات فهو من نوعية الأبطال المُعتادة فى الدراما المصرية ولكنها سهلة على الورق فقط ، بينما فى الواقع لا يوجد ما هو أصعب من محاولة ترك بصمة مميزة او تقديم أداء مختلف من خلال شخصية تقليدية وهو الأمر الذى نجح عمرو يوسف بجدارة فى تحقيقه بأداء منضبط ومتزن ومتناغم ، على دخل الجراند أوتيل خادمًا وخرج منه مديرًا ، أما عمرو يوسف فقد دخل الجراند أوتيل نجمًا وخرج منه فنانًا بحق ..
8- فاطمة ( مى الغيطى ) : بوجه بشوش مبتسم وملامح طفولية جميلة وطريقة كلام تمزج ما بين خفة الظل والبراءة والتلقائية نجحت مى الغيطى صاحبة ال 18 عامًا فى الاستحواذ على قلوب ومشاعر كل متابعى المسلسل ، هذه الفتاة الصغيرة موهوبة جدًا ، موهوبة لدرجة انها خليتنا نندمج معاها وننسى انها بتمثل ، لديها شىء من روح وتلقائية عبلة كامل مع اختلاف الأداء طبعا ، حبها الصامت والمكشوف لعلى ، التورط فى التستر على جريمة قتل ضحى بسبب خوفها من تهديد قسمت هانم ،ثم اكتشافها لقصة حب على ونازلى وان على يبقى اخو ضحى ، كل ده كان فوق قدرتها على التحمل فقررت الرحيل من الجراند أوتيل ولكنها لم ترحل أبدًا من قلوبنا ..
9- ورد ( دينا الشربينى ) : هى مفاجأة بكل المقاييس ، تمتلك طاقة تمثيلية مدهشة ، حضورًا وتمكنًا وأداءً فى منتهى القوة ، ممثلة من العيار الثقيل وموهبة كانت تظهر على استحياء ثم تفجرت فى جراند أوتيل ، شخصية ورد ستمثل نقلة كبرى فى مسيرتها ، ستجعل خطواتها القادمة أصعب وربما أجمل ، لم تسلم من كراهية كل متابعى المسلسل والذين عبروا عن سعادتهم بما لاقته فى النهاية من مصير مظلم استحقته ، هذه الكراهية دليل مؤكد على النجاح ، من حسن حظها وجودها كطرف فى أهم وأقوى المشاهد كمشهد موتها فى النهاية والمشهد الرائع مع أمين عندما حملها وألقاها عند غرفة مراد ، أما مشهد الولادة فهو أقوى مشاهدها على الإطلاق والذى عبرت من خلاله عن قدراتها الحقيقية كممثلة موهوبة خير تعبير ..
10- أمين ( محمد ممدوح ) : لا أجد كلامًا أستطيع أن أصف به ما فعله هذا الفنان الجميل والمبدع والاستثنائى ، المغرد خارج كل الأسراب الفنية ، واللى سابق بموهبته جميع أبناء جيله وربما الأجيال الأخرى ، فى كل دور جديد يبهرنا ويمتعنا أكثر من سابقه ، يزداد نضجًا وخبرة بسرعة مذهلة ودائمًا لديه ما يدهشنا ويفاجئنا به ، أعظم نجاح لأى ممثل فى العالم هو أن يجعل الناس تنساه أثناء تمثيله وتندمج تمامًا مع الشخصية اللى بيقدمها ، القدرة على خلق تفاصيل من لحم ودم تخص الشخصية وحدها وكأنها روح أخرى جديدة ، وهذا بالضبط ما حدث وما فعله محمد ممدوح الذى نسيناه تمامًا واندمجنا مع أمين بطيبته الزائدة عن الحد وحركات وجهه الغريبة وضحكته المميزة ومشيته وطريقة كلامه ، وكيف يعشق ورد وشكل علاقته بأمه وصداقته لعلى ، كلها تفاصيل تخص أمين ، او بمعنى آخر خلقت شخصية أمين اللى خلانا ننسى محمد ممدوح اللى برغم كل هذا التألق أثق تمامًا بأنه سيظل يتفوق على نفسه ويبهرنا من جديد مرةً تلو الأخرى ..
11- الست سكينة ( سوسن بدر ) : عظمة لا تنتهى وإبداع لا يتوقف ومسيرة متواصلة من التألق لهذه النجمة المتميزة ، هى إحدى العلامات الهامة والمميزة لدراما رمضان فى السنوات الأخيرة ، تراكم خبرات السنين وموهبتها الأصيلة النادرة يجعلا من كل دور تلعبه حدثًا فنيًا فى حد ذاته ، وجودها ( بيتقَّل ) أى عمل فنى ويعطى له رونقًا من نوع خاص ، بهدوء وتمكن وانسيابية شديدة لعبت دور كبيرة الخدم فى الجراند أوتيل ووالدة أمين ، المرأة الطيبة والمتظاهرة بالقوة والتى تخفى سرًا كبيرًا ، تمر بالعديد من التحولات الدرامية طول الأحداث نصتدم خلالها ببعض التفاصيل التى ربما تكون غير منطقية ، ولكننا فى حضرة سوسن بدر ، التى لديها القدرة على إقناعنا بأى شىء تقدمه ..
12- الريس صديق ( محمود البزاوى ) : مبدع مع سبق الإصرار والترصد ، موهوب لدرجة أن بضعة مشاهد قليلة كانت تكفيه لإبراز موهبته الكبيرة وهو ما اعتاد فعله طوال مشواره الفنى من خلال الأدوار الصغيرة التى لطالما كانت من نصيبه ، عندما زادت مساحة أدواره بعض الشىء وزادت خبرته بطبيعة الحال ، كان البزاوى صاحب ( الطلة ) المميزة على موعد مع إحدى أهم إطلالته فى الجراند أوتيل بدور ( الريس صديق ) ، حضور غير عادى يأسرك من أول لحظة ، صدق فى الأداء لدرجة أنك كمشاهد ستتمنى لو كان فى حياتك شخص مثل ( الريس صديق ) بتركيبة شخصيته التى تجمع ما بين الرقة والشجن وخفة الظل والجدية ، الرجل المحب للحياة والمحب للست سكينة والمحب لكل من حوله ، ما فعله محمود البزاوى فى هذا الدور هو أنه لم يفعل شيئًا على الإطلاق ، فقط ( صِدق ) الريس ( صديق ) فكان هذا السحر الذى شاهدناه ، أما عتابى الوحيد على هذا الفنان الجميل هو ان ازاى جاله قلب يشترك فى جريمتين مثل ( ليالى الحلمية الجديدة ) و ( الكيف ) فى نفس الوقت الذى يقدم فيه مثل هذا الإبداع ..
13- فخر هانم ( شيرين ) : منذ بدايتها فى مسرحية ( المتزوجون ) لم أصادف شيرين تمثل بكل هذه العفوية والانطلاق ، حضور جميل ولافت فى دور مناسب و ( لايق ) جدًا عليها أدته بمنتهى البراعة ، فخر هانم الزهيرى الشبه مقيمة بشكل دائم فى ( الجراند أوتيل ) ، المرأة الأرستقراطية التى تعانى الوحدة والفراغ فلا تجد ما تملأ به وقتها سوى النميمة والخوض فى سيرة الجميع ، ذكاء تامر حبيب يتضح فى كتابته لهذه الشخصية والتى كانت فى أغلب الأوقات وكأنها تشاهد الأحداث مثلنا بالضبط ولكن الفارق فى أننا كنا نشاهد من خلف الشاشة بينما هى تشاهد من قلب الحدث وهو ما أتاح لها الفرصة فى أن تتدخل لكى تضيف لمحة كوميدية خفيفة من خلال مناوشاتها الممتعة
والدائمة مع قسمت هانم .. وسط شخصيات وأحداث مليئة بالصراعات وضع تامر حبيب شخصية فخر هانم بكل حِرفية حتى تكسر حدة الصراع قليلًا وتضيف مذاقًا مختلفًا عن السائد فى أروقة الجراند أوتيل ..
14- قسمت هانم ( أنوشكا ) : وكأنها خُلقت لكى تكون قسمت هانم ، أداء مرعب وحضور طاغى وتمكن غير عادى من الإلمام بكل تفاصيل الشخصية لدرجة التوحد معها ، ذكرتنى بشر ( ليلى فوزى ) الأرستقراطى وإن كانت أنوشكا قدمته بشكل أعمق وأكثر تميزًا ، أعتقد أنها ستجد صعوبةً كبيرةً فى التخلص من شبح قسمت هانم فى الفترة القادمة وستجد صعوبة أكبر فى تقديم نفس الأداء المتميز فى دور آخر وإن كنت أتمنى عكس ذلك بالطبع ، كل هذا الجمال وكل هذه الأناقة وتلك الحالة من الرقى والإبداع تؤكد أن أنوشكا حسنًا فعلت عندما تركت الغناء – والذى لم تحقق فيه أى نجاحات كبيرة – واتجهت للتمثيل لتعيد اكتشاف موهبتها الحقيقية وتنجح وتتألق وتحقق فى غضون سنوات قليلة ما لم تحققه الكثير من النجمات على مدار تاريخهم الفنى كله .. وتنجح وتتألق وتحقق فى غضون سنوات قليلة ما لم تحققه الكثير من النجمات على مدار تاريخهم الفنى كله ..
محمد حمدي سلطان يكتب: سوسن البدر في تمامه
نرشح لك
حكاية المتهم البريء في تفجير الحرم النبوي
القائمة الكاملة لنجوم مهرجان إعلام.أورج – رمضان 2016
شارك واختر .. ناوي تدخل فيلم ايه في العيد؟ اضغط هنـــا