نقلاً عن المصري اليوم
45 مليون جنيه ثمن لبيت فى الساحل الشمالى، حاولت أن أعرف اسم هذا الثرى المجنون أو (غنى الحرب) الذى يدفع رقما بهذه الأصفار الكثيرة الكبيرة ثمنا لبيت، الأدق ثمنا لبيت تستعمل عتبته أقل من شهرين فى السنة!
اكتشفت أن (أغنياء الحرب) أكثر مما أتصور، هناك على الأقل ألف بيت يزيد سعر الواحد على عشرة ملايين جنيه، وأخرى تصل إلى خمسة آلاف بيت تتخطى مليون جنيه وأكثر، هذه أرقام من الساحل وحده، من العجمى حتى سيدى عبدالرحمن (حتى الآن فقط) تساوى على أقل تقدير 300 مليار جنيه، فى موسم استهلاكى لا يتعدى مائة يوم على أفضل تقدير، لا يوجد فيه أى دخل بعملة أخرى غير مصرية.
300 مليار ملقاة طوب وأسمنت فى طقس رائع طوال العام، تهمل بدون صيانة كافية، لا يستخدم منها كل سنة أكثر من 25 فى المائة من هذه الوحدات المطلة على بحر لا نهاية لجماله وسماء تمد يديك لتكبش نجومها، جريمة مكتملة الأركان تحدث فى مصر منذ أكثر من ثلاثين عاما، حتى إننى كثيرا ما أقول لنفسى: لماذا اكتشفنا هذا الطريق الساحلى الطويل والجميل الذى يطل على أجمل مشهد فى البحر المتوسط؟ لماذا دخلنا بهذه العشوائية لنفسد شاطئا بريئا له رمل أبيض وبحر أزرق تركوازى يبدو مثل عيون طفل، كان مزروعا بأشجار التين الشوكى، لا يحجب المدى الرائع الذى خلقه الله- سبحانه وتعالى- خسارة، لقد رأيت هذا الطريق قبل أن تنزع أشجار التين الشوكى الخضراء وتزرع أعمدة الأسمنت الرمادية، هذا التخطيط العشوائى المدمر أفسد طريقا كان يجب أن يكون جنة مصر على الأرض، شريطا ساحليا مميزا يستقبل ملايين السياح من أوروبا طوال العام، مجرد 3 ساعات فقط ينتقلون فيه من ثلج الشتاء إلى طقس ربيعى تطل عليه شمس أغلب أوقات العام، لكن العقول محدودة الذكاء حولت الساحل الشمالى إلى مقتطفات من الأسمنت، أفسدت البحر والطريق وحجبت كل ما هو رائع، وبينما تم تدمير منطقة العجمى بسرعة مذهلة وتحويلها إلى امتداد سكنى عشوائى للإسكندرية، تم بسرعة تدمير كل متر تصل له يد على هذا الساحل السحرى، القبح فى الساحل الشمالى منذ اليوم الأول هو سيد الموقف، أتخيل لو لم تقدم الحكومات الذكية المتتابعة قطع أراض هبات لمقاولين وجمعيات وشركات لكى تتحول إلى قرى تشبه بيوت الأشباح، ماذا لو كان الامتداد يتم ببطء لبناء بيوت صغيرة لا يغيب عنها التنسيق ولمحة الجمال، على أن تطرح كلها للإيجار الفندقى العام كله، لكننا أمام حكومات فقدت عقلها زمنا بعد آخر، وقررت خسارة هذه الثروة العظيمة بالمجاملات الغبية والمصالح التى سيطر عليها فساد عظيم.
مارينا، مثلا، مشروع دولة كبير استهلك من ميزانية الدولة مليارات، انتهى به الحال إلى إهمال واضح متعمد، و80 فى المائة من البيوت المغلقة المهملة فى عز الموسم، بيوت مهجورة هاجر ملاكها إلى قرى جديدة نحو مطروح، الجريمة مستمرة ببناء مزيد من القرى واستهلاك المزيد من الأسمنت وتجميد ثروات طائلة فيما تبقى من طريق الساحل، بيوت جديدة بالمليارات مع محو كل ماهو رائع من الساحل.
فى يوم من الأيام، باع إنسان معدوم الضمير خليج سيدى عبدالرحمن الذى لا يتكرر فى الطقس والمشهد، إلى شركات لكى تفسده بقرى أسمنتية، وقد فعلت، وتحول الخليج الذى خلقه الله لكى نتمتع به إلى صناديق رمادية رديئة تباع بملايين الجنيهات. لقد لحقت بهذا الخليج، وهو كما ولدته الطبيعة ساحرا بسيطا مشبعا بالحياة والحيوية، اليوم أبحث عنه فلا أجده، بينما بسرعة يمتد البيع لكل خلجان الساحل بطريقة تثير الريبة من حجم الفساد الذى قرر ألا يترك شيئا خلقه الله إلا أفسده لكى تثرى مجموعة قليلة من البشر على حساب الحياة.
هذا الساحل الشمالى بكل ما أنفق عليه كان يمكن بقليل من الأفكار وكثير من الضمير إلى دخل سياحى يزيد على عشرة مليارات دولار كل سنة. مع بقاء الطريق بسحره وطلته. هو اليوم يحتاج إلى أفكار جريئة وقوية تكتشف كيف يمكن الاستفادة منه، مع ضرورة إيقاف أى بناء جديد على الساحل حتى نهاية حدودنا، يجب إنقاذ ما تبقى، خسرنا حتى الآن النصف.. فلماذا الإصرار على تكرار نفس الأخطاء لنفقد الكل؟
أرجو أن يثور العلماء والمهندسون وحماة البيئة والطبيعة والحكومة من أجل إيقاف جريمة الساحل الشمالى.
نرشح لك
[ads1]
تعرف على هوية المصور ضحية حسام حسن
شارك واختر .. ناوي تدخل فيلم ايه في العيد؟ اضغط هنـــا