نقلًا عن “المصري اليوم”
تأملوا هذا المشهد فى بداية الفيلم عندما يكسر حسن حسنى الخط الفاصل بين شخصية الضابط التى يؤديها محمد إمام وأبوه عادل إمام، وهو يقول له «أنت الخالق الناطق مثل أبوك» يقصد (اللواء فى الشرطة) ولكن الرسالة التى تصل للجمهور تتجاوز قانون الدراما، ويرد عليه أنها الجينات، وكأنه يقول لمن يتهمونه بأنه صار ظلا لأبيه، ما الذى أستطيع أن أفعله؟ أنا لا أقلده ولكنه قانون الوراثة.
تستطيع أن ترى العديد من الخيوط التى تؤكد أن هناك محاولة تجرى على قدم وساق لكى يتم على وجه السرعة وفى غضون الأشهر القليلة القادمة تنصيب محمد ملكا لعرش الكوميديا خلفا لأبيه، وهو ما يذكرنا تماما بما كان يجرى فى الكواليس، فى زمن مبارك من خلال إضفاء مسحة ديمقراطية على مشروع انتقال السلطة من الأب للابن، الذى كانوا يصفونه (بالخروج الآمن للأب والدخول الأكثر أمانا للابن)، حيث كانت الخطة وقتها إجراء انتخابات بين جمال وآخرين، وفى النهاية يتم إعلان تفوق جمال على المنافسين بالتصويت الحر المباشر. وفى ظل امتلاك أبيه لمقاليد الحكم يُصبح الوصول إلى النتيجة المرجوة سهلا جدا، كان جمال فاقدا الكاريزما وبلا حضور، بينما الشرعية كانت فى انتظاره من خلال صندوق الانتخابات، حيث كانت كل المؤشرات تؤكد أنه سيشهد لصالحه.
شىء من هذا مع قدر من الاختلافات تجده ماثلا أمامك فى الحياة الفنية، للمرة الثانية يقدم محمد إمام نفسه للجمهور باعتباره كوميديانا، وللمرة الثانية يفشل فى تحقيق الضحك، بينما الفيلم على مستوى شباك التذاكر ينجح فى تحقيق أعلى الإيرادات، (الميديا) تنسب له منفردا سر النجاح، نعم من الممكن المبالغة فى الأرقام، خاصة فى ظل غياب أى دور إشرافى لغرفة صناعة السينما، ولكن لا شك أن هناك رقما يتحقق، فى الدراما هو البطل وعلى الأفيش هو الذى يستحوذ على المساحة الأبرز، وفى الدعاية تؤول الأرقام إليه، ولكن فى الكوميديا لا وجود له، فهو أقرب إلى كابتن للفريق يتقدمهم ويصافح الحكم فى بداية اللعب ويرتدى شارة (الكبتنة) ويجرى القرعة، بينما فى الملعب بلا إنجاز.
الفيلم تأليف مصطفى صقر ومحمد عز، لدينا مجموعة من شباب الكوميديا يتم رشهم فى السيناريو هنا وهناك، والمخرج معتز التونى يتحرك فى نفس الخط الرئيسى لفيلم (كابتن مصر)، فرقة غير مؤهلة عليها أن تنتزع النصر، الأولى كانت فى السجن والثانية من القوات الخاصة، كانوا يعملون فى العزف الموسيقى وتحديدا آلات النفخ، وفجأة أصبح واجبا عليهم إنقاذ السفير المصرى فى الهند الذى تم اختطافه، لدينا مجموعة من هدافى الكوميديا، مثل بيومى فؤاد ومحمد سلام وأحمد فتحى محمد ثروت ومصطفى خاطر وطاهر أبوليلة وحمدى ميرغنى ومحمد عبدالرحمن، كل منهم يقدم ما تيسر من الضحك، وهناك البنت الحلوة ياسمين صبرى، فى الهند أيضا القرد والنسناس والفيل والغوريلا والموسيقى والرقص كل هذه المفردات ينبغى أن تلعب دورا فى تحقيق الضحك، الفيلم ينتهى بإنقاذ السفير ثم زواج البطل والبطلة ورقصة على الإيقاع والموسيقى الهندية.
وتبقى ملاحظات بعيدة عن الشريط السينمائى، ولكن تستحق التأمل، الهند كدولة ليست لديها مشكلات فى تقبل النقد الذى يصل أحيانا لحدود التهكم، حيث لاحظت نوعا من المبالغة فى السخرية من أسلوب الشخصية الهندية فى التعبير بهز الرأس المبالغ فيه، ولكنها مرت بلا مشاكل، كما أن الهند لم تعترض على أن تتهم بالتقاعس الأمنى لأن الجريمة تمت على أرضها وهى اختطاف السفير المصرى، لو تصورت فيلما هنديا تجرى أحداثه فى مصر من المؤكد كانوا سوف يعتبرونها جريمة لتشويه سمعة مصر وسوف تشير أصابع الاتهام إلى أن هناك مؤامرة كونية ضدنا، كثيرا ما اعترضت سفارات أجنبية فى القاهرة على ما هو أقل، أتذكر أن الفلبين تحفظت على عنوان فيلم (ولا كان فى النية أبقى فلبينية) فتم حذف فلبينية من العنوان، وفى مرة خاطب محمد هنيدى (كومبارس) فى أحد أفلامه ربما كان (جاءنا البيان التالى) قائلا (شكلك يمنى) احتجت السفارة اليمنية فتم حذف الكلمة، الدول القوية عادة لا تلقى بالا لهذه التفاصيل، وهكذا مثلا من الممكن أن تهاجم أوباما وتسخر منه ومن أمريكا فى فيلم مصرى وكأن شيئا لم يكن.
هل تنجح الخطة فى تدشين محمد إمام بطلا قادما؟ نحن بصدد نجم جديد انتزع عنوة أول أدواره ابن البواب طه الشاذلى فى (عمارة يعقوبيان) عندما طلب عادل إمام إسناد الدور لابنه، كان الدور فى البداية لفتحى عبدالوهاب ولكن خضع الجميع لرغبة الأب، الفيلم الثانى (حسن ومرقص) عادل هو البطل فكان يحرص على أن يمنح ابنه كل ما هو ممكن أو غير ممكن من الإفيهات الضاحكة، كان لابد من الفيلم الثالث الذى يلعب منفردا بطولته (البيه رومانسى) فحقق فشلا ذريعا فى الإيرادات، وجاء (كابتن مصر) بطولة جماعية فتحقق الرقم، ثم ارتفع هامش الإيرادات فى (جحيم فى الهند). هل هذا الرقم يعنى أن إمام (الصغير) وجد لنفسه مكانا بين نجوم القمة الرقمية؟ أولا ليس رقمه، ثانيا إيرادات العيد خادعة، ولو تجاوزنا عن أولا وثانيا يبقى أن الرقم الذى يقولون إنه غير مسبوق لم يحدث دويا مثلما حقق (إسماعيلية رايح جاى) قبل 20 عاما، وبالمناسبة حلّ محمد هنيدى ثالثا على الأفيش بعد محمد فؤاد وحنان ترك، ولكن لأنه منبع الضحك فنسب إليه النجاح، وتكرر الأمر مع محمد سعد (اللمبى) ثم أحمد حلمى (كده رضا)، وهكذا عشنا منذ زمن نجيب الريحانى وإسماعيل يس وفؤاد المهندس وعادل إمام، هناك النجم صانع الكوميديا الأول وحوله الآخرون، بينما الأمر تغير فى (جحيم فى الهند) ضحكنا مع الآخرين ولم يضحكنا النجم الأول!.
نرشح لك
[ads1]
طارق الشناوي يكتب: في رمضان يُكرم النجم أو يُهان!
شاهد : هنا الزاهد مطربة في أغنية شهيرة
شارك واختر .. ناوي تدخل فيلم ايه في العيد؟ اضغط هنـــا