عدد من المسلسلات أغضبت قطاعا لا ينكر من الأقباط، مثل مأمون وشركاه ورأس الغول وونوس، ليست هناك مفاجأة، كثيرا ما يحدث ذلك خاصة فى رمضان وقت ذروة الموسم الدرامى، المفاجأة أن عددا من المثقفين الأقباط رفعوا أيضا رايات الغضب، الأحداث التى حركت نيران الثورة من مهدها، أنهم شاهدوا مسلسلا قدم شخصية تدين بالمسيحية تشرب الخمر، أو أن متطرفا إسلاميا فى طريقه لكى يُصبح داعشيا وصفهم بالكفرة وأن عليهم دفع الجزية، أو أحدهم قال باسم الأب والابن والروح القدس ولم يكمل «إله واحد آمين»، واعتبروه بتلك الفعلة ينفى عن العقيدة التوحيد ويضعهم فى قائمة المشركين، أو أن هناك من يسخر من طقوسهم عندما يقدم مشهد الاعتراف فى الكنيسة على نحو هزلى، كل هذه المشاهد وغيرها تم التعاطى معها بواقعية وليست باعتبارها عملا فنيا، لتؤكد أن التطرف وصل إلى ما يُطلق عليهم البعض بالنخبة أو كريمة المجتمع رغم أنى لا أرتاح للكلمتين، التجربة أثبتت أن المثقفين ليسوا كما كنا نعتقد يتمتعون بقدر من المرونة للتفرقة بين خشبة المسرح وصخب الشارع، صاروا مع الأسف يخترفون الحد الفاصل بين الواقع والخيال ويصدرون أحكاما قاسية بالإدانة على الأطياف، ولا أستبعد أن تلجأ الدولة عند معالجة الموقف إلى سياستها المعروفة وعلى هذا قد تبعث برسالة مباشرة أو غير مباشرة يتم تطبيقها فى العام القادم بمنع ظهور أى شخصية قبطية إلا فقط كنموذج إيجابى بحجة «الباب اللى يجيلك منه الريح».
الكل يُدرك أن الأزمة فى عمقها تتأجج بسبب غياب شخصية القبطى المتعمد عن الدراما وذلك طوال تاريخنا، وكلما أوغلنا فى الغياب ازدادت الأزمة لهيبا، الحساسية صارت مشتركة يمارسها عدد من المثقفين المصريين فى تلقيهم للأعمال الفنية، أتذكر عندما قدم المخرج داوود عبد السيد فيلمه مواطن ومخبر وحرامى، كتب أحد النقاد كيف لمخرج مسيحى أن يقدم مسلما حرامى، كان يقصد الشخصية التى أداها شعبان عبدالرحيم والذى قصد به داوود تعرية التطرف الذى يتدثر عنوة بالدين، لأول مرة يفتش ناقد عن الهوية الدينية للمخرج، مع الأسف لا يزال هذا الصوت متواجدا فى الصحافة والإعلام. كانت السينما المصرية فى أغلب أفلامها تقدم شخصية المأذون مثيرة للضحك والسخرية ولم يكن هذا يُغضب أحدا، قبل بضع سنوات ومع زيادة الحساسية استبدلت حنان ترك فى مسلسل نونة المأذونة الجبة والقفطان لأن الأزهر اعترض ومنح حصانة مقدسة لتلك الملابس، وبالفعل أعادت تصوير تلك المشاهد رغم أننا طوال تاريخنا السينمائى تعاطينا بسخرية معها ولم ير أبدا أحد أنها من ثوابت الدين، الغريب أنه برغم الحذف فإن كل الصور التى صارت مرادفة للمسلسل وموثقة فى الأرشيف، نشاهد فيها حنان ترك بالجبة والقفطان.
وتعددت التنويعات فى فيلم بنات وسط البلد لمحمد خان رأينا البعض يعترض على شخصية كوافير حريمى مسيحى الديانة يؤدى دوره أحمد بدير يعاكس السيدات وتضبطه زوجته أكثر من مرة متلبسا، غضب أحد المثقفين وقال هل المخرج لم يجد غير تلك الشخصية المنفلتة أخلاقيا لنراها على الشاشة.
أشهر فيلم أثار غضب الأقباط «بحب السيما» 2004 تصور مدير الرقابة الراحل مدكور ثابت أنه عندما يشكل لجنة يغلب عليها التمثيل القبطى سوف توافق على عرض الفيلم، إلا إنه فوجئ وقتها أن الأقباط الذين اختارهم لم يتحملوا الفيلم، بل إن بعضهم سارع بإبلاغ الكنيسة بأن الدولة بصدد السماح بتداوله، ولم ينقذ الموقف سوى تدخل د.جابر عصفور وكان يشغل موقع الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، عندما شكل لجنة أخرى بها أيضا عدد من الأقباط، إلا أنه تعمد أن يكونوا ممن لديهم سماحة ومرونة، وبالفعل وافقت اللجنة الثانية، ما حدث وقتها أن المظاهرات الغاضبة اشتعلت فى الكنيسة، كنا فى تلك السنوات لا يزال غضب المسيحيين من الممكن أن تحتويه جدران الكاتدرائية، وكان أيضا البابا شنودة يملك السيطرة العاطفية على الشعب القبطى، ومع رحيل أبينا شنودة صار ذلك مستحيلا.
قطاع وافر من المثقفين مسلمين وأقباطا بدلا من أن يصبحوا عنوان الحل صاروا وقود الأزمة وتلك هى «أُم المشاكل»!!.
نرشح لك
[ads1]
طارق الشناوي: هذا سر نجاح محمد رمضان
هذا ما فعلته C.A.T في عامها الأول
ايهما أفضل فيلم “كابتن مصر” ام فيلم “جحيم في الهند” ؟ اضغط هنـــا