نسمة سمير تكتب: حينما نخذل.. رسائل السماء ترممنا

عزيزى وسندى سلامًا طيبًا .. تقريبًا فى نفس الوقت من العام الماضى كانت رسالتنا الأولى، أتذكر حينها كم كنت منهكة وبائسة وبمجرد أن تبادلنا الرسائل صار قلبى خفيفًا مطمئنًا، وقتها كنت مذعورة من الوقوف على حافة الهاوية .. اللاشىء كانت تترنح روحى كالنخل الذى تخلت عنه جذوره .. لم أكن أعلم أن الأشد قسوة ومرارة هو السقوط  أمام من نحب دون أن تطرف لهم عين، التعرى من رداء القوة والكبرياء بغباء شديد يوحى لمن أمامنا بحماقتنا ويشعرهم أننا أشخاص لا يكفوا عن الكلام والثرثرة والشكوى لأن لا أحد يعلم بما تحملته قلوبنا الصغيرة من نكبات سواك أنت ياحبيبى .

ربما كان علينا أن نسقط ونسمع صدى ارتطام شذى أرواحنا المحطمة بصخرة الخذلان، فهناك لحظات لا تحدث فى عمرنا كله إلا مرة واحدة .. نتوقف قليلًا وننظر فى المرآه لأنفسنا .. نتحدث معها بما لا نستطع البوح به لأحد نعاتبها نقسو عليها وأحيانا نجلدها بسوط اللوم .. ثم نرتجف خائفين كغريق يتعلق بالسراب، ونود أن يحتضنا أحد فلا نجد سوى أنفسنا وننظر إلى السماء دون أن نتكلم فأنت تعلم ما نود أن نقوله وتتلهف أرواحنا أن نُمنح فرصة واحدة جديدة لنرمم ما كسر بنا .. لنتسلق على أوجاعنا ونصعد مرة أخرى إلى السطح، لأن من كنا نعتبرهم سندًا أول من تخلى عنا.

لا مفرّ  .. المحاربة – الوقوع – الوقوف – الإنعزال – عدم النوم – العقل الذى يخترع وهم ليؤنس وحشته-  الهجر – الخيانة – المكر – الخداع – أمى – إخوتى – جدتى – القلب – العقل – النور –  الأمل – الصحاب بطهرهم وغدرهم –  الظلام – الأيام القاسية – الضحكة الصافية – الحلم – الركض – الصعود – النزول – الطيران – الغرق – العمق – الهذيان – الظمأ –  الحياة – المرض – الموت – الكره – اليأس –  الحب – القهر – أبى –   الفشل – الحبيب – الخذلان – الدعاء – الهروب – القوة – الضعف – البكاء – الموسيقى – الكتابة – الزهد –  تتحول لشخص تكرهه كى تستطيع مجارية البشر ، ثم ….  اللاشىء، تلك الفقرة كانت فى رسالتى السابقة ومازالت موجودة ربما زاد عليها أن لا سند لنا سوى أنفسنا.

أعلم أنى  أخطأت حين طلبت السند من بشر وتركت السند الذى لا يخيب أبدا سندك أنت،  آه يا الله .. كم تلك التنهيدة الخارجة من صدر مملؤ بالأنين تحرق قلوبنا ، فقدنا الشغف سُرق من أعيننا وفرت السكينة من أرواحنا ومات الأمل أمامنا دون أن نملك أن ننقذه، لم يكن علينا الإقتراب لم يكن علينا خوض التجربة لإننا لن نحتمل رائحة الذكريات المحترقة والتى تخنقنا حتى الموت، أنت الوحيد الذى تقبلنا بما نحن عليه بعيوبنا وهفواتنا وخطايانا وتقصيرنا أنت من تعذر من ترحم  .. من تغفر .. من لا تخذل يد مُدت إليك، أنت الذى تسكننا رغم بعدنا عنك أنت الحبيب والأمان أنت الذى ترمم ما يهدمه الآخرون بنا .

كنت كجزيرة مهجورة مياهها راكده لا صوت بها سوى حفيف الوجع، حتى راودتنى الأمال كأطفال يبعثون على حافتى ويلقون الأحجار بمياهي فدبت بها الحياة بعد موتها مرة أخرى، ونسجت العصافير بيوتها على شجرة عمرى، وهربت غيمة الحزن وأشرقت شمس الأمل من براثن يأسى، وتلونت الأوراق باللون الأخضر الطاهر، وتشبثت بيده جيدا خفت أن يتركنى فكان القمر الذى خرج من عتمتى، ولكن اليوم لك وحدك اعترف يا الله إنه تحملنى كثيرًا كم ارهقته واتعبته معى كم القيت عليه كلمات مغلفة بالهبل والسذاجة كنت أصاب بالجنون عندما أراه يبتعد لأنك الوحيد الذى تعلم أنه كان بالنسبة لى الضوء الذى تسلل خلسة إلى الغرفة المظلمة فى يسار صدرى ونفض التراب عنها وزينها وأنار مصباحها دون أن ينتظر مقابل، كنت أخشى فقدانه والخوف الشديد جعلنى خسرته، لم يكن صديقا ولا حبيبا كان آية ربى التى بعثها لى لأعود للحياة مرة أخرى.

ذهبت إلى منزل جدتى منذ يومين، وجلست فى الشرفة ومعى كوبا من الشاى المعطر بالنعناع الذى تجففه أمى والحامل رائحة يداها الطاهرتان، بجوار الزرع الذى زرعته منذ سنوات تقارب العشر ورويته كى تملأ رائحته صدرى، ورفعت رأسى إلى السماء بحثا عن نجم كنت اعتقد أنه ملكى منذ صغرى، فرأيته خافتًا كقلبى تمامًا، تمتمت بكلمات ساذجة مبعثرة غير مرتبة، يراها البعض هذيان أو دلع ماسخ ولكن كنت على يقين أنك لن تراها هكذا، لن تتهمنى بالضعف ولن تعتبر شكواى مناحة،  لن ترانى سيئة،  لن تتركنى وترحل، ناجيتك بقلب لا يكاد يقوى على النبض وعيون باتت مظلمة موحشة ورح مهلهلة، مؤمنة بعلامات ورسائل ربى، مؤمنة أنك لن تتخلى عنى، مؤمنة أنك تعلم وهم لا يعلمون، لن تبخل على قلبى برسالة تفرحه.

أعتذر لك، أنى قصصت حكاياتى لغيرك، فوحدك من يسمعنا دون أن نتخير الكلمات أو نبرر الأفعال، لحظات .. نعم حياتنا لحظات فارقة تمر بنا قد تصنع منا أبطالاً أو تصنع منا نسخًا مشوهه، نهرول ونهرول ونهرول على يقين أن النور ينتظرنا فى نهاية النفق المظلم، وفى أشد اللحظات ظلامًا نجد يدك تنير مصباحًا بات مهجورًا، أخجل من نفسى كثيرًا أننى فقدت الأمل والثقة فى قدرتى على المثابرة، فأنا أيقن أنك تعلم قوة ظهرى لذلك تحملنى، وأنا أتذمر وأشكو وأبكى .. ولكن تظل قلوبنا على العهد أن الله لن يخذلنا أبدا، هى سقطات علينا أن نمر بها علينا أن نتطهر علينا أن نحتمل حتى يأتينا اليقن، فوحدك من تجبر قلوبنا وتسدد خطانا وتبث فى قلوبنا القوة من بعد الضعف، أنت من تحنو وتعطى وتداوى وتنصر،

وأخير .. ستظل رسائلى إليك موصولة .. ورسائلك ستظل ترمم قلبى ودومًا سأتذكر صوت جدتى وهى تخبرنى ” سيداويك الله فيما تألمت ” .. وسلامًا طيبًا حتى نلتقى ياسندى

نرشح لك

[ads1]

 نسمة سمير تكتب : من 30 سنة .. اللعنة لا تصيب الدراويش

هذا ما فعلته C.A.T في عامها الأول

إعلامية مصرية تغير اسمها!!

ايهما أفضل فيلم “كابتن مصر” ام فيلم “جحيم في الهند” ؟ اضغط هنـــا

بنر الابلكيشن