أشرف أبو الخير يكتب : وفاة التلفزيون (2) ..لمجرد الحظ

نحن إذن نبنبي سوياً سلسلة المقالات تلك على فرضية مفادها أن التلفزيون بشكله التقليدي الحالي سيتوفى في القريب العاجل، والأسباب بديهية في الواقع ولا داعي لسردها، يكفينا فقط أن نسترجع سوياً الأسماء اللامعة في عالم الإنترنت وما يقدمونه من خدمات للزبون/ المتلقي، أسماء تبدأ عند “يوتيوب” و “فيسبوك” و “سناب شات” ولا تنتهي عند “نيتفليكس”.

ولقد تعمدت في المقال السابق أن أبدأ في سرد بعض الحقائق والأرقام، علها تساعد أي شخص ذو حيثية في الإعلام المصري على اتخاذ قرارت مستقبلية من شأنها اللحاق بركب “الحضارة” .. آي والله “الحضارة”.

واليوم سنحكي حكاية بسيطة لتبيان مدى سطوة الإعلام الجديد، الذي يصنع نجوماً من العدم، وستكون الحكاية من المغرب البعيد، والذي صار إلى العالم العربي أقرب بسبب تلك الحكاية، التي سنبدأها بلعبة صغيرة:

قبل أن تُكمل القراءة، أرجو أن تملأ السطور التالية بالنتيجة التي ستظهر لك حين تكتب على “جوجل” حرفي “سعــ”

…………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………….

بالضبط، إن كنت تكتب حرفي “سعـ” فقط من أي مكان بالوطن العربي الكبير، سيحيلك “جوجل” إلى مجموعة من النتائج أولهم ستكون اسم بطل حكايتنا، “سعد لمجرد”.. وحكايته كما قلنا تأتينا من المملكة المغربية البعيدة جدا جغرافياً وثقافياَ عن العالم العربي الواسع من الخليج إلى مصر.

“لمجرد” هو المطرب الذي لمع اسمه بصورة جنونية بسبب هذه الثورة المسماة “الديجيتال ميديا”، وقصة “لمجرد” نموذجية، فتطوره وانتشاره حدثا بصورة متوازية مع تطور وانتشار الديجيتال ميديا في العالم العربي، ففي العام  2012 اطلق “سعد” اغنية “سالينا” التي منحته انتشارا في بعض دول الخليج العربي. ثم اخرج ألبوم (ولا عليك) سنة 2013 الذي حقق نجاحا كبيرا في بلده “المغرب”. ثم استطاع ان يحقق شهرة واسعة  بعد اطلاقه لأغنية ” انتي” التي حققت 54 مليون مشاهدة على يوتيوب، ثم أغنية “مال حبيبي مالو” التي حققت أكثر من 100 مليون مشاهدة، وهذا النجاح جعله من بين المرشحين للفوز بالجائزة العالمية  MTV EMA، حتى جاء يوم 2/5/2015 الذي أطلق فيه “لمجرد” أغنية شبابية، تقليدية، بها بعض الركاكة الفنية – في رأي ذائقتي الموسيقية الخاصة- اسمها ” انت معلم”… و التي أحدثت إنقلابا جماهيريا وسيطرت على الأسواق وحققت نسبة مشاهدة تفوق 361 مليون حتى وقت كتابة تلك السطور، أغنية سمعتها أنا شخصياً بشوارع عواصم عربية وأوروبية مختلفة طوال العام الماضي.. وذلك ببساطة نجاح باهر، خيالي، يكاد يكون غير مسبوق، ونحن هنا لا نتحدث عن المستوى الفني للأغنية أو الفيديو كليب، كذلك لا نتحدث عن “حظ” الرجل.

ولكي نقفز سريعاً على خلاصة الحكاية، يمكنني القول أن فيديو كليب كـ “انت معلم” قد تكلف في تقديري (بعد المبالغة في التقدير) مبلغ 70 ألف دولار،  حقق ما يقرب من 20 مليون دولار كأرباح، منذ وقت بثه على يوتيوب، وهو كذلك رقم تقديري (بالغت في التقليل منه)، وللأسف لم أتمكن من الوصول إلى “لمجرد” ومراجعة عقده مع يوتيوب، فتلك هي الوسيلة الوحيدة للتيقن من الأرقام!!

الشاب/ منتج الفيديو كليب، قرر دراسة معايير “يوتيوب” جيداً، وقرر صناعة منتج فني مشجع على (إعادة النشر/ المشاركة) – Sharable بالانجليزية… منتج محبب إلى السواد الأعظم من الجمهور، يتلقونه، فيحبونه، ويعيدون مشاهدته، ويرغبون بشدة في مشاركته مع الأصدقاء.. خلطة سهلة في مكوناتها، صعبة للغاية في تحقيقها، لكنها في الوقت نفسه مضمونة النجاح، وتحقق الانتشار المطلوب.

  • ولنسأل أنفسنا هنا سؤالاً هاماً: متى كانت آخر مرة رأينا فيها منتجاً تلفزيونياً، تمتع بذات الصفات، فحقق نجاحاً مشابهاً؟؟

الحقيقة المؤسفة أن طريقة العمل للتلفزيون، – خاصة بـمصر- لا يمكنها إطلاقاً صناعة مثل هذا النجاح، ولكن يبدو أن هناك من يسير على الدرب، يبدو أن هناك من يتفهم بحق أهمية اللحاق بركب الإعلام الجديد، هناك في استوديوهات ضخمة بمدينة “دبي” … توجد MBC ، الرائدة فعلاً، والتي امتلكت الجرأة لتفتح طريقاً جديداً بـ “كبريت 45 ” … وهذه هي القصة التالية.

لكم المودة بلا حدود.

نرشح لك

أشرف أبو الخير يكتب : وفاة التلفزيون (1) ..حقائق وهكذا أشياء

[ads1]