خبر شراء الفنان محمد رمضان سيارتين باهظتي الثمن وهما “لامبورجينى افنتادور”، “رولزرويس جوست” أثار استياء الكثيرين من متابعي وسائل التواصل الاجتماعي، وتباينت الأراء بين مؤيد لحق “رمضان” في التمتع والتعبير عن سعادته بتحقيق أحلامه ومنها حلمه في اقتناء السيارتين، وكذلك حقه في الاحتفال بنجاحاته المدوية في هذا السن الصغيرة، وبرروا ذلك بالمعاناة التي واجهها في بداياته ورفض الوسط الفني له بسبب فقره وبشرته السمراء، واعتبروا ذلك نوع من التحدث بالنعمة التي أمرنا بها الله (عز وجل)، بينما تراوحت أراء المعارضين بين حاسدين وأخرين معتبرين أنه كان فين وأصبح فين؟! ومعترضين منطقيين لأن المجتمع يعاني فالغلابة تحت وطأة الفقر وهناك ارتفاع جنوني في الأسعار وبالتحديد سعر الدولار ويرون أن تصرفات “رمضان” يمكن أن تثير حفيظة الفقراء لا سيما وأن معظم جمهوره من البسطاء ولا داعي لاستفزازهم.
ولم أرغب فى أن أتدخل في الموضوع بأي بوست أو تعليق لأن كلا الفريقين له وجاهة رأيه، ولكن كانت مشكلتي أعمق من ذلك لأنني أدركت أنه على الأرجح أن هناك دافعاً قوياً وراء تصرف “رمضان” غير التحدث بالنعمة، لأن سلوكه عكس تصرفات كل المصريين الذين يتبعون في حياتهم غالباً مبدأ “داري على شمعتك تقيد، وداري على فرختك تبيض!!”، ولم تكن رحلة البحث عن دوافع “رمضان ” رحلة صعبة فقد بدا واضحاً أن الموضوع بالنسبة له هو نوع من تصفية الحسابات مع من عاملوه بعجرفة وكبرياء في بداياته، وهو ما قرأته على بروفايل أحد المهتمين بالشئون الفنية حيث تضمن الكلام تلميحات إلى أن “رمضان” في البداية واجه من بعض النجوم الكبار قليلاً من التجاهل وكثيراً من قلة الأدب، وأن المسألة لم تكن مجرد سيارة حلم بها فنان شاب وحقق حلمه باقتنائها، ولكنها كانت استعراض قوي وإثبات وجود وتنافس يبدو في ظاهره تافه لكن في باطنه هو صراع فني على الزعامة.
واياً كانت دوافع “رمضان” حيث لا يعلم ما بداخل القلوب الا الله (سبحانه وتعالى)، فإنه بالنسبة لي يعد مشروع فناناً جيداً كان يمكن أن يكمل مسيرة الراحل الكبير “أحمد زكى”، لولا أن الظروف العامة تغيرت وأنه أيضاً بنفسه اختار طريق النجومية الأسهل وهو طريق أدوار البلطجي التي تداعب أحلام البسطاء وابناء الأماكن الشعبية، وأرى أن قمة أداء “رمضان” كانت في الحلقات الأولى من مسلسل “ابن حلال” والذي تجلت فيه قدراته التمثيلية حينما أدى دور الشاب المكافح “حبيشة”، وخطف قلوب الجماهير عندما تورط ظلماً في حدوتة قتل ابنة الفنانة المشهورة وكان أدائه أكثر من رائع، لكن في الحلقات التالية لم يكن مقنعاً تماماً حينما عاد لشخصيته الأثيرة وتحول لبلطجي يريد الانتقام من الجميع.
وذكرني نجاح “محمد رمضان” وقصة خلافته للنجم الراحل “أحمد زكي” بحدوتة قديمة من أيام بداياتي في مجال الإعلام والصحافة، عندما كنت أتدرب في واحدة من أشهر المجلات الفنية وقتها وهي مجلة “كلام الناس” اللبنانية، وكان رئيس التحرير هو الصحفي اللبناني “فادي الحسيني” الذي كان يكتب باسم مستعار وهو “أحمد وجدي” وكان الرجل متعاوناً معي لأقصى الدرجات وبالفعل تعلمت منه الكثير سواء في الصحافة أو الحياة بشكل عام، وكان من ضمن مساعداته لي أن طلب مني القراءة الجيدة ومحاولة استخلاص موضوعات جديدة من بعض اوراق صحفي فني كبير كان يكتب في المجلة وتوفى (للأسف لا أذكر اسمه)، وأرادت زوجته الأخيرة التخلص من أوراقه فطلبت من إدارة المجلة أن ترسل من يجمعها حتى لا تكركب البيت!! وقرأت بعناية تلك الأوراق وكان فيها أشياء مبهرة (بالنسبة لي وقتها) منها حكاية قديمة على لسان “أحمد زكي”عن بداياته، حينما ذكر أنه كان المفترض أن يقوم ببطولة عمل سينمائي كبير وذهب بعد الاتفاق المبدئي لمكتب المنتج (على ما اتذكر) الراحل “ممدوح الليثي” ليفاجئ بأنه يقول له أنه تم استبعاده من بطولة الفيلم واستبداله بنجم أخر وسيم لجذب الجمهور لأنه لن يكون مقنعاً في الدور، وأكد “زكي” أنه لم يتمالك نفسه من الغضب فكسر كوب الشاى بين يديه ليختلط لون الشاى بالدماء المتفجرة من يده، ورغم إعجابي بتلك الحكايات ورغبتي في إعادة صياغتها ونشرها إلا أن المصور الصحفي الشهير”ناصر محجوب” أكد لي أن تلك الحكايات منحوتة (أى بلغة الصحافة منشورة في أكثر من مكان)، فصرفت نظر عن نشرها لكنها ظلت في مخيلتي ودعوت في سري ألا يرزقني الله بزوجة ترمي أوراقي بعد وفاتي مباشرة!!
ويبدو أن “رمضان” (الموهوب حقاً) واجه في بداياته صعوبات مشابهة لتلك التي مر بها “زكي” وكان يمكن أن يكمل مسيرة “الفتى الأسمر” لولا أنه اختار الطريق الأسهل، والذي لا يختلف كثيراً (فى وجهة نظرى الشخصية ومع الفارق فى التشبيه) عن الطريق الذى تختاره اي فنانة جميلة تمتلك جسداً مثيراً حينما تختار طريق الاغراء للوصول السريع الى النجومية، صحيح ان بعض نجمات الاغراء حينما تخطين مرحلة الانتشار بدأن فى اختيار ادوار جيدة واظهرن براعة تمثيلية مقبولة بعيداً عن اجسادهن، ولكن بعضهن ظللن اسيرات لتلك النوعية من الادوار للنهاية، واياً كان المنهج فانه يظل بالنسبة لي المبدأ نفسه مرفوض لانه يعبر عن بعض الخلل فى الضمير، كمن يحقق ثروة من اي نشاط مشبوه ثم يبدأ فى فعل الخير بعد ان تتضاعف ثروته، لان الشهرة (فى رأيى) مثل المال يجب ان يكون مصدرها مشروع تماماً حتى يحق لنا الاستمتاع بنتائجها.
وكذلك ارى ان اكبر مشاكل “رمضان” انه على ما يبدو لا يمتلك مستشارين مخلصين يساعدوه على اتخاذ القرارات الجيدة، لان اكبرعوامل نجاح واستمرارية اى فنان هى الدائرة المحيطة به، وسر بقاء ذكرى “حليم” حتى الان انه كان يجيد تكوين شبكة علاقات عامة ممتازة دافعت عنه فى حياته وبعد مماته، بل انها ساعدته كثيراً فى عبور المواقف الصعبة وكذلك توجيهه للاختيارات السليمة، فمثلاً ارى ان من اقترح على “رمضان” استغلال نجاحه التليفزيونى والسينمائى فى المسرح قد اضره كثيراً، لان “رمضان” من ناحية لا يملك مقومات النجم المسرحى ومن ناحية اخرى فان المسرح يواجه ازمة حقيقية كان ينبغى ان تجعل “رمضان” ينتظر ربما قليلاً او كثيراً قبل ان يفكر فى خوض التجربة، وقد سمعت مؤخرا “رمضان” يتحدث فى احدى ندوات تكريم ابطال مسلسله الاخير “الاسطورة”، ورغم اعجابى بموهبته فقد بدا واضحاً حينما تكلم انه لا يمتلك ثقافة او كاريزما النجم، وهنا اعود لفكرة الدائرة المحيطة بالنجم او بالمصطلح الاشمل صناعة النجم لان “رمضان” اذا اراد الاستمرارية فهو بحاجة لمن يصنع نجوميته الشاملة وليست فقط نجومية الاعمال الفنية المنتشرة.
وربما اخشى على “رمضان” اذا استمر فى اسلوبه من حيث تصفية الحسابات ولم يدعم نفسه بشبكة علاقات عامة محترمة ولم يعمل على رفع ثقافته، ان يلقى مصير بعض النجوم الذين وصلوا لاعلى درجات سلم النجومية سريعاً ثم نزلوها بمعدل اسرع من الصعود لاسباب متباينة والاسماء كثيرة ولا داعى للحصر، ودائماً لا انسى قصة نجم الاهلى فى الثمانينات “محمد عباس” والذى لمع بسرعة وقيل انه سيخطف الاضواء من “محمود الخطيب ” نفسه، ولانه لم يستوعب حجم النجومية والاضواء الذى وصل اليه فقد تهاوى بسرعة وقبض عليه فى قضية تعاطى وتهريب مخدرات بعد ان ادمن جلسات السوء وخرج من السجن يتسول استعادة لحظات من شهرته الخاطفة.
واخيراً اوضح انه عند بدء انتشار الفيسبوك فى مصر كان عليه الكثير من التحفظات وكان البعض وقتها يرفض قبول طلبات اضافة من ناس لا يعرفهم جيداً، ولا يمكن ان انسى ذلك الشاب الذى كان يحاول ان يرسل لى دائماً طلبات اضافة متكررة وكنت ارفضها فيعاود ارسالها، وكان شاب اسمر نحيل اجده احياناً فى قائمة اصدقاء بعض المعارف من الوسط الاعلامى، وكانت معظم صوره الموجودة على بروفايله من نوعية تلك الصور التى يتم تصويرها فى ستوديوهات المناطق الشعبية بخلفيات متباينة فى محاولة منه (تقريباً) لعمل ما اشبه بجلسة التصوير ولكن باسلوب بسيط، وتبقى ان اقول ان هذا الشاب اسمه “محمد رمضان” وتذكرته بالطبع حينما تحول الى نجم فى افلام البلطجة، وقلت لنفسى “مليش فى الطيب نصيب!!” مش كنت قبلت اضافته واتصاحبت عليه وكان زمانى ظهرت معاه فى فيلم “الالمانى” او مسلسل “الاسطورة”!! يللا دايماً كده باضيع منى الفرص الكويسة واخيراً لازم الحق نفسى واقول “احنا اسفين يا ابو الصيام !!”
نرشح لك