ألقت بعض الصحف الألمانية الضوء على الوضع المأساوي في مدينة حلب السورية. واعتبرت بعض الصحف وجود تشابه مع الأوضاع الكارثية التي شهدتهما البوسنة والشيشان قبل عقود قليلة.
دعت يومية “دي فيلت” الدول الغربية إلى التحرك لفعل شيء ما من خلفية الأوضاع المأساوية في سوريا وقالت:
“قبل أكثر من عشرين سنة، لم يحرك المجتمع الدولي والغرب ساكنا، فسمح لوحدات مسلحة صربية بارتكاب مذبحة في مدينة سيربرنيتسا البوسنية راح ضحيتها 8000 مواطن. فقط تحت تأثير صدمة عدم القيام بأي شيء لوقف تلك المذبحة، قرر المجتمع الدولي والغرب، التدخل لاحقا. واليوم تجري في مدينة حلب السورية كارثة إنسانية تفوق بفظاعتها مثيلتها في سريبرنيتسا. إذ أطبقت قوات نظام الأسد وإيران وروسيا الحصار على ربع مليون مدني في المدينة. التجويع وتدمير المنشآت عمداً في المدنية، مثل المستشفيات يشكلان عنصران أساسيان في حرب الإبادة الجماعية لمحور موسكو- دمشق-طهران (…) يتعين على الغرب عدم القبول بذلك بعد الآن. ضرب مواقع نظام الأسد وحلفائه هي التي ستجبره على الدخول في مفاوضات جادة وعلى إقامة منطقة آمنة لحماية المدنيين. إن الندم الذي أبداه الغرب بعد مذبحة سيربرنيتسا، لن يصدقه أحد هذه المرة”.
أما أسبوعية “دي التسايت” فقد قارنت بين القتال الدائر للسيطرة على حلب والقتال في مدينة غروزني الشيشانية عام 1999 وكتبت:
” في ديسمبر/كانون الأول عام 1999 طوقت القوات الروسية غروزني، آنذاك أرادت روسيا تدمير أكبر قدر ممكن من المدينة بواسطة المدفعية والقصف الجوي، حتى لا يستطيع الثوار الشيشان الاستمرار في الدفاع عن المدينة. القليل من الثوار فقط فضلوا ترك المدينة والهروب. وبعد انتقادات دولية حادة تنصلت موسكو من وعودها. وفي النهاية خلفت الحرب دمارا ومعاناة لا مثيل لهما. نشهد في هذه الأيام، استخدام نفس التكتيك في حلب. إذ تم منذ منتصف يوليو/تموز الماضي محاصرة 300 ألف إنسان في حلب، التي كانت فيما مضى الحاضرة الاقتصادية لسوريا. فهجمات قوات النظام، وإخوة الأسد في السلاح من شيعة إيران ولبنان، وعلى الأخص الهجمات الجوية الروسية، تضع المحاصرين أمام خيارين: إما الرحيل أو الموت. وينطبق هذا الخيار على كل القوات داخل المناطق المحاصرة، سواء المعتدلة مثل ‘وحدات حماية الشعب الكردية’ وبقايا ‘الجيش السوري الحر’، وأيضا على الميلشيات الجهادية الموجودة هناك. عندما تتساقط القنابل على المستشفيات وينتشر غول الجوع فسيؤثر ذلك سلبا على جميع المحاصرين: أي المقاتلين، مهما كانت توجهاتهم وأطيافهم، والمدنيين أيضاً. إن التذكير بما حصل في غروزني يجعلنا ندرك أن ما قد يأتي سيكون أسوء بالنسبة لحلب، رغم أنه يصعب تصور ذلك”.
تحت عنوان:”سينتصر بوتين في سوريا” كتبت صحيفة “راينشا بوست”، التي تصدر في مدينة دوسلدورف تعليقها مشيرة الى الأسباب وقالت:
“أولا، لا تحافظ روسيا على نفوذها في مناطق القتال والمناطق المتنازع عليها فقط، بل إنها وسعت من نفوذها بشكل كبير. وحتى الرئيس التركي أردوغان أدرك هذا الأمر فجاء رد فعله على زيادة النفوذ هذا من خلال إعادة ترميم علاقاته مع روسيا. فهناك روابط واضحة بين خطط أردوغان للهيمنة على كل جيرانه وخصوصا سوريا وبين علاقاته مع روسيا (…) ثانياً، في سوريا، أصبح بوتين يقف على قدم المساواة والندية مع الولايات المتحدة الأمريكية. ثالثاً، أبعدت روسيا عن نفسها شبح ‘الثورة الملونة’.
فمنذ ‘الثورة البرتقالية’ في أوكرانيا 2004 يخشي كل حاكم مستبد من أن تتطور مظاهرة سلمية للمواطنين لسبب صغير إلى انتفاضة شعبية تطيح بالأنظمة التي تبدو ظاهريا صلبة. فقد خيم على بوتين، ولوقت طويل، كابوس ديسمبر/كانون الاول عام 2011. إذ خرج مئات الآلاف إلى الشوارع في موسكو هاتفين ‘يسقط بوتين’، وذلك بعد انتخابات اتضح تزويرها. المحللون السياسيون للكرملين يصفون معظم ثورات الربيع العربي بـ”الثورات الملونة”، ومنها التمرد في سوريا، الذي قمعه الأسد بعنف، فنتج عن هذا القمع لجوء الثوار إلى المقاومة المسلحة. مكافأة بوتين على وقوفه في صف المنتصر، الأسد، هي رسالة موجهة معناها: يمكن هزم ‘الثورات الملونة’.