سجلت كل من فرقة الفنون الشعبية المصرية وأ وبرا سيشوان الصينية حضورهما بشكل لافت بمحافظة صفاقس خلال الأيام القليلة الماضية وذلك في إطار الأسبوعين الثقافي الصيني والمصري الذين أقيما في إطار تظاهرة صفاقس عاصمة الثقافة العربية 2016.
ولئن كانت مسألة اِستقبال الأسابيع الثقافية العربية أمرا تقليديا ودارجا في مثل هذه التظاهرات فإنّ الحدث غالبا ما يكون عند اِستقبال الضيوف من غير العرب الأمر الذي يأخذ طريقه منذ سنوات نحو التحوّل إلى أمر اِعتيادي في إطار الانفتاح المحلي على كل ألوان الثقافات الأخرى والعمل في مستوًى ثانٍ على إقامة وشائج دائمة لتواصل ثقافي مستمر لا ينقضي بانتهاء التظاهرة يقوم على التفاعل و التبادل.
الرقص : تعبيرة عاكسة للتنوع الثقافي المصري
خلال عرضها بالمركب الثقافي محمد الجموسي بصفاقس قدّمت الفرقة القومية للفنون الشعبية جملة من اللوحات الفنية الراقصة والموسيقية والتي نجحت في اِستقطاب عدد هام من الجماهير التي سهرت مع الرقص المصري الذي جاء في شكل مشاهد مسترسلة حبنا ومتقطعة أحيانا وفقا للضرورة الفنية فتغيرت تبعا لذلك الملابس وطرق الرقص ونوعية الموسيقى المقدمة، ومعلوم أن مصر تمثل فسيفساء ثقافية بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
فالغناء والرقص والملابس تختلف حسب المحافظات ولكنها تجتمع في جماليتها وإبداعها ومن ثمَّ إسعاد المتلقّي.
وقد نجح القائمون على العمل إلى حدٍّ بعيد في تقديم لوحة متجانسة من الملابس والرقصات وذلك من خلال التحكم في المعطى الموسيقي بإعطائه نسقا جديدا يحفظ قيمته الفنية ويدفع المشاهد إلى اِكتشاف خصوصيات كل لوحة ومن وراءها خصوصيات كل منطقة مقدمة في العرض دون أن يتسرب الملل إلى نفسه.
أوبرا بيكين…
يبدو أن سمعة أوبرا بيكين قد سبقتها إلى صفاقس التي كانت قد اِستقبلتها بالمناسبة منذ ثلاث سنوات في اِفتتاح مهرجان صفاقس الدولي آنذاك، فلم يكن التوافد الجماهيري لمواكبتها غريبا أو مفاجئً لمنظمي عرضها بالمركب الثقافي محمد الجموسي في إطار تظاهرة صفاقس عاصمة الثقافة العربية 2016، ولعلّ هذا الإقبال جاء لينفي مسألة هذا النشاز بين إطار عام هو الثقافة العربية وضيف صيني لا يمتّ للثقافة المذكورة بصلة، بل إنّ الأمر تجاوز ذلك إلى الإنبهار بالمادة المقدمة خصوصا حين تعلق الأمر بالعرض الفني الذي قدمته أوبرا بيكين من خلال منتخب كامل من الراقصين والفنانين ولاعبي الخفة المختصين في الحركات البهلوانية والألعاب الشعبية التي تقتضي درجة عالية من التركيز والدقة وفي كل اللوحات المقدمة تقريبا كان الرقص سيد الموقف والركح من خلال تطويع الأجساد اللينة لكتابة نصوص راقصة فوق الركح، ليخرج ذلك في شكل قصص حب منتهية بيأس وأخرى منفتحة على نهايات سعيدة بالإضافة إلى الرقص المشخص للحياة اليومية وقصص الحرب علاوة على الرقص المنفتح على الموسيقى الغربية في إشارة جادة إلى كون الثقافي الصيني جادّ في انفتاحه على أنماط أخرى من الموسيقى بعيدا عن مقولة الجمود أو الإنغلاق الملتصقة ظلما بهذه الثقافة الثرية والمتنوعة والمتجددة.
أوجد الرقص نفسه قبل الموسيقى واِستمرّ في تطوير نفسه من خلالها وتجاوزها في الكثير من الأحيان ليكون وبنوع من التميز تعبيرة مميزة للفسيفساء الثقافية في كل ثقافة أو حضارة والتي بوسعها تحقيق الإنتشار لتمكنها من تجاوز الحدود والعوائق التي تضعها اللغة.
هذا وشهد الأسبوعان علاوة على العروض الموسيقية والراقصة معارض وندوات شعرية ومحاضرات.
نرشح لك
[ads1]