محمد سلطان محمود يكتب: ما فعله الخواجات بالأهلي

(1)

بين ليلة وضحاها تحول المدير الفني لنادي الأهلي الهولندي مارتن يول من محبوب الجمهور وصاحب المخدة، إلى مدرب ضعيف لا يجيد قراءة أحداث المباريات ويتوجب عليه الرحيل عن القلعة الحمراء.

تحول قادة الفريق حسام غالي وعماد متعب من رموز إلى عبء على الفريق لا تطيق الجماهير تحمله، وهو ما أنسحب على باقي اللاعبين، وإنتهى –حتى الأن- بمهاجمة مجموعة من المشجعين الغاضبين لتدريب الفريق عصر اليوم وقيامها بالتعدي بالضرب على اللاعبين، وسط تضارب في الأخبار المتداولة عن حجم الإصابات وكيفية حدوثها.

لكن الأهم هو العواقب التي سببتها الأزمة الغير متوقعة من جماهير الأهلي التي طالما تغنت بشعار “جمهوره ده حماه، على الحلوة والمرة معاه”.

بالتأكيد لا يوجد حدث أكثر مرارة في تاريخ النادي الأهلي الحديث من حادث استاد بورسعيد الذي راح ضحيته 72 مشجع،وهو الحدث الذي وقف فيه جميع مشجعي كرة القدم حول العالم خلف نادي الأهلي وخلف الكرة المصرية التي أصيبت بإزمة لم تستطيع التعافي منها حتى الأن، لكن اعتداء جماهير الاهلي على لاعبيها حدث يستحق التوقف لدراسة ما الذي جعل الأمور تصل إلى تلك المرحلة من الإحتقان.

(2)

الأزمة باتت واضحة ومعلنة، لكن غضب بعض جماهير الأهلي من مارتن يول ولاعبيه ليس وليد الصدفة، ولا يمكن إعتباره بمثابة حدث وقع فجأة، بل هو نتيجة لتراكمات سابقة وقع فيها مجلس إدارة نادي الأهلي خلال الموسمين الماضين.

بداية من إقالة غير متوقعة لمحمد يوسف المدير الفني الذي فاز ببطولة دوري أبطال أفريقيا في ظل توقف البطولات الكروية في مصر، ثم تعيين غير مفهوم للأسباني خوان كارلوس جاريدو، المدرب الذي فشل في كل مهامة التدريبية، ثم إنضم للأهلي ليحصد اللقبين الوحيدين في مسيرته، كأس السوبر المصري وكأس الكونفيدرالية الأفريقية، وبالرغم من إقالته في مايو 2015، مازال جاريدو يصرح حتى الأن برغبته في العودة لإستكمال ما بدأه من إنجازات في الأهلي، وهو ما يدل على عدم معرفته بحقيقة مشاعر قطاع عريض من جماهير الأهلي السلبية تجاهه.

بعد رحيل جاريدو، جاء البرتغالي جوزيه بيسيرو، الرجل الذي لم يفز بأى بطولة طوال 37 عام تمثل مسيرته كلاعب ومدير فني، فترة بيسيرو إتسمت بإهتزاز اداء الفريق، ثم جاء قرار الإستقالة المفاجيء في نفس التوقيت الذي كانت تطالب فيه جماهير الأهلي برحيله، ليتولي مسئولية تدريب نادي بورتو البرتغالي، وينجح في فعل كل مايفعله مع كل الفرق التي تولى تدريبها، الفشل في تحقيق أى لقب والرحيل عن النادي.

1
الأسباني خوان كارلوس جاريدو

(3)

ثم جاء مارتن يول بما يحمله من تجارب تدريبية متوسطة النجاح في أوروبا، جماهير الكرة المصرية تعرف يول منذ أن كان المدير الفني الذي أحضر ميدو وحسام غالي إلى نادى توتنهام في فترة توليه تدريب النادي الإنجليزي، كما يعرف الجميع أنه المدرب الذي دفع حسام غالي لتدمير مسيرته الإحترافية ثم تركه يواجه هجوم الجماهير الإنجليزية الغاضبة دون الدفاع عنه، وقام بتجميد مهاجمه المفضل ميدو على دكة البدلاء دون مقدمات.

تولي يول مسئولية تدريب الاهلي في فبراير الماضي، في فترة كان يعاني فيها الزمالك حامل لقب الموسم الماضي من التخبط بعد رحيل البرتغالي فيريرا وتولي عدة أجهزة فنية مسئولية الإدارة الفنية.

مسيرة يول مع الأهلي في الدوري كانت ممهدة للقب في ظل غياب المنافس، لكن اداء الفريق في بطولة دوري أبطال أفريقيا جاء مخيب للأمال، ومع تولي محمد حلمي مسئولية تدريب الزمالك ، بدأت معالم تعثر يول مع الأهلي تتضح للجماهير كلما أصبح فارق النقاط بين الفريقان أقل، في تلك الفترة حاول يول الوصول إلى قلوب الجماهير عبر إطلاق تصريحات حماسية غير مسئولة مثل تصريح المخدة الشهير، أو قيامه بالهجوم على شريف إكرامي حارس مرمي الفريق، ومع ضغط الزمالك لتضييق الفارق، بدأت الجماهير تدرك أن يول ليس المنقذ الذي إنتظروا قدومه بعد إختيارين فاشلين لجاريدو وبيسيرو،  لكن توتر مشجعي الأهلي بسبب يول إنتهى مؤقتًا مع فرحة الإحتفال بالفوز بالدوري.

2
البرتغالي جوزيه بيسيرو

(4)

علاقة الحب المهتزة بين مارتن يول ومشجعي الأهلي إنتهت رسميًا مع إنطلاق صافرة نهاية مباراة الأهلي والزمالك في نهائي كأس مصر،والتي إنتهت بفوز الزمالك بثلاثة أهداف لهدف.

حينها أصبحت الأصوات المعارضة أكثر ارتفاعًا، ثم إنتهى كل شيء بعد تعادل الأهلي مع نادي زيسكو الزامبي والخروج من دور الثمانية في دوري أبطال أفريقيا ، اعقب تلك المباراة مشاجرة بين يول وأحد المشجعين الذي هاجمه وطلب منه الرحيل لعدم قدرته على تدريب فريق بحجم الأهلى، و أختتم يول إستفزاز الجماهير بعد تصريحه الذي أعلن فيه أن محمود طاهر رئيس النادي طلب منه الفوز ببطولة الدوري فقط ولم يطالبه بالفوز بكأس مصر أو دوري أبطال أفريقيا، وهو التصريح الذي حاول التراجع عنه بعدها عن طريق قيامه بإصدار بيان إعتذار للجماهير نشره باللغة العربية على صفحته بموقع فيسبوك.

لكن علاقة يول مع الأهلي أصبحت شبه منتهية، بعدما إتجهت مجموعة من الجماهير الغاضبة إلى تدريب الأهلى صباح الثلاثاء وقامت بالهتاف ضد اللاعبين، ثم قام بعضهم بالنزول إلى أرض الملعب والاشتباك مع مجموعة من اللاعبين وإحداث اصابات مختلفة بهم، وهو ما أدى إلى إستدعاء سيارات الاسعاف.

(5)

من الجانب الفني، لم يقم مارتن يول بتقديم أى جديد للأهلي، لم يقم بتصعيد ناشئين، لم يمنح الفرصة للاعبين كلفوا خزانة الأهلي ملايين الجنيهات، كما لم يفرض أى تطوير لأداء اللاعبين الذين إعتمد عليهم.

إستمر الهولندي في تدريب الأهلي لمدة 6 أشهر حقق فيهم أول لقب دوري في مسيرته الكروية المستمرة منذ 43 عام، وبينما تُكتب تلك السطور يجتمع يول مع محمود طاهر رئيس النادي الأهلي للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف.

لكن الأهم من رحيل أو بقاء مارتن يول، هو الوصول إلى سبب الأزمة المستمرة منذ عام 2014 داخل نادي الأهلي، لمعرفة السبب في فقدان اللاعبين لأهم ما ميز القلعة الحمراء عبر تاريخها، وهو “روح الفانلة الحمراء”، ذلك الحماس الذي يشتعل داخل اللاعبين ليتغلبوا على كبواتهم ومخاوفهم من تكرار الفشل.

لاعبي الأهلي فقدوا روحهم القتالية، كما يفتقد الفريق إلى اللاعب النجم الذي تتجه إليه أنظار المتابعين، فمنذ إعتزال بركات وأبوتريكة ووائل جمعة، والأهلي بلا قائد حقيقي في ظل عصبية حسام غالي وإشتباكه المستمر مع زملاءه، وفقدان عماد متعب للقدرة على لعب دور القيادة وتحفيز اللاعبين من مكانه على دكة البدلاء.

3
الهولندي مارتن يول

(6)

مشجعي الأهلي مازال لديهم الأمل في عودة العجوز مانويل جوزيه، لكن البرتغالي لايمتلك عصا سحرية، فمن صنع النجاح بالحضري وجمعة وبركات وأحمد حسن وأبوتريكة، قد لا يستطيع أن يكرر النجاح بأحمد عادل وسعد سمير وصالح جمعة وعمرو جمال وجون آنطوي، إحتمالات عودة جوزيه للأهلي تقلصت بعدما قام بتوقيع عقد مع نادي نجوم المستقبل في دور فني لم يتم إعلانه بعد.

ليتبقي لوسائل الإعلام مرشح واحد هو حسام البدري، واحد من أخر الذين نجحوا في تولي قيادة الأهلي إلى منصة البطولات.

البدري يمتلك القدرة على تطوير اللاعبين وتصعيد ناشئين، لكنه بشهادة لاعبيه السابقين يفتقد إلى القدرة على إكتساب صداقتهم بسبب جديته الزائدة وصرامته التي لا يستطيع اللاعب المصري “النجم” تقبلها، بعكس جوزيه الذي مازال يتواصل مع نجومه السابقين ويحظي بمكانة البطل الشعبي لدي جماهير الأهلي العريضة.

(7)

الأهلي يحتاج إلى مدير فني يستطيع إكتساب حب اللاعبين وقائد يستطيع بث روح الحماس فيهم طوال التسعين دقيقة، وبطل يدرك جيدًا معني قيمة فانلة الأهلي ومايرتبط بها من إلتزامات، وفي ظل ندرة أصحاب الخبرة من اللاعبين، فالأهلي يحتاج إلى مدير فني يجمع كل تلك الصفات.

ربما يبدو الحل المتاح هو الحل الأصعب لدى شريحة من جماهير الأهلي حديثي السن، لكن حسام حسن هو المدير الفني الذي يجب أن يلجأ مجلس إدارة القلعة الحمراء للإستعانة به، روح حسام حسن القتالية لا تحتاج إلى أمثلة ، وسيكون بصحبته مدير كرة شديد الصرامة لايقبل بأى إستهتار أو تراخي وهو توأمه إبراهيم، وبالتاكيد لايوجد لاعب في مصر يمتلك مايجعله أكثر نجومية من حسام حسن.

كما إستطاع العميد إثبات قدراته التدريبية أكثر من مرة من خلال تجارب تدريبية مختلفة، سواء كمدير فني لمنتخب الأردن أو من خلال مسيرته التدريبية مع عدة أندية أبرزها الزمالك والإتحاد وأخيرًا المصري.

العقبة الوحيدة التي قد تواجه مجلس طاهر في حال الرغبة في الإستعانة بحسام حسن هي فكرة إنتقال المدير الفني لنادي المصري البورسعيدي لتدريب الأهلي، وهي العقبة التي لا يمتلك مفاتيح حلها أى شخص سوى حسام حسن وتوأمه إبراهيم.

 

نرشح لك

[ads1]