إيمان مندور
ربما أصبح اهتمام الصحف بأخبار السرقات الأدبية والعلمية لدينا، لا يجد صدىً كبيراً لدى جمهور القرّاء في العالم العربي، فأصبحت الصحف لا تكترث لمثل هذه النوعية من الأخبار بدرجة كبيرة، لكن الأمر اختلف خلال الأيام القليلة الماضية، ربما لازدياد وعي القارئ والمتابع العربي يوماً بعد يوم، وربما للواقعة التي انتبه لها الجمهور قبل أن تتحدث عنها الصحافة.
ما فعله وزير الثقافة السعودي عادل الطريفي، عندما نسب بعض الأبيات الشعرية لنفسه، وهي في الأساس لأمير الشعراء أحمد شوقي، لم يكن مجرد “سرقة أدبية” فحسب، بل هي أزمة ثقافية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لأن المتهم فيها هو حامي الثقافة في الدولة.
كان يجب على الوزير أن يخرج ليرد على المواطنين الغاضبين، لكنه لم يفعل، ولم يوضح أو يبرر موقفه حتى هذه اللحظة.. ربما اعتقد أن كلمة “أعددتها” التي قالها قبل أن يتلو نص الأبيات الشعرية في محفل ثقافي كبير بحضور أحد أمراء المملكة، ستشفع له باعتبار أنه لم يقل “قمت بتأليفها”، كما برر البعض، لكن منذ متى كانت الكلمات تبرر تحريف المجهود الأدبي للآخرين؟
ربما كان تعليق الناقد الأدبي والثقافي السعودي الدكتور عبدالله الغذامي، على هذه القضية هو الأكثر إنصافاً إلى حد ما، فقد أوضح أن القضية خطيرة جداً ولا مجال فيها للمجاملة، وأنه من العدل أن نسمع توضيحاً من المتهم ثم نطلق الحكم، فهذه محكمة ثقافية علنية، على حد قوله.
اكتفى “الغذامي” بتوجيه سؤالين لوزير الثقافة، يريد معرفة جوابهما، ليصدر حكمه على الواقعة عن بينة واستبصار، كان الأول هل تمت الإحالة لشوقي حينما ترنم الوزير بالنص؟، والثاني هل الوزير هو قائل النص بنفسه أم نقله من غيره؟.. أسئلة في رأيي تحتاج إلى جواب وافي من الوزير السعودي، فالمنصفون أعطوه فرصة للتبرير قبل إصدار أية أحكام، وعليه أن يستغل ذلك ليوضح موقفه “إن كان بريئاً”.
ما يشغلني أنا شخصياً في هذه الواقعة، هو كيف ستتم المحاسبة بعد ذلك لمن سرق نصاً أدبياً من غيره؟، هل ستتخذ الوزارة الإجراءات اللازمة أم “ستستشعر الحرج” من المعاقبة على هذه الجريمة؟، لو لم يوضح الوزير موقفه ولو لم تتم محاسبته إن كان مخطئاً، فكيف ستتحقق العدالة؟… في رأيي ستظل دوامة الأسئلة هذه متجددة مادام الوزير مصّراً على تجاهل الرد، والمواطن مصّر على معرفة الجواب… دمتم مثقفين.