محمد سلطان محمود يكتب: كيف تفقدي 20 كيلو من وزنك في 12 خطوة

(1)

أى مؤسسة إعلامية في العالم تقوم بإنتاج محتواها الخاص وتهدف إلى تحقيق الربح من وراء برامجها، ذلك بسري في جميع أنحاء الأرض، لكن في بعد زمني أخر في المجرة يوجد كوكب يُدعى “ماسبيرو” تضاربت الأقوال حول عدد قاطنيه الحقيقين وإن كان المؤشرات تقول أنهم يقتربوا من الـ40 الف عامل.

بالتأكيد مؤسسة إعلامية تمتلك الألاف من العاملين الذين يكلفوها ملايين الجنيهات من الرواتب الشهرية، تمتلك القدرة على إنتاج محتوى إعلامي يكفي قنوات الوطن العربي بأكمله.

لكن أكبر شبكة تليفزيونية في الوطن العربي من حيث عدد القنوات وحجم العمالة، هي الأقل مشاهدة في الوطن العربي مقارنة بالشبكات الأخرى.

(2)

في السابق كانت القناة الفضائية المصرية هي القناة الأبرز، حينها كانت المنافسة بين الإعلام المصري والإعلام اللبناني متمثل في قناتي LBC والمستقبل.

الفضائية المصرية هي من صنعت نجم برامج الأطفال الذي كان لا يظهر بوجهه أحمد حلمي، في برنامج “عالم عيال”، وهي من قدمت وجوه أحبها المشاهدين المصريين وأغنتهم عن مشاهدة القنوات الأخرى مثل داليا البحيري، ريهام السهلي، شريف عبد الرحمن ،أميرة عبد العظيم وريم الشافعي.

(3)

تلك الفترة هي نفسها التي شهدت برامج قوية على القنوات الأرضية، “كلام من دهب” لطارق علام، “حديث المدينة” لمفيد فوزي، “بين الناس” لجمال الشاعر، تليفزيون الدولة الرسمي كان وقور وقوي ويمتلك القدرة على المنافسة.

ليلة عرض حلقة “حديث المدينة” هي حدث هام في البيوت المصرية يجذب جميع أفرادها ليشاهدوا ضيوف المحاور مفيد فوزي ويستمعوا إليه وهو يضغط عليهم بجملته الشهيرة “إسمح لي أسئلك”.

(4)

ثم جاء عصر الانفتاح الفضائي، وانطلاق القنوات المصرية الخاصة ، الحدث الأهم في الألفية الجديدة للإعلام المصري هو عندما بدأ ارسال قناة دريم بأغنية مدحت صالح “حلم جديد”، تلك الأغنية كانت بداية خط اللارجعة في كسر الشكل التقليدي للإعلام المصري، في الفترة نفسها بدأت قناة المحور إرسالها بنفس الشكل الذي مازالت تقدمه حتى الأن، لذلك لا يمكن إعتبارها صاحبة تأثير.

قناة دريم بدأت بمجموعة برامج متنوعة، مما صنع حالة إبهار غير معتاد بالنسبة للمشاهد المصري، فبعدما كان ظهور نجم كبير في برنامج بالقناة الأولى أو الفضائية حدث هام، أصبح المعتاد هو وجود النجوم بشكل متكرر شبه روتيني على شاشة دريم بصحبة هالة سرحان التي تحولت خلال أسابيع قليلة إلى الإعلامية الأولى في الوطن العربي.

في تلك الأثناء كان اتحاد الإذاعة والتليفزيون يشٌاهد تجربة الفضائيات الخاصة دون حراك، مكتفيًا بكونه شريك في القنوات الخاصة ومدينة الإنتاج الإعلامي والقمر الصناعي.

(5)

أحدهم تنبه إلى ضرورة عودة التليفزيون المصري للمنافسة، فجاءت فكرة برنامج البيت بيتك الذي أنطلق في عام 2004، بإدارة للإنتاج بعيدة عن قيادات ماسبيرو.

في البداية تعثر البرنامج وحدث تغيير مستمر لمقدميه والإستعانة بالخبرات من خارج ماسبيرو، فأستقر تامر أمين بصحبة محمود سعد، بينما تغير مرافقيهم عدة مرات، فتزاملا مع معتز الدمرداش،نيرفانا إدريس، إيمان الحصري،إنجي أنور، مريم أمين وأخرين، ليتوقف البرنامج في 2010 في ظل تقديمه بواسطة تامر أمين، محمود سعد، خيري رمضان ومنى الشرقاوي.

لكن نجاح البيت بيتك لم ينعكس على أى قناة من قنوات اتحاد الإذاعة والتليفزيون، ولم يستفد القائمين على إدارة الإعلام حينها من قدرة البرنامج على جذب المشاهدين لتوجيههم لمتابعة إنتاجات ماسبيرو الأخرى.

(6)

المنافسة في سوق الفضائيات كانت على أشدها بعد دخول كيان سيطر على السوق وخطف من قنوات دريم الأضواء والمشاهدين،وهو شبكة قنوات الحياة، التي ظلت هي الشبكة التليفزيونية الأقوى حتى جاءت ثورة يناير 2011، التي تحولت فيها قنوات اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري إلى مصدر للسخط والسخرية، أخفقت قنوات ماسبيرو في التعامل مع الأحداث، ودفعت الثمن غاليًا في فقدان شريحة كبيرة من المشاهدين.

(7)

حالة الفراغ التي سيطرت على السوق الإعلامي، المصاحبة لنهم المشاهد المصري لمتابعة البرامج الحوارية ورؤية تغيير، دفعت لظهور كيانات إعلامية متطورة وبدأت خطواتها الاولى وهي كبيرة، مثل شبكة قنوات النهار و شبكة CBC، وبعدها بفترة ظهرت قناة mbc مصر، ليتنافسوا مع شبكة قنوات الحياة على الصدارة، فيما حاولت شبكتي قنوات دريم و ONtv مجاراة المنافسين للبقاء دون الحاجة إلى إحداث تغيير جذري في سياساتها الإعلامية.

(8)

مع بداية عام 2016، حاول اتحاد الإذاعة والتليفزيون العودة مرة أخرى للمنافسة عن طريق إطلاق برنامج “انا مصر”، ومثلما شهد برنامج “البيت بيتك” العديد من التخبطات والتغيرات، واجه برنامج “انا مصر” المشاكل نفسها، لكن القائمين على إدارة ماسبيرو قرروا وقف البرنامج نهائيًا، مع وعد بإطلاق برنامج أخر لاحقًا.

عام 2016 شهد تغيرات كبيرة في شكل السوق الإعلامي، إتفاقية شراكة بين المنافسان الأكبر شبكة النهار و شبكة CBC، بيع قنوات ONtv لرجل الأعمال أحمد ابو هشيمة، الإستعداد لإطلاق شبكة تليفزيونية يبدو من أخبارها أنها ستكون منافس قوى هي dmc.

(9)

عمرو أديب إنضم لـONtv  التي حصلت على الحق الحصري لعرض الدوري المصري الممتاز، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى فقدان شبكة تليفزيون الحياة لنسبة كبيرة من حصتها الإعلانية التي إعتمدت على وجود ستوديوهات تحليلية وبرامج رياضية يومية في الفترة المسائية لتغطية الدوري المصري.

السوق الإعلامي منفتح حاليًا على فكرة التغيير ودخول كيانات جديدة، تجعل المنافسة على أشدها، فيما يمكن أن نصفه أنها محطة جديدة يصل إليها قطار التطور الإعلامي في مصر، يمكن التأريخ لما بعدها وما قبلها.

(10)

أثار قرار منع 8 مذيعات بالتليفزيون المصري من الظهور على الشاشات بسبب وزنهن الزائد حالة من الجدل في وسائل الإعلام خلال الأيام القليلة الماضية، بين مؤيد يرى أن الظهور على شاشة التليفزيون له شروط وضوابط من ضمنها الشكل، ومعارض يرى أن منع شخص من العمل بسبب حالته البدنية يخالف القوانين ويعتبر نوع من التمييز.

يحدث ذلك في الوقت الذي يبدو أن القناة الوحيدة الصالحة للمشاهدة من قنوات اتحاد الإذاعة والتليفزيون هي قناة ماسبيرو زمان، لأنها تقوم بعرض برامج تم إنتاجها منذ أكثر من 50 عام لكنها تحمل جودة تفتقدها برامج قنوات ماسبيرو الأن.

لكن يبدو أن أزمة الأوزان هي القضية الأهم داخل اتحاد الإذاعة والتليفزيون حاليًا.

(11)

التراجع الشديد داخل اتحاد الإذاعة والتليفزيون والتقدم في الفضائيات الخاصة، له سبب واضح وبسيط.

القنوات الخاصة تدفع الأموال لتجني الأرباح، وأى برنامج لا يستطيع جذب الرعاة والمعلنين يتم وقفه والإستغناء عن مقدمه، بينما يقبع داخل مبني اتحاد الإذاعة والتليفزيون ما يقرب من 40 الف موظف، ولا يمكن مقارنة الاف الجنيهات التي يحصدها اتحاد الإذاعة والتليفزيون من حوالي 20 قناة، بالملايين التي تحصدها أى قناة تليفزيونية خاصة من فواصل مباراة كرة قدم بين الأهلي وبتروجيت.

(12)

حاسبوهم قبل أن تزنوهم، قيموا محتوى برامجهم وكافئوهم أو إمنعوهم، وحينما تنتهوا من مراجعة محتوى البرامج وجدواها لن يحتاج أحد في ماسبيرو إلى الخضوع لتقييم بناء على الشكل، ولن يستمر داخل مبني اتحاد الإذاعة والتليفزيون من يقوموا بإهدار أموال الدولة في صناعة برنامج يشاهده المذيعة وأقاربها من أجل الحصول على بدل تقديم الحلقات.