محمد العصيمي يكتب: بلوى الكاتب! - E3lam.Com

نقلاً عن صحيفة “عكاظ”

الكتّاب في كل العالم في الغالب معتبرون ومحترمون بينما هم في عالمنا العربي منبوذون ومكروهون، مرة من الأنظمة السياسية التي تخشاهم ومرات من الشعوب التي تفهم دور الكاتب بأنه ناقل لما تريده وترضى به وليس لما يراه ويؤمن به. ولذلك تجد الكتاب العرب مبتلين بالسب والشجب والشتم أيا كان ما يكتبونه؛ لأنه في كل مرة تخرج فئة أو جماعة لا يعجبها ما كتبه هذا أو ذاك فتجلده بسياط غليظة إلى أن يحين دور الفئة أو الجماعة الأخرى وهكذا دواليك: لن يرضى عنك القرّاء حتى تتبع ملة كل واحد منهم وتتقطع آراؤك بين مللهم وأطيافهم وطائفياتهم.

 
لم تكن مهمة الكاتب في يوم من الأيام أن يردد ما يريده الناس وإلا ما أصبح كاتبا؛ على اعتبار أن وظيفة الكاتب هي أن يأخذ بيد المجتمع، بكل فعالياته وأطيافه، إلى الأصلح لحاضره ومستقبله ومعاشه وحياة أفراده. وإذا رأى ما يؤدي إلى هذه النتيجة أيده في الوقت الذي إذا رأى ما قد يحرف المسار إلى نتيجة مغايرة عارضه بطريقته وليس بطريقة أحد ممن يتصورون أنهم ينوبون عنه في صياغة أفكاره وتقديمها كما يشتهون أو يتمنون.

 
الكتابة ممارسة للتنوير بالدرجة الأولى وعمل شاق لرفع الوعي لدى الجماهير التي تفقد هذا التنوير وهذا الوعي إذا بقيت دون (صدمات) أو (محفزات) فكرية توقظها من سباتها، وتدفعها إلى فعل حقيقي مؤثر في تنميتها وتطورها. ولذلك فإن أسوأ أنواع الكتاب هم أولئك الذين يدقون على طبول الجماهير ويعزفون موسيقاهم لينالوا رضاهم وتصفيقهم. موسيقى الكاتب الحقيقي مختلفة ومتنوعة في كل حين لأنه لا يطلب الرضا والتصفيق بقدر ما يطلب الوعي والتنوير، ولذلك سيظل هذا الكاتب الحقيقي مبتلى بسياط الجماهير التي تفزع من الاختلاف وترفض التغيير. وهذا هو قدره في عالمنا.