طارق الشناوي يكتب: التورط ممنوع والغضب مرفوع!

نقلًا عن “الشرق الأوسط”

كثيرًا ما أفاجأ بمن يتصل بي معاتبًا لأنني لم أشارك في قضية مثارة عبر «الميديا»، وينتظر مني ليس في الحقيقة أن أدلي بدلوي وأكتب قناعاتي وما يمليه عليّ ضميري، ولكن أن أدلي بدلوه هو وأكتب قناعاته هو، وأن أتحدث بضمير الغائب، ضميره هو!!
أردد دائمًا تلك الحكمة المنسوبة للإمام الشافعي «رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب» فلا أحد يحتكر الحقيقة ولا الصواب، القضية التي أتناولها، أحاول أن أطل عليها بزاوية أخرى، إنه التراشق الذي حدث مؤخرًا بين كاتب مصري كبير، وعدد من المثقفين في المملكة المغربية، بسبب تجاوز ما في قواعد الندوات أقدم عليه الكاتب المصري كما أشارت الصحف المغربية، وذلك عندما أشعل سيجارة في الندوة ولم يلتزم بالقواعد، في الحقيقة لم تكن الأولى، وتأكدوا أنها ليست الأخيرة، إلا أن المطلوب ألا نحول معاركنا الصغيرة إلى نيران مشتعلة، تمتد إلى دائرة أبعد بكثير من قدرتنا على إطفائها، أكثر من مرة حدث مؤخرًا غضب في الشارع المغربي من كلمة انفلتت عبر الشاشة الصغيرة، مثلما وجهت إحدى المذيعات المصريات، كلمة ضد الشعب المغربي، صحيح أنها اعتذرت على الهواء، بل إن مالك القناة أبعدها تمامًا عن شاشته عقابًا لها على التطاول، إلا أن هناك شيئًا من الغضب المغربي الكامن لا يمكن إنكاره، وهو ما يتكرر في أكثر من بلد، مثلاً ملحن لبناني مخضرم نسي أو حتى تناسى ولم يذكر اسم عبد الحليم حافظ في أحد البرامج، وقال مشيرًا إليه «اسمه إيه»، وعندما عاتبوه قال إنه صار كثيرًا ما ينسى الأسماء.

تفاصيل كثيرة تتكرر، ولكن علينا ألا نشارك في صبّ الزيت على النار، المطلوب أن ننظر للقضية فقط في عمقها، بعيدا عن وضع الكاتشب والشطة على الواقعة لتصبح «سبايسي»، فلا يزال ما حدث من تراشق بين الإعلام المصري والجزائري قبل ست سنوات ماثلا في الأذهان، عندما أدت مباراة في كرة القدم إلى غضب عارم في الشارعين المصري والجزائري، وكانت التجاوزات لا سقف لها.

وهو ما يتكرر لو أن فنانًا لبنانيًا مثلاً قال رأيًا سلبيًا في أم كلثوم، هل في المقابل على الفنان المصري أن يرد برأي مماثل ضد فيروز؟ ونلمح تراشقات مليئة بالغمز واللمز، بالمناسبة لا توجد مقدسات في الفن ولا أحد فوق النقد، في أعقاب هزيمة 67 انفعل موسيقار كبير بحجم محمود الشريف قائلا إن أم كلثوم والحشيش هما سر الهزيمة، والعنوان كما ترى قاسٍ جدًا، ناهيك على أنه يخاصم الحقيقة، فقبل الهزيمة كانت أم كلثوم تغني للوطن ولعبد الناصر، وبعد الهزيمة لعبت دورًا في دعم المجهود الحربي بتلك الحفلات التي ذهبت حصيلتها لدعم القوات المسلحة، ويبقى أن هناك من يرى أن سيدة الغناء العربي كان عليها أن تصالح الزمن بأغانيها وتتوقف عن الإسهاب والإعادة، مثلا يوجد على الشبكة الالكترونية لقاء قديم أجرته الإذاعية ليلى رستم للتلفزيون اللبناني مع الفنان الكوميدي عبد السلام النابلسي، هاجم فيروز، واعتبرها صوتًا اصطناعيًا، أختلف مع الانتقادين، ولكن لا أصادر الحق في إبداء الرأي السلبي حتى لمن وصل إلى القمة، ولكن لا ينبغي أن نعتبر أن انتقاد فنان أو مثقف يعني النيل من البلد، ومن يُمسك بالقلم عليه ألا يتورط لإرضاء الغاضبين هنا أو هناك، فلم يعد لدينا في الحقيقة الكثير من الماء لإطفاء تلك الحرائق!

نرشح لك: طارق الشناوي يكتب: شريهان.. ما أحلى الرجوع إليها!