هالة منير بدير
قارن كثيرون مشهد الطفل السوري “عمران” المُنتشل من تحت الأنقاض بمشهد الطفل “إيلان” الذي لفظته أمواج البحر بعد أن غرق في رحلة الهروب من سوريا، وأن خيارات الأطفال في سوريا قد انحصرت بين الموت غرقا أو الموت تحت القصف السوري أو الروسي، ولكني حين رأيت الطفل عمران يجلس وحيدا على كرسي عربة إسعاف مغطىً برماد الدمار تذكرت المدعو أحمد آدم في سخريته البذيئة في مايو الماضي من محنة أهلنا في سوريا..
جلس الطفل “عمران” تكسو ملامح وجهه علامات الاستفهام والضياع، خرج لتوه من تحت أنقاض بيته المُدَمَّر، جفن عينه اليسرى متهدِّلا، مما يوحي بأن عينه في مكان غير وضعها الطبيعي، يحدق في شيءٍ ما، ربما كان يستعيد لحظات انتشاله من تحت الركام أو لحظات انهيار البيت، وربما فقد النطق فلم يسأل عن باقي أفراد أسرته، وربما يكون أيضا قد فَقَدَ القدرة على البكاء والصراخ من آلام ألَمَّت به، ذرات التراب التي غطته ذكَّرتني بوصلة التهكم التي أدَّاها أحمد آدم حين ادَّعى بفجور أن مشاهد الأحياء الذين يخرجون من تحت الأنقاض ما هي إلا تمثيلية من قنوات مثل الجزيرة وبي بي سي لخداع الشعوب العربية، يُوضع فيها البودرة على شعر وقفا الضحايا المُفبركين؟!
فراس سعيد لأحمد آدم: مش عايز أغلط فيك
هل شاهد أحمد آدم جثة الطفل “إيلان” الغريق هربا من الجحيم السوري قبل الإعداد لفقرته الوقحة؟! هل رأى عين “عمران” التي تُوحي وكأن عصبا ما في الوجه قد أُصِيب مسببا لتيبس في منتصف الوجه؟! هل لازال مصَدِّقا لما هذى به أن ما يُعرض على القنوات من مشاهد القصف والموت في سوريا ما هو إلا مجرد تمثيلية؟!
وبالقياس فالقصف الجوي الإسرائيلي أمس على غزة ما هو إلا رد فعل مُبَرَّر على هجمات الفلسطينيين الوحشية، كما أفتى كثير من الزومبيز فاقدي الإنسانية! أو لأنه كما يتردد على لسان صهاينة الداخل أن قطاع غزة يضم حماس الإخوانية التي فتحت السجون في 25 يناير ولذا فحلال فيهم القصف الصهيوني! فالجرائم الإعلامية لا ولن تتوقف، ورد الجهات المعنية إما بالصمت أو بالاعتذارات الواهية عقب كل إساءة، ليظل الشعب المصري يعبّر عن أسفه عنها في مواقع التواصل الاجتماعي، دون عقاب رادع لمن يزدري الدم والموت ويسخر ويُسَفِّه من خراب الأوطان العربية!
“الحياة” ترفض وقف برنامج أحمد آدم
ولكن من المؤكد أن أحمد آدم وأمثاله ممن قد طمس الله على قلوبهم، فلا يحسون عجزا أو مهانة لما آلت إليه الشعوب العربية، هم ممن تم تجنيدهم ليظلوا أبواقا تبث الرعب في النفوس، بأن من يجرؤ على الانتقاد أو الاعتراض، أو يثور لفضح الفساد والظلم والتخلي عن الأرض فهو بالطبع خائن وعميل وممول وصاحب أجندات وكاره للجيش ومنتمٍ بإخلاص لجماعة الإخوان المسلمين، ومن ثم حلال فيه الطرد من رحمة السيسي ومن جنات عدن وألَّا يُدفن في مقابر المسلمين..