نقلا عن مجلة 7 أيام
مجموعة من المهتمين بقضايا الصم والبكم في مصر يطلقون قناة تلفزيونية موجهة للمصريين من فاقدي حاستي الكلام والسمع عبر يوتيوب، المذيعون أيضا من الصم والبكم، إطلاق القناة تم في حفل كبير تابعت تفاصيله عبر تقرير بثته قناة سكاي نيوز عربية.
تذكرت على الفور مترجمي لغة الإشارة الذين قدمهم التلفزيون المصري قبل 20 سنة تقريبا في البرامج والنشرات الرئيسية، قبل أن تنتقل العادة لبعض البرامج في القنوات الخاصة خصوصا “آخر كلام” للإعلامي يسري فودة على أون تي في.
ما سبق كان أقصى ما قدمته القنوات الحكومية والخاصة للصم والبكم في مصر، أن قدمت لهم ترجمة بصرية بلغة الإشارة لما تبثه الشاشات من برامج وأفلام ومسلسلات موجهة للأصحاء، لكن أن يقدموا هم برامج بأنفسهم عن أنفسهم لم يحدث ذلك إلا عبر قناة اليوتيوب الجديدة.
في نفس الأسبوع انطلقت قناة شبابية جديدة عبر نفس الموقع هي ICU بدعم من الزملاء في مؤسسة اليوم السابع. الشباب هم الأكثر استهلاكا لليوتيوب بالطبع، والدليل على ذلك النجومية التي حققها مذيع الشارع أحمد رأفت عبر فيديوهات حققت عدد هائل من المشاهدات جعلته مطلوبا في العديد من القنوات الفضائية رغم انطلاقه من مواقع إلكترونية، وهو ما تكرر مع المذيعة سارة فؤاد التي حققت نجاحا كبيرا أيضا عبر فيديوهات يتم تصويرها في الشارع وتنطلق من أسئلة ومواقف لا يفكر فيها القائمون على الإعلام التقليدي ولو فعلوها يتم التنفيذ بأسلوب قديم عفى عليه الزمن.
لرأفت وفؤاد عبر فيس بوك عشرات الألوف من المتابعين بشكل يتخطى عدد متابعي بعض مشاهير الشاشات الفضائية في مصر، لكن قلة هم من انتبهوا لنجاح هؤلاء وغيرهم ممن تحرروا من قيود مدينة الإنتاج الإعلامي وانطلقوا عبر يوتيوب يحققون جماهيرية من نوع خاص.
على نفس الخط يقف محمود مهدي صاحب سلسلة “فيلم جامد” الذي يحلل من خلالها وفي دقائق الأفلام الجديدة وبات مؤثرا في اختيارات جمهور السوشيال ميديا للفيلم الذي يستحق ثمن التذكرة، وتسير معه أيضا في ذات الطريق إنجي أبو السعود التي تحلل الأفلام ضمن سلسلة عنوانها Vignette.
كل هؤلاء ظهروا على التلفزيون بعد نجاحهم عبر يوتيوب، ولا مرة فكرت القنوات الفضائية في اختبارات للموهوبين فقط والاستماع لأفكار واجتذابهم وتقديم برامج تناسب جمهور التلفزيون واليوتيوب معا.
البعض بدأ يتحرك في هذا الاتجاه لكنه تحرك بطيء للغاية، بطء اعتاد عليه كل من يعمل في الدائرة القديمة ويتعثر كلما قيل له إن هناك سباقا سريعا يجب أن ينضم له الآن أو ينتحى جانبا وللأبد.
اليوتيوب قادم، عبارة ليست جديدة ولا أنسبها لنفسي، لقد وصل فعلا، ووصلت بعده خدمات الفيديو عبر فيس بوك وإنستغرام وسناب شات وغيرها من التطبيقات التي نسمع بها ونسخر منها ونظن أن الشباب يقضي وقت فراغه في تفاهاتها فقط، وعندما يفكر برنامج في دخول هذا العالم يكتفي بإطلاق حساب له على إنستغرام مثلا ونشر صور من كواليس الحلقات ليدخل أصدقاء المذيع يبدون إعجابهم ويمسكون الخشب وكان الله بالسر عليم.
اليوتيوب قادم، نقولها مجددا لمديري القنوات الفضائية الذين لازلوا يفكرون في أن أي برنامج يجب أن تكون مدته 26 دقيقة على الأقل، والتوك شو يصل لثلاث ساعات، والضيوف لازم ولابد أن يأتوا إلى الأستديو المجهز بأفضل المعدات، ثم يُحملون الحلقة كما هي على يوتيوب ويقولون للناس إنها متاحة وكأن الإتاحة في التحميل لا التقطيع السليم لأهم الفقرات واختيار العناوين التي تحترم عقل المشاهد لا تخاطب غرائزه.
طبعا لن ينتهي التلفزيون أبدا، وسيكون له جمهوره دائما، لكن سيظل هذا الجمهور يتقلص لو لم يفكر القائمون على القنوات هنا في أن فيديوهات الإنترنت مسار موازي ومتكامل لا تابع وتالي لما يقدمونه عبر الشاشات التقليدية التي هرب منها الكثيرون؛ هرب الأصحاء ومتحدي الإعاقة، هرب الشباب ثم الكبار، فيما يأس الأطفال مبكرا والتزموا شاشات المحمول تفاديا لسخافة الكرتون.