نقًلا عن البوابة
هل كان الرئيس عبد الفتاح السيسي فى حاجة لحديث عبثى وفوضوى عن مسألة ترشحه مرة ثانية من عدمه؟ هل كان يحتاج لإحاطته بجدل لا ينتهى باستطلاعات رأى مهترئة، يتم فيها استدعاء الجماهير لتقول رأيها بالموافقة على ترشحه مرة ثانية من عدمه؟ هل كان فى حاجة لحوارات جانبية عما يجب أن يفعله بعد أقل من عامين، هى الفترة المتبقية له فى رئاسته الأولى؟
أعترف أننى كنت أول من تحدث عن مسألة ترشح السيسى لفترة ثانية، كتبت هنا منذ أكثر من شهر، وكان هذا فى سياق مختلف تماما، كنت _ ولا زلت _ أرى أهمية وجود منافسين له، وفتح المجال العام آمام من يقدمون أفكارا أخرى لمستقبل مصر السياسي، وهو الأمر الضروري لمستقبلنا السياسى، الذى يضمن لهذا البلد حيويته وقدرته على الاستمرار، لم ألتفت إطلاقا لمن يوافق أو يعترض على ترشح الرئيس لفترة ثانية، فطبيعى جدا أن هناك من يوافق، ومن يرفض، لكن هذا له موضعه فى صناديق الانتخابات التى ستقول كلمتها فى النهاية.
الفكرة التى طرحتها تحولت فجأة الى كابوس، كان السيسى يجرى حوارا مهما مع رؤساء الصحف الحكومية الثلاث الكبرى، الحوار مهم، يمكن أن تعتبره اعادة تقديم لرئيس مقاتل بعد أكثر من عامين فى السلطة، تعرض خلالهما لكل أشكال المؤامرات والشائعات والهجوم المبرر وغير المبرر.
وبدلا من الاحتفاء بالحوار من خلال النقاش الحر المفتوح حوله، تم ابتذاله بأكثر من طريقة، كان أكثرها بشاعة هو الحديث عن ترشحه لفترة ثانية، خرج ياسر رزق رئيس تحرير جريدة الأخبار بما يمكننا اعتباره تصريحا استباقيا، قال أنه سأل الرئيس عن مسألة ترشحه لفترة رئاسية ثانية، فرد عليه بأن سيفعل هذا بشروط.
محمد الباز يكتب: مصير جثة قانون “بناء الكنائس”… من الأمن الوطني الى مكتب الرئيس
دعك مما فعله فهمى عنبة رفيق ياسر رزق فى الحوار ورئيس تحرير جريدة الجمهورية الذى قال أن الرئيس لم يتحدث عن هذا الأمر من الأساس، وهو أمر غريب يستحق التأمل، اذ كيف يختلف رئيساً تحرير حول ما قاله الرئيس رغم حضورهما حوار واحد معه، لكن الأهم أن ما قاله ياسر رزق تم تحريفه، وتم التعامل مع التصريح على أن السيسى يريد أن يترشح للرئاسة مرة ثانية بشروطه، والفارق كبير بالطبع بين ” بشروط” و ” بشروطه” .
اضطر مكتب الرئيس الاعلامى أن يصحح الأمر، وصدر ما يشبه البيان للتأكيد على أن الرئيس قال أنه سيترشح مرة ثانية إذا أراد الشعب ذلك، فى إشارة الى أن هذا هو شرطه الوحيد للترشح، وهو بالمناسبة شرط منطقى وطبيعي ولا يحتاج لإثارة الجدل حوله، فشخص مثل عبد الفتاح السيسى لا يمكن أن يفرض نفسه على الناس.
اعتقد بعض الاعلاميين أن الرئيس فى ورطة، سارعوا بإجراء استفتاءات رأى، وكان السؤال هل توافق على ترشيح الرئيس السيسى لفترة ثانية؟
أحمد موسى فعل ذلك على حسابه على تويتر، ومؤكد أنه تصرف هكذا وهو على ثقة كاملة أن جمهور متابعيه سيمنحون السيسى ثقتهم المطلقة، لكن المفاجأة أنه وقع فى مصيدة خصوم الرئيس الذى يديرون حربهم ضده الآن فى ساحة التواصل الاجتماعى بعد ان فشلوا على الأرض، لتأتي النتيجة غير معبرة عن الشارع، وعلى عكس ما يهوى أحمد موسى ويتمنى.
اختفاء حساب أحمد موسى على تويتر بعد “استفتاء السيسي”
كان لابد من مخرج، والمخرج السهل فى هذه الحالة حديث متهافت عن سرقة الحساب من قبل شياطين الاخوان ومؤيديهم بحسن نية أو سوءها لا فرق، وهو كلام مضحك لا ينطلى على طفل صغير.
أوقع أحمد موسى نفسه فى الفخ، لكنه دون أن يدرى أوقع الرئيس فى حرج بالغ، كان فى غنى عنه تماما.
الاستطلاع لم يكن الا دبة حاولت أن تحمى صاحبها فقتلته، وأعتقد أن هناك دببة كثيرة تحيط بعبد الفتاح السيسى، تعبث بمستقبله السياسى الذى يملك هو وحده الحق فى رسمه، فهل تتوقف الدببة عن عبثها حول الرئيس وتلتفت لعملها الذى تسيطر عليه العشوائية؟
هذا كل ما أتمناه.