كنت من الشرفاء القليلين الذين أُتيحت لهم فرصة سماع ضابط يغني: (جاوبني بُصلِي… قرَّب كمان.. قرَّب هنا جنبي…”امسكه يا عسكري”) وكانت تجربة ثرية جدا الحقيقة، تعلمت فيها الكثير وتحملتُ الأكثر، وعرفت إن عبد الحليم حافظ أه، ولكن مش حافظ قد الظابط طبعا، فإذا كان حليم يغني “بأمر الحب” فالضابط يغني “بأمر ضبط واحضار” وهذا أهم وأكثر وطنية.
هذا الموقف الفني النبيل من الضابط يأخذنا في رحلة عبر التاريخ شاملة المواصلات والمبيت والأكل والشرب عليا، وبالطبع مثل هذا العرض لا يتوفر سوى في “رحلتك إلى السجن” ولكن ليس الآن، وليس عن طريقي أنا أيضًا، فالطرق المؤدية إلى ذلك هذه الأيام كثيرة، بس إنت اتعب واجتهد في شبابك، وبرضه إنت سنك مناسب وأنا سامع إنهم طالبين شباب كتير الفترة دي.
إذا كانت هناك رحلة (من الشك لليقين) فأنت بإمكانك أن يكون لك رحلتك الخاصة (من البيت للكمين) وإنت وشطارتك والسوق عاوز الدردحة واللسان الحلو وبعض أغاني محمد الحلو إذا لزم الأمر.
للأسف رحلتك معي الآن تاريخية فقط فحاول تحملي في هذا الطقس الحار: “عرفت مصر المعارضة منذ عشرات السنوات بمعنى أن المعارضة ليست بشيء جديد علينا، فكانت أول كلمة “لأ” في تاريخنا الحديث قالها موسيقار الأجيال في رائعته (لأ مش أنا اللي أبكي ولا أنا اللي أشكي وأقول علشان خاطري) وبرغم أنه يُحسب لعبد الوهاب سابقيته لعصره وجرأته النادرة، لكن حينها تلقى بعض الانتقادات وعاب عليه البعض في كلمة “وأنا ليا حق معاك” مبررين ذلك إنه مش وقته (مطالب فئوية)، وأن مصلحة مصر واستقرارها أهم الآن”.
إذا الشعب يوما أراد “الحياة” إديله ترددها، ولا تكن منحازا لـ”صدى البلد” مثلا، ولا تجعل ريموت تلفزيونك صاحب توجه سياسي، أو صاحب صاحبه، أو صاحب السعادة، أو صاحب الضربة الجوية الأولى.
فأصبح الآن لدينا (إعلامي يملك “برنامج” ولا يملك رأي واحد)، ولدينا (رئيس لا يملك “برنامج” يملك رأي واحد فقط).
قام أحد الإعلاميين بتدشين استفتاء رأي على “تويتر” حول (هل تؤيد ترشيح الرئيس لفترة رئاسية ثانية؟ “نعم” أم “لا”) فكسبت “لا” فزعل الإعلامي، وإزاي وإزاي تكسب “لا” في بلد الـ “نعم”، كده يبقى “عبد الوهاب” السبب بقى زي ما قولتم، وأغلق حسابه على تويتر بعد 24 ساعة من إنشائه الحساب.
بالتأكيد لا يعاب على الإعلامي دعمه لأحد ولا يعاب عليه أيضا استفتائه قصير العمر هذا، بل ولا يعاب عليه أنه أغلق حسابه مدعيا أنه “اتهاك” فداك لو “اتهاك” ألف حساب، إحنا عندنا كام شخصية وطنية مثلك في مصر علشان نزعل منك يا “سمارة”، ولكن اللي صعبان عليا هو ظهور “البيضة” على تويتر مكان صورته بعدما أغلق الحساب، (تظهر صورة بيضة مكان صورة المستخدم كما هو الحال دائما على موقع “تويتر” إذا لم توجد صورة للمستخدم صاحب الحساب أو عندما يغلق الحساب، والبيضة نسبة للعصفورة الزرقاء شعار الموقع) فلو لم يغلقه لبقيت صورته تداري البيضة.
وقد يختلف معي البعض بأنه لا يوجد فرق بين الصورتين سواء كانت بيضة أو صورة شخصية وكلنا مخاليق ربنا فأقول له: “البيضة سوف تفقس طائرا وخلق الله الطائر ملون ولا يتلون إذا هناك فرق فالبيضة أنقى وأبيض”.