مخرج فلسطيني
في سينما الزاوية وسط القاهرة تم العرض الخاص للفيلم الوثائقي ” Yallah! Underground”.
الفيلم من إخراج المخرج الألماني “Farid Eslam” ومدته ٨٠ دقيقة.
يتابع الفيلم أحلام وطموح وآلام ومعوقات العديد من الفنانين الـ “أندرجراوند”، في الفنون المختلفة في عدد من الدول العربية (الأردن، ومصر، وفلسطين، ولبنان)، خلال فترة شهدت الكثير من التغيرات، أو ما يسمى بـ “الربيع العربي” في بلدانهم، وتأثيرها على فنهم.
المخرج الألماني يبدو أنه من عشاق تلك الموسيقى وهذا الفن وقد تعامل مع الموضوع بحساسية عالية وأيضًا بتحدٍ عالٍ خاصة وأن الخطاب الفيلمي كان دينيا سياسيا بدرجة عالية من وجهة نظري، رغم أن الصورة ومتواليات المشاهد كانت أيضا عالية جدا، بفكر وبإدراك مميز، وفكرة الفيلم بسيطة جدا وتم تكرارها في أكثر من فيلم عربي.
تكمن أهمية هذا الفيلم الوثائقي المميز، في معالجته الفنية الذكية في تلك الفترة من الزمن.
والحوار الناتج عن السرد اللفظي من خلال مقابلات مع الفنانين الشباب – وهم جميعهم يعشقون موسيقى الراب والهيب هوب – وكأن المخرج يقول من خلال تعريف هذه الموسيقى والذي يتضمن أنها ثقافة رد فعل على الظلم والعنصرية الذي تعرض له السود في أمريكا. وإن من أهم فوائد موسيقى الهيب هوب هو إشغال الشباب بدلا من هموم الواقع السيء، وقد عرج المخرج إلى قبول هذه الموسيقى اجتماعيا في منطقة الشرق خاصة عندما أجرى لقاءً مع أسرة الشاب الأردني.
أعجبني بالفعل بعض ما قيل في الفيلم بأن الدين والعلم والفن هم ما ينشرون الثقافة العربية وينشرون ردود فعل إيجابية، بعيدا عن التزمت والتكفير.
في نفس السياق فإن الشباب اليوم يعانون حتى بعد تلك الثورات التي جلبت لنا الدمار وأيقظت الفتنة والأيديولوجيات المقيتة.
والآن وبعد معرفة من كان السبب وراء كل تلك الأحداث، على الحكومات أن تعتني بالشباب وبمواهبهم وبقدراتهم وبمهاراتهم المتعددة، وأن يتم توظيفهم في مشاريع فنية مختصة تتحقق بها أحلامهم.
علما بأن تصوير الفيلم بدأ عام ٢٠٠٩ وانتهى عام ٢٠١٣ أي ما يقارب من ٤ سنوات جرى فيها تصوير الفيلم، كانت سنوات عجاف على كل الوطن العربي، وتبدلت الأفكار وكان الأمل دائما في جيل الشباب القادر على المواجهة. ولكن علينا أن نفرق بين صناعة الوهم وصناعة الأمل…. الأمل يحتاج لنخبة جديدة تعرف جيدا كيف تُجاري الواقع والظرف الموضوعي والذاتي، ولشباب لديهم المقدرة على التحدي ولديهم نفس طويل،…. أما الوهم فـ “البياعين كتار”.
ورغم أن موضوع الفيلم تم طرحه بصور متعددة، إلا أن الفئة المستهدفة كان لديها الوعي والإدراك لتعبرعن نفسها رغم عدم تمثيلها لـ “الكل الفني” من الشباب.
الفيلم في بدايته عبّر عن فئة معينة من الفنانين المختصين بالموسيقى، وخاصة الهيب هوب، وطرح روايتهم في الواقع المعاش، وجميعا بطبيعة الحال متذمرون من هذا الواقع.
في منتصف الفيلم كان هناك تشتت لرؤية المخرح، ويبدو أن هذا التشتت نتيجة طبيعية لتلك الظروف أثناء التصوير.
إجمالا هنا تكمن أهمية التوثيق بصريا، والفيلم الوثائقي بالتحديد هو حوار دائم مع الآخر، أيا كان هذا الآخر.
أسعدني جدا الحضور، فقد كان نخبويا بامتياز؛ بوجود المختصين، والإعلاميين والسينمائيين ونقاد السينما.
نعم، بصيغة أو بأخرى عبّر الفيلم عن طموح ورؤيا الشباب في مرحلة معينة من زمن ما يسمى بـ “الربيع العربي”.
أخيرا أقول: بدلا من أن نفقد الشباب بين ثنايا الصراعات الطاحنة هنا وهناك، علينا جميعا الاهتمام بهم وبمواهبهم وفنهم وطموحاتهم وأن نطرح آلامهم باستمرار عبر الفيلم الوثائقي، والذي أصبح ضروريا وسط كل هذه الظروف الصعبة.