نقلًا عن جريدة “المصري اليوم”
العنوان الجميل لا يعنى بالضرورة أن المضمون جميل أيضا.. فعناوين كثيرة جدا تخدعنا أو تضللنا حتى إننى مثل كثيرين جدا فى مصر الآن أصبحنا نريد حكايات جميلة حقيقية وصادقة وواقعية حتى لو لم تكن لها أى عناوين على الإطلاق.. والمثال الواضح على ذلك هو هذا العنوان الذى قدمته لنا وزارة الشباب والرياضة.. المشروع القومى للقرى المحرومة من الخدمات الرياضية.. عنوان رائع بالتأكيد.. وبصرف النظر عن أى شىء فلابد من كلمة شكر واحترام للوزارة ووزيرها ومسؤوليها وفى مقدمتهم سونيا عبدالوهاب مدير عام الإدارة العامة للقاعدة الشعبية بوزارة الرياضة.. لأنهم التفتوا بالفعل لكل هذه القرى فى مصر المحرومة من أى خدمات رياضية فكان هذا العنوان الجميل.. لكننا تحت ووراء هذا العنوان نكتشف أن المضمون أو الحكاية كلها كانت مجرد دورى للكرة الخماسية والكرة الطائرة انتهى الأسبوع الماضى وشاركت فيه ست عشر محافظة من الدلتا والصعيد وأقيمت المباريات كلها فى اللعبتين بين منتخبات هذه المحافظات فى ملاعب معسكر الشباب والرياضة بمصيف بلطيم بمحافظة كفر الشيخ.. وانتهى المشروع بتوزيع الجوائز على المحافظات الفائزة حيث فازت الجيزة بدورى الكرة الخماسية وبعدها الدقهلية ثم الشرقية.. وفازت كفر الشيخ بدورى الكرة الطائرة ثم الوادى الجديد ثم الشرقية.. ولا أحد بالتأكيد يفهم العلاقة بين كل هذا الذى جرى مع احترام الجهد المبذول فى التنظيم والإدارة وتكاليف الاستضافة والإقامة واللعب.. وعنوان يخص القرى المحرومة من الخدمات الرياضية.. فلا تلك القرى استفادت شيئا أو امتلكت أى من الخدمات المحرومة منها بالفعل ولا تغير أى شىء على أرض الواقع فى كل تلك القرى المحرومة.. هى مجرد عناوين جميلة فقط.. وبعيدا عن تلك العناوين الجميلة والخادعة.. صدر مؤخرا عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أول تقرير من نوعه على الإطلاق عن أوضاع البنية التحتية والخدمات فى 4655 قرية مصرية.. تقرير صادم ومزعج وموجع أيضا لم يحفل به كثيرا أهل القاهرة سواء كانوا مسؤولين أو نجوم إعلام.. تقرير يكشف الوجه الحقيقى للقرى فى مصر حيث 82 بالمائة من تلك القرى لا تملك أى مدرسة ثانوية و5 بالمائة منها لا تملك حتى مدرسة ابتدائية.. وقرابة 4 بالمائة فقط تملك مكتبات عامة و33 بالمائة من تلك القرى لا تملك حتى مركز شباب.. ولا أود التوقف أمام باقى نتائج هذا التقرير الرسمى رغم أهميتها وقسوتها لأننى أريد أن أعود إلى أصل الموضوع الحزين الذى كان عنوانه جميلا.. وأتمنى أن يستجيب خالد عبدالعزيز وزير الرياضة والشباب ويقوم بضبط الموضوع ليناسب العنوان.. فيصبح لدينا بالفعل مشروعا قوميا للقرى المحرومة من الخدمات الرياضية.. فتقدم لها الوزارة بعضا من هذه الخدمات سواء كملاعب بسيطة أو أدوات رياضية يمكن أن يتبرع بها رعاة كرة القدم فى مصر أو الأندية الغنية والشركات الكبرى التى تربطها بالرياضة علاقة المصلحة والوجاهة والدعاية.. فهذا هو المشروع القومى الحقيقى وليس مسابقات فى الكرة الخماسية أو الكرة الطائرة.