بعد ثورة 25 يناير والنفاق الذى شاهدناه ولا حرج لم أستطع أن أصدق كثير من الاعلاميين، والجميع يعرف من يمسك بضميره ومن يمسك بالطبلة، لن أناقش اجادة الرقص، لكنى أرجو كل الراقصين مراعاة الإناء الكبير الغير مُسيس الذى يغلى قبل أن يفور وينفجر فينا جميعا من يرقص ومن يطبل ومن يغنى ومن يكتب ومن يتألم ويعانى أيضاً.
تابعت بسخرية شديدة احدى القنوات الفضائية الممسكة بالطبل (وهذا حقها) وهى تبُث حملة عن الغلاء فى شوارع المحروسة، أنا لم أفهم صراحة ما يحدث، هل رسالتها مُوجهة الى سيادة الرئيس ليرى شكوى شعبه ومعاناته لأنها بالشئ الجديد؟ أم موجهة للسادة المسئولين فى مكاتبهم؟ أم موجهة لنا نحن الشعب لمزيد من النُواح على سبيل المواساة؟
هل من يجيب على الأسئلة فعذراً أنا لم أدرس إقتصاد: هل للغلاء قواعد؟ هل الغلاء ورفع الدعم أصبح حتمى؟ هل للغلاء توقيتات أم أنه كل شهر؟ أم أنه يتوافق مع رفع المعاشات؟ أم فى المناسبات والمواسم؟ هل يعتمد الشعب فى مواجهة الغلاء على منتجات الجيش المصرى اعتمادا كليا؟ فماذا تفعل المنشآت الخاصة أم أنها تصبح للصفوة؟ من يواجه جشع التجار واستغلال المناسبات وتخزين السلع؟ هل من قانون يُفعل لسجن التاجر المُستغل أيا كان ثقله؟ المصريين الدارسون لعلم الاقتصاد لسنوات؟ أين المتخصصون والاستشاريون؟ لماذا لم يُعينوا للاستفادة؟ لم يجيب أحداٌ على الأسئلة العتيقة بوضوح.
السيد المسئول الذى لا أعرفه.. عفواً لو كنت تفعل شيئاً مفيداً غير الشجب والامتعاض فى البرامج التليفزيونية فكان لابد أن يظهر على أرض الواقع، نتكلم فقط عن ضروريات الحياة وليس الكماليات التى أصبحت ضروريات أيضا لنا كبنى آدمين نحاول أن نرتقى، هل الغلاء دون مراقبة يفيد هذا الشعب البائس؟ هل ينعش الاقتصاد؟ هل يسدد الديون؟ هل يقيم المصانع ويزيد حصة التصدير؟ هل ينقص نسبة البطالة؟ هل تتابع وتفاجئنا فى مؤتمر صحفى على شاشات التليفزيون تشرح لنا ماذا يجرى وما الفائدة لتهدئة الشارع؟ دعنا من أزمات الأدوية وأنابيب الغاز المسكوت عليها وغيرهم كثير فسوف نحتاج الى مقالات مفصلة، لكن هذا المقال استغاثة الى من يهمه الأمر: اذا كان فعلا الأمر يهمك ويعنيك افعل شيئا أو ارحل.
تعودنا فى مصر أن نستغيث ونناشد أولا وآخراً رئيس الجمهورية وكأن لا أحداً يعمل غيره وكأنه يدير كل الأجهزة الحكومية وغيرها (وان كانت الحقيقة الفعلية أن الجميع يعمل تحت مظلته وأنه المسئول الأول)، ولكن الشعب معذور فنحن لا نعرف الا الكبير وقليل ممن حوله على مدى أزمنة، وعندما أكتب حاليا لا أدرى الى من يُوجه هذا المقال فنحن فى بلد لا تستطيع أن ترى شيئاً واضح المعالم لتمشى على أثره، الكل يرمى بالمسئولية على غيره ليضيع حق المفروم، نحن نرى الأشياء بالمقلوب ربما لأننا نعيش معلقين من أرجلنا، واذا أردت مثالا واقعى لكلامى هذا فقط أدخل أى مصلحة حكومية لإنجاز شئ تافه.
السادة “المسئولين”.. افعلوا شيئاً سريعاً ملموساً قبل أن ينفجر الغلبان، أذكركم أننا من فصيلة بنى آدم ونعيش فى القرن الواحد والعشرون، نريد أن نأكل ونشرب ونُعالج ونتعلم ونعيش فلا نستطيع، تذكروا سكوت المواطن على غلاء الكهرباء والماء والغاز والملابس وجميع السلع بلا استثناء، سكت طوعا أو كُرها، مُتأثرا بالنفاق او الكذب أو الوعود لا يهم، المهم أنه سكت ومازال يسكت ويطيع، الآن أنت تلعب معه فى المنطقة الأخطر، لا تساوم “الغلبان” على “المم”.
فقط افعل شيئاُ مختلفا لنقول بملئ الفم “تحيا مصر”، مصر التى تحترم آدمية أبناءها لا التى تنتزع من فمهم لقمة العيش.