تختلف طبيعة المجتمع السعودي عن طبيعة الكثير من الدول العربية بدرجة كبيرة، خاصةً فيما يتعلق بحقوق المرأة السعودية، فبالرغم من أن المرأة العربية أصبحت تتقلد أعلى المناصب ما بين سفيرة ووزيرة ورئيسة جامعة في العديد من الدول العربية، إلا أن نساء المملكة مازلن لا يملكن سلطة اتخاذ أي قرارات تخص تعليمهن أو عملهن أو حتى الرعاية الصحية في بعض الأحيان.
في حملة تعد هي الأجرأ من قِبل النساء السعوديات، أصبحت أزمة ولاية الرجل على المرأة في السعودية تتصدر مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، حيث بدأت العديد من الشخصيات العامة في المملكة وخارجها بتوضيح مواقفهم من القضية، التي بلا أدنى شك سوف تثمر عن نتائج مختلفة حتى ولو كانت ضئيلة، تتغير بها الأوضاع عما استمرت عليه منذ عقود.
يرصد إعلام دوت أورج أسباب وتداعيات تلك الأزمة التي تشغل الرأي العام في المملكة حالياً.
مفهوم الولاية
بحسب القانون السعودي، تفرض ولاية الرجل على المرأة السعودية البالغة حصولها على تصريح من ولي أمرها للسفر أو الزواج أو حتى العمل أو الحصول على رعاية صحية في بعض الأحياء أو استئجار شقة أو رفع دعاوى قضائية، حيث تستند تلك الولاية لآراء كبار علماء الدين في المملكة والتي يعززونها بنصوص من القرآن الكريم.
بداية الأزمة
خرجت بعض الأراء المطالبة بإسقاط ولاية الرجل على المرأة من قبِل العديد من نساء المملكة، مطالبين بالسماح لهن بممارسة حقوقهن التي كفلها الشرع من التعليم والعمل وحرية اختيار القرارات مادامن بالغات عاقلات، مما أثار حفيظة الكثيرين من المسئولين، كما أن غالبية الرجال عموماً هناك لا تؤيد هذا الأمر.
موقف مفتي السعودية
صعق مفتي عام المملكة العربية السعودية، الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، المطالبين بإسقاط ولاية الرجل على المرأة في الممكلة، حينما وصف دعوتهم بأنها “جريمة تستهدف المجتمع السعودي المسلم.”، وأضاف في ندوة له بثتها صحيفة تواصل الإلكترونية، أنه لا يجوز إسقاط ولاية الرجل على المرأة، معتبرًا هذه الدعوة “سيئة لا خير فيها وتخالف شرع الله وسنة رسوله.”
هاشتاج إسقاط الولاية
دشن مغردون في السعودية هاشتاج (#سعوديات_نطالب_باسقاط_الولاية) لبدء حملة للمطالبة بإلغاء نظام ولي الأمر على المرأة في المملكة، حيث نال ذلك الأمر انتشار واسعاً عبر موقع التدوينات القصيرة، وتصدر الهاشتاج الموقع الأزرق منذ انطلاقه وحتى الآن.
الأراء المؤيدة
تعددت أسباب تأييد هذه الحملة من قِبل المغردين، حيث أكّد البعض أن المرأة السعودية تعاني بين تسلط الثقافة الذكورية والخضوع للعادات والتقاليد، وبين فئة تحارب حقوقها بذريعة الدين والأخلاق، فيما كانت التدوينة الأكثر انتشاراً وتكراراً بين النساء تقول “أغلب أمانينا؛ حقوق”، حيث يتضح من خلالها أن الأمر لا يتعلق برفاهيات بل بحقوق لا بد من توافرها.
اللافت في الأمر أن العديد من الشخصيات العامة أبدت تأييدها لرفع الولاية، كان على رأسهم الشيخ عبدالله المنيع عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، حيث أكّد أن المرأة ولية نفسها في كافة أمور حياتها ولا ولاية عليها إلا في الزواج ولها مثل ما للرجل من حقوق.
قال “المنيع” في حديث لصحيفة “عكاظ” السعودية حول أحقية المرأة بإسقاط الولاية، إنه لا ولاية على المرأة إلا في النكاح فقط، فهي امرأة عاقلة لها حق التصرف في أموالها والتوكيل والبيع والشراء و كل ما يتعلق بالرجل من حق فلها مثله، وليس عليها ولاية في شيء غير النكاح حيث يشترط فيه أن تزوج من وليها”.
أما من خارج المملكة، فقد أيدت الكاتبة الصحفية اللبنانية المعروفة ديانا مقلد هذه الحملة بشدة، حيث نشرت تغريدة عبر حسابها الشخصي على “تويتر” مستخدمة هاشتاج إسقاط الولاية، ومؤكدةً بأن الحملة بدأت تثمر وأننا بانتظار المزيد.
الأراء المعارضة
جاءت الأراء المخالفة أغلبها من الرجال، حيث تعلل الكثيرون منهم بأن إسقاط الولاية فيه مخالفة صريحة لتعاليم الدين، وأن الأمر يفتح أبواباً للفساد وللفتنة، وأن قوامة الرجل وولايته للمرأة يجعلها كالملكة؛ فهو ينفق عليها ويقوم على خدمتها.
أبرز المعارضين بعد مفتي السعودية، كان الشيخ عبدالعزيز الفوزان الأستاذ بالمعهد العالي للقضاء، الذي أكّد أن المطالبة بإلغاء الولاية الشرعية للرجال على النساء، تذرعاً بظلم بعض الأولياء، كالمطالبة بهدم المساجد والمستشفيات لوجود بعض الأخطاء فيها.