طارق الشناوي يكتب : تفنيط كوتشينة نجوم العيد!

نقلاً عن المصري اليوم

قبل أن تقرأ يجب أولا أن أذكر علنا وعلى رؤوس الأشهاد أننى حتى كتابة هذه السطور لم أشاهد أيا من الأفلام الستة المنتظر عرضها تجاريا خلال الساعات القادمة، أنا حتى هذه اللحظة وبلا فخر ناقد ما شافش حاجة، ولكن حالة السينما وإرهاصات النجوم تدعونا لكى نفكر معا ونحاول العثور على خيط ما يربط بين أفلام هذا العيد، تعددت أسماء النجوم الذين تم الدفع بهم والرهان على قدرتهم على الجذب، الخريطة السينمائية مثل أوراق الكوتشينة يتم بين الحين والآخر إعادة تفنيطها مجددا، أتصور أن أكبر ورقة تم اللعب بها ثم سحبها فى اللحظات الأخيرة هى محمد رمضان، عندما يحضر أو يغيب رمضان فهو فى الحالتين يؤثر على معادلات القوى داخل السوق السينمائية فهو يشكل قوة جذب استثنائية، ولهذا يحجز لفيلمه القسط الأكبر من الشاشات، فى شريعة السينما المصرية، نجد أن دور العرض لا تعرف أبدا عدالة فى التوزيع ولكن يتم الاتفاق على الشاشات طبقا لما هو متوقع من أرقام أفلام النجم السابقة، وأيضا حالته الجماهيرية فى اللحظة الراهنة، ورمضان خرج من دراما رمضان وهو الأعلى كثافة مشاهدة والأعلى أيضا فى الأجر، صحيح أنه لم يتعامل مع النجاح بقدر من الذكاء فلا يزال فى تحركه قدر من التلقائية وبعض من الرعونة، عدد من تصريحاته الأخيرة أغضب بعضا من النجوم الذين سبقوه زمنيا رأوا فيها قدرا من التعالى، والحقيقة أن ما يمارسه رمضان هو بالتحديد ما عايشه أيضا من سبقوه من نجوم الإيرادات من انفلات لفظى يحدث أحيانا بين الحين والآخر، حيث يبدأ النجم فى التنابز مع منافسيه بالأرقام، فعلها عادل إمام ومحمد هنيدى ومحمد سعد فى مراحل من حياتهم.

مخاطر وأشواك النجاح تحتاج إلى قدرة على ضبط النفس فى التعامل مع توابع النجاح وهى مثل توابع الزلزال تُشكل خطرا أكبر، التعايش مع النجاح مخاطرة أحيانا أكثر ضراوة من مخاطر الفشل، يبقى أن انسحاب رمضان فى اللحظات الأخيرة من التنافس بسبب خوف الرقابة من أن يتهم الفيلم هذه المرة بالترويج للإرهاب وهو ما أراه مبالغا فيه، ولهذا اضطر المخرج محمد سامى إلى إضافة مشاهد وإجراء تغييرات فى التتابع على فيلم «جواب اعتقال»، وهو ما فتح الباب بقوة أمام أفلام أخرى للحصول على قضمة أكبر من «تورتة» دور العرض، حجة الرقابة أن الشخصية دراميا لزعيم إرهابى ولكنها خفيفة الظل ولها كاريزما، برغم أننا طوال تاريخنا نقدم اللص والخارج عن القانون فى حالة جاذبة، بل إن حسن البنا عندما رسم وحيد حامد ملامح شخصيته دراميا فى مسلسل «الجماعة» حرص على أن يمتلك كاريزما، رغم أن المسلسل فى نهاية الأمر كان الغرض منه فضح الجماعة، هل ننسى شخصيتى ريا وسكينة فى المسرحية التى قدمتها شادية وسهير البابلى، وكم تعلقنا بهما، فهل تحول بعدها المجتمع إلى ريا وسكينة، ولكن دعونا نقفز فوق حاجز فوبيا الرقابة لنتابع أفلام عيد الأضحى وهى تاريخيا تعتبر الموسم الثانى، كان عيد الفطر ولا يزال هو الموسم الأشد والأقوى الذى ترى فيه معارك النجوم فى ذروة قوتها ومنذ الثمانينيات كنا نتابع المعارك الرقمية بين عادل إمام ونادية الجندى ومحمود عبدالعزيز ونبيلة عبيد وأحمد زكى، وعندما يتعثر فيلم فى اللحاق بعيد الفطر يرجأ إلى عيد الأضحى، فهو بمثابة الملحق الذى ينتظر من تأخر عن حجز مكانه مبكرا، لتتجدد المعركة الرقمية بين النجوم عادة.

لا نزال نعيش فى دُنيا الأرقام، الرقم هو اعتراف لا يحتمل أى شك بأن هذا المصنف الفنى قد أقبل عليه الناس، لا يعنى هذا بالطبع أن الرقم هو العنصر الوحيد الحاسم ولا هو أيضاً الاهم، لكنه واحد من المؤشرات التى من الممكن أن ترشدنا إلى قراءة صحيحة لحالة المجتمع فى أحلامه وواقعه.

دعونا نُطل سريعا على ما يمكن أن تحمله أفلام العيد، لدينا «صابر جوجل» بطولة محمد رجب، إنه أحد نجوم جيل الألفية الثالثة إلا أنه لا يزال ينتظر على خط النجومية، نجاحه يقف فى منطقة متوسطة لا تستطيع أن تضعه فى البؤرة ولا هو أيضا خارج الملعب، عدد من الأفلام لعب بطولتها مثل «الخلبوص» و«سالم أبو أخته» و«المش مهندس حسن» و«كلاشنكوف» و«ثمن دستة أشرار» و«حمادة يلعب» وغيرها، فهو صاحب رحلة طويلة تقترب من عشرين عاما رغم أن سنواته لا تتجاوز الأربعين، إلا أن نجومية شباك التذاكر لم يصادفها حتى الآن، ولكن على الجانب الأخر لا يزال هناك ترقب لأفلامه، فهو لم يحقق نجاحا رقميا واضحا يضمن له مقعدا مريحا على شاطئ الأمل وفى نفس الوقت لم يصادفه فشل ذريع يطيح به نهائيا إلى شاطئ اليأس، لديك مثلا هشام إسماعيل مُنحت له البطولة مرة واحدة فى «فزاع» ولم تتكرر لأن الفشل كان صارخا بينما لا يزال محمد رجب يتنفس على الأفيشات، وهذا يعنى أنه ينجح فى كل مرة على «الحُركرك»، ورغم ذلك لديك مثلا أحمد آدم الذى ينتقل من حفرة إلى دحديرة ومن فشل إلى فشل إلا أن ما يمنحه القدرة على البقاء أن أفلامه قليلة التكلفة وهكذا يعود مع «أبو مصعب القرموطى» و«القرموطى» شخصية درامية نجحت تليفزيونيا وكان عادل إمام فى أكثر من برنامج قد اقترح على آدم استثمارها فنيا ولكن السؤال، هل هذه الشخصية تربح سينمائيا، آدم جينات إبداعه تجرح روح السينما لأن لديه قدرا من الخشونة تتناقض مع نعومة كاميرا السينما، فى كل الأحوال لا أحد يترقب النجاح أو الفشل لأن حضوره صار يشبه غيابه، ومن بين الأوراق التى نترقبها بقوة حسن الرداد مع إيمى سمير غانم ومع نفس مخرج «زنقة الستات» خالد الحلفاوى، ولا يمكن أن تقول إن الرقم الذى حققه الفيلم قبل عام استثنائى ولكن كان لديه رقم أشار بقوة إليه، وهو ما يدفع المنتجين للرهان عليه، الفيلم عنوانه «البس عشان خارجين» وكعادة الرقابة تفهمها وهى طايرة وهكذا تشككت فى نوايا كلمة البس وأصبحت كلمة «أبيحة» ينبغى شجبها، وهكذا صار الفيلم «… عشان خارجين» تسبقه نقط ليضع المشاهد كلمة «البس»، فى كل الأحوال المعركة الأساسية للرداد هى الرقم الذى يحققه فى الشباك وليست البس.

لدينا أيضا محمد سعد لا يزال فى الملعب، يحيره عنوان الفيلم قرأت مثلا «ساعة تروح» وبعدها «حنكوا فى المصيدة» وآخر عنوان «تحت الترابيزة»، تردد سعد فى اختيار الاسم يعكس حالة خوف، كانت الناس فى الماضى تكفى أن تقول نروح فيلم محمد سعد لا يهم الاسم لأن سعد كان ماركة مسجلة، وبالطبع كان فعل ماضى كما قالت ليلى مراد ولكن لن نقول مثلها «مالنا وماله» فما يعانيه سعد منذ 2006 من تراجع فى الشعبية دفع الأمور لكى تسير به للخلف دُر من فيلم إلى فيلم، ما نراه له فى السنوات الأخيرة صار أشبه بقطار خرج عن القضبان ومعرض للانقلاب، سعد استنفد مرات الرسوب برامجيا وتليفزيونيا لم يتبق له سوى السينما، سقف طموحه لم يعد يتيح له الرهان على القمة الرقمية وهو يخفض أجره ويقلل من طلباته ليظل داخل المعادلة السينمائية كمشروع قليل التكلفة، فهو يحقق لشركة الإنتاج هامشا من الربح يدفعهم للرهان عليه مجددا، ولأنه قليل المغامرة فهو يقدم نفس البضاعة فوق وتحت الترابيزة.

الثلاثى المنفصل شيكو وهشام ماجد وأحمد فهمى، فى كل الأحوال الانفصال هو سنة الحياة الفنية، كان مثلا دريد لحام ونهاد قلعى ثنائيا ناجحا فى سوريا على طريقة الثنائى الأمريكى فى الخمسينيات لرويل وهاردى وانفصلا، وكان لدينا ثلاثى أضواء المسرح سمير وجورج والضيف رحل الضيف مبكرا واستمر جورج وسمير مرحلة ثم انفصلا، اختلاف حظوظ النجاح بين الشركاء يلعب دورا فى التمهيد للانفصال، هذه المرة نشاهد فهمى منفردا فى «كلب بلدى» وشيكو وهشام فى «حملة فريزر»، قبل عامين وفى مثل هذه الأيام كان الثلاثى قد حقق نجاحا لافتا فى فيلم «الحرب العالمية الثالثة»، ولكنهم لم يكملوا المسيرة.

ويبقى النجم المرتقب أحمد حلمى نظريا هو الورقة الرابحة ولهذا أتاحوا له القسط الأكبر من الشاشات لأنه لا يزال الرهان عليه يشكل قوة عند شركات التوزيع، خذلته الإيرادات فى فيلم «صُنع فى مصر» وقبلها فى «على جثتى» غاب عامين ولكن لا يزال حلمى هو الأذكى بين كل نجوم الكوميديا، كما أنه الأكثر قدرة على تحديد موقعه على الخريطة، وهو الفنان الكوميدى الوحيد المغامر، لم يستسلم لـ«فوبيا» الأرقام التى تجعله مترددا فى الإقدام والمغامرة، حلمى يجد نفسه فى اللحظة التى يقرر فيها القفز فوق السور، يدخل للحلبة مع «لف ودوران» للمخرج خالد مرعى الذى قدم لحلمى «عسل أسود»، هذه المرة الرهان لا يعرف ولن يعترف إلا برقم غير مسبوق، يعيد حلمى مجددا للقمة الرقمية، فهل يفعلها حلمى، الساعات القليلة القادمة ستجيب عن كل هذه الأسئلة!.

نرشح لك :

طارق الشناوي يكتب: وزير الثقافة بين غضب الأزهر واحتجاج المثقفين‎