كيف فشلت محاولات الإصلاح الفردية ؟ .. ولماذا لم يتم محاسبة الفاسدين خلال السنوات الماضية ؟
هل بدأت خطوات تصفية المبنى ؟.. وماذا عن مستقبله ؟
ردود أفعال واسعة تلقيتها فور بداية نشر سلسلة مقالات “ماسبيرو أين وإلى أين !”، على الموقع المميز “إعلام دوت أورج“، والذى أصبح فى أقل من عامين أهم موقع متخصص فى شئون الميديا فى مصر، بالطبع قبل أن أبدأ النشر توقعت أن يكون هناك الكثير من ردود الأفعال على ما أكتب، وكنت على ثقة كاملة أن ما أكتبه لن يرضى الجميع، فنحن لا نكتب لإرضاء أحد، ولكن لإرضاء ضمائرنا فقط، لذلك لم أغضب من زملائى الذين انتقدوا ما أكتب وهاجموه بشدة وهو كثر، معتبرين أن الهدف مما أكتب هو هدم ماسبيرو والقضاء على ما تبقى من أمل لدى العاملين به فى تطويره، كما لم يسعدنى بعض الإشادات التى تلقيتها كردود أفعال على المقالات، كنت من البداية واضعا هدفى فى توضيح الصورة كاملة للمهتمين بشأن ماسبيرو، لا استهدف الإشادة من أحد، ولم أغضب من الانتقادات، فالهدف الحقيقى الذى تملكنى من هذه المقالات، هو كشف الغموض المسيطر على مصير اتحاد الإذاعة والتليفزيون بكامل قطاعاته وجهاته التابعة.
خاصة فى ظل وجود نظام حاكم يدير الدولة برؤيته المتمثلة فى عدم الثقة تجاه وجود جدوى من إصلاح ماسبيرو، ولا يسعى لإحداث أى تطوير للمبنى العريق، ولا يؤمن بفكرة وجود “إعلام رسمى للدولة” من الأساس.
الميزة الوحيدة التى تمكنت الدولة من الحفاظ عليها لسنوات طويلة وهى هوية ماسبيرو، فقدها هذا المبنى خلال العامين الماضيين ..بفعل فاعل..، وبعدة عوامل مساعدة منها الفشل الإدارى المستمر والشللية المسيطرة والصراعات، إضافة إلى الفساد الإدارى المسيطر وعدم القدرة على مواجهته والروتين وأمور أخرى كثيرة لا مجال للحديث عنها حاليا.
نرشح لك : إخاء شعراوي يكتب : ماسبيرو أين وإلى أين ! (4-3)
أبرز ما تلقيته من ردود الأفعال جاء من زملاء أعزاء فى ماسبيرو، كانت لهم محاولاتهم الفردية فى إحداث تطوير أو إصلاح، من خلال تقديم عدة أفكار مميزة والسعى لتنفيذها على أرض الواقع، إلا أن هذه المحاولات قوبلت جميعا بالرفض ومنها ما اصطدم بالروتين ومحاولات أخرى تم القضاء عليها عن عمد من قيادات اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وهو ما اثار استغرابى، فكيف لهؤلاء أن يرفضوا الواقع ويعيشوا فى وهم تمسك الدولة ببقاء ماسبيرو، فى حين أنهم أنفسهم تعرضوا لتجارب مريرة فى هذا المبنى، بل أنهم لم يحققوا شئ على أرض الواقع، وظلت محاولاتهم الفردية بلا جدوى، خاصة أن الخطوات التنفيذية بأكملها ليست فى يدهم، بل فى يد حفنة عفنة من القيادات التى لا تبالى شيئا سوى مصالحهم الشخصية واستمرارهم أطول وقت فى مناصبهم، لعل الجميع يتذكر احدى المحاولات التى سعت للم شمل العاملين بماسبيرو وشحن همتهم، وهى حملة “أنا ماسبيرو إنت مين”، ومن بعدها محاولات أخرى فى التطوير منها مشروع “مسرح ماسبيرو”، وغيرها من المحاولات التى لم تحصل على فرصة حقيقية، ولن تحصل عليها فى ظل وجود نظام لا يؤمن بدور ماسبيرو.
أصبح اتحاد الإذاعة والتليفزيون مؤخرا مجرد مبنى منعزل ومنفصل تماما عن الدولة، لم يعد النظام الحاكم فى حاجة إليه ..طبقا لرؤيته.. وهو ما جعل المبنى بلا ضابط أو رابط من الدولة، وسارت جميع الصلاحيات فى يد مجموعة قيادات بلا رؤية ولا هدف، يفعلوا ما يريدوا، يتحكموا فى المبنى وكأنه ملكا لهم، لا يهتموا بمؤشرات الفساد ولا شكاوى العاملين ولا أحكام القضاء، كل ما يهمهم فقط هو البقاء فى مناصبهم أطول فترة ممكنة، لا استثنى منهم أحدا، ولأن الدولة تركت ماسبيرو منفصلا عنها ومعزول طوال الفترة الماضية، تأكد هؤلاء من عدم محاسبتهم على أى تجاوزات أو أخطاء أو فساد، وضمنوا أن الدولة تركت لهم العنان ليفعلوا ما يريدوا، فتحولوا من قيادات إلى ألهة لا يقدر أحد داخل المبنى على محاسبتهم أو سؤالهم عن شئ، فكم من قيادة خرجت من منصبها خلال السنوات الماضية دون محاسبة حقيقية على الفساد الذى انتشر!.
بالطبع يمتلك ماسبيرو مقومات النجاح المتمثلة فى عمالة مميزة ساهمت بشكل كبير فى بناء وتأسيس القنوات الفضائية الخاصة سواء المصرية أو العربية، فأغلب العاملين فى القنوات الخاصة من أبناء ماسبيرو، ولكن، هل هذا يضمن نجاح المبنى فى الخروج من كبوته ؟، بالطبع لا، خاصة أن هناك فرق كبير فى أساليب الإدارة بين ماسبيرو والقطاع الخاص، وبالطبع أيضا لن يقدر ماسبيرو على التعامل بأساليب القطاع الخاص لما يلزمه من وجود قوانين روتينية وقيادات بلا رؤية أو هدف، كل هذه العوامل ساهمت فى أن تختار الدولة الحالية ترك ماسبيرو وتجاهله، وتتجه للتعاون مع بعض الكيانات الإعلامية الجديدة، سواء بالدعم المادى أو اللوجستى.
نرشح لك : إخاء شعراوي يكتب : ماسبيرو أين وإلى أين ! (4-2)
هل تذكرون حديث الرئيس السيسي الأخير، عندما أكد أنه لن يتردد فى اتخاذ أى إجرائات صعبة للإصلاح الإقتصادى، فهذه الإجراءات الصعبة والإستثنائية ستطبق على الجميع، وقريبا جدا طبقا لمعلوماتى، أن هذه القرارات ستطول ماسبيرو بكافة قطاعاته وهيئاته التابعة، لن يبقى ماسبيرو كما هو، لن تستمر الدولة فى دعم مبنى مات اكلينيكيا، ولن يقبل الرئيس أن تخسر الدولة مليارات الجنيهات سنويا دون وجود أى ناتج حقيقى، سواء ناتج إقتصادى أو تنموي، فالدولة أصبحت لا تتحمل مثل هذه الأعباء المادية التى تصرف فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون، قالها لى ذات مره إحدى المسئولين المقربين من الدولة، أكد أن ماسبيرو يصرف سنويا 2 مليار و200 مليون جنية أجور فقط ولا تحقق أى عائد، فى حين أن القنوات الخاصة ميزانيتها تصل إلى مليار جنية فقط وتحقق عائد إعلانى كبير، وهذا ما يثبت أن الدولة تتجه بقوة نحو استغلال الإعلام الخاص وتأسيس كيانات بديلة لماسبيرو، بدأ العمل عليها بالفعل منذ فترة وتظهر قريبا إلى النور، لتحل هذه الكيانات محل ماسبيرو، وتصب إعلاما موازيا، إضافة لكونها كيانات خاصة لا يمكن أن يعتبرها أحدا محسوبة على الدولة.
هذا ما وصل إليه حال ماسبيرو، وهذا هو مستقبل المبنى العريق، لم يعد له دورا حقيقيا، ولن يستمر طويلا فى مكانته التى فقدها لما ذكرناه من عوامل، تبقى فقط توقيت بدء تنفيذ عمليات الهيكلة المدروسة التى وضعتها وزارة التخطيط مؤخرا، والتى تستمر لسنوات، يتم خلالها تصفية المبنى وقطاعاته وهيئاته التابعة، ستترك الدولة ماسبيرو يقوم بتصفية نفسه على مدار السنوات القادمة، وبالطبع سيطبق الرئيس السيسي إجراءات صعبة على أبناء المبنى بهدف وقف خسائر الدولة، وهو ما طلبه بالفعل من رئيس الحكومة ووزير التخطيط مؤخرا.
أخيرا.. أردت فقط من خلال هذه المقالات أن يعرف أبناء المبنى العريق مصيرهم ومصير ماسبيرو، كتبت ما أعرفه عن ظهر قلب، وأترك لكم الحرية الكاملة فى التعليق والرد، فلا يمكن لأحد أن يزايد على حبى لهذا المبنى ودعمى له لأكثر من 8 سنوات متواصلة، كنت معكم فى أصعب الظروف، ولكن لم يعد لنا سوى أن نقول الحقيقة برغم كونها مؤلمة للبعض، ولكن تظل الحقيقة والواقع هما الأصل، بعيدا عن أحلام وطموحات العاملين وأملهم فى التطوير، فما تحلموا به لن تعطيه لكم الدولة، ولكن عليكم أن تقتنصوه بأنفسكم، فالأمل الأخير هو قدرتكم على تقديم إعلام قادر على جذب الشعب لضمان دعمه لكم، وإلا فلا مكان لكم فى المستقبل القريب.