كيف سيظهر سيد قطب في مسلسل الجماعة؟

إيمان مندور

 
المفكر الإخواني سيد قطب من أكثر الشخصيات الجدلية التي تركت آثاراً فكرية متعددة أثرت في فكر الإخوان المسلمين وغيرهم من الحركات الإسلامية المعاصرة، ويعتبر أيضاً ثاني أكثر شخصية مؤثرة في شباب جماعة الإخوان بعد مؤسسها حسن البنا، لذا نجد نقيضين يجتمعان حول شخصيته، فهو الشهيد المفكر صاحب المنهج المستنير لدى أتباعه وأنصاره من الجماعة، وهو أيضاً رمز للتشدد الديني ومهد لحركات التكفير والهجرة لدى معارضيه من السياسيين والمفكرين.

أول تجسيد فني لشخصية “قطب” سيكون من خلال مسلسل “الجماعة 2” والذي من المقرر عرضه خلال موسم رمضان 2017، بالتأكيد سيثير هذا الأمر أزمة كبيرة بين أنصاره وبين المعارضين لأفكاره، لا سيما بعد الأحداث المتعاقبة التي شهدتها مصر خلال السنوات الماضية بعد تولي الإخوان المسلمين لمقاليد الحكم ثم خروجهم من المشهد السياسي المصري.

وقع الاختيار على الفنان محمد فهيم ليؤدي دور “قطب” خلال أحداث الجزء الثاني من مسلسل الجماعة، والذي كان قد شارك في الجزء الأول منه بتجسيد دور طالب إخواني بجامعة الأزهر يتم التحقيق معه بتهمة الانتماء للجماعة المحظورة.

 

 

إن معظم من كتب عن سيد قطب ناقداً أو مؤيداً، لم يستطع تجاهل الإشارة إلى كَونه شخصية جدلية من الطراز الأول، لأنه يُعد من أهم مفكري جماعة الإخوان المسلمين ومؤسس للكثير من أطروحاتهم الفكرية، بل وتعتبر كتبه المرجع الأساسي لفهم الخلفيات النظرية لهذه الجماعة، لذا رصدنا آراء بعض الكتّاب والباحثين حول شخصية هذا المفكر الإخواني والتجسيد الفني الأول له.

فقد أكّد الكاتب والمؤرخ مؤمن المحمدي لإعلام دوت أورج أن سيد قطب شخصية مثيرة للجدل ومحيرة، كما إنها غنية درامياً نظراً لأنه لم يكن على طريق أو نهج واحد طوال حياته، فقد بدأ حياته ناقداً وشاعراً وأديباً، وكان عضواً في حزب الوفد الذي لم يكن على وفاق واضح مع جماعة الإخوان المسلمين، لكنه خلال مراحل متقدمة من عمره، خاصةً بعدما تجاوز سن الأربعين، بدأ ينتهج الفكر الإسلامي، ليصنع بذلك جماهيرية وشعبية داخل جماعة الإخوان إلى درجة أنه تولى إعادة تأسيس الجماعة في وقت لاحق.

وأوضح أن “قطب” شخصية متعددة الجوانب، فعلاقته برجال ثورة 23 يوليو كانت في البداية قوية وطيبة جداً، لدرجة أنه في الفترة الأولي من الثورة كان على علاقة شخصية بهم وبجمال عبد الناصر تحديداً، لكن جاءت نهايته على أيديهم، مضيفاً أن هذا المفكر شخصية ثرية متعددة الجوانب، تصلح لأن تكون قِوَام عمل درامي يحمل اسمه، لافتاً إلى أنه سيكون مسلسلاً ثرياً وناجحاً لأن “قماشة حياة سيد قطب تتحمل ذلك”، على حد قوله.

أضاف “المحمدي” أن “قطب” مازال حتى يومنا هذا محل خلاف حتى داخل الجماعة نفسها، فهناك من يطلقون على أنفسهم “القطبيين” نسبة إلى أفكاره وتأييدهم له، وهناك من هم ضد هذا التيار من داخل الجماعة أيضاً، ويرونه تيارا سلفيا جهاديا أكثر منه إخوانيا، مشيراً إلى أن أفكار سيد قطب المعروفة الآن جاءت في مرحلة متأخرة من حياته، لكنه في بداياته كان له نقداً فنياً كبيراً.

 
وفيما يخص توقعاته حول تجسيد الشخصية في مسلسل “الجماعة2″، أكّد الكاتب الكبير أنه يثق بشدة في كاتب العمل السيناريست وحيد حامد، لأنه “حافظ” تاريخ جماعة الإخوان المسلمين وكأنه قد عاش كل لحظة معهم، مشيراً إلى أن “حامد” كاتب كبير ومعلوماته دقيقة، فهو أستاذ الدراما ولا توجد معلومة خاطئة تصدر منه في كتاباته.

khfsk
أما عن اختيار الفنان محمد فهيم لتجسيد شخصية سيد قطب خلال أحداث الجزء الثاني من المسلسل، أوضح “المحمدي” أنه اختيار مغامر، لكنه يتوقع لـ”فهيم” النجاح في هذا العمل، فرغم أنه عُرف أكثر لدى الجمهور بالأدوار الكوميدية إلا أنه خلال مشاركته في مسلسل “أفراح القبة” أثبت أنه فنان “لسه عنده كتير”، كما أنه لن يعمل بمفرده، فهو تحت قيادة مخرج موهوب مثل شريف البنداري، ومع سيناريو وحيد حامد، فبالتالي سيساعده ذلك على إخراج أفضل ما لديه من أداء فني، لافتاً إلى أنه واثق بشدة من أن “فهيم” لديه القدرة على ذلك.

 

 

فيما أوضح الكاتب والباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية سامح عيد خلال اتصال تليفوني، أنه ليس لديه أدنى شك في حيادية سيناريو “العبقري” وحيد حامد، فهو يعقد جلسات لمناقشة السيناريو ولا يكتبه بشكل منفرد، لافتاً إلى أن صياغة الجزء الأول من المسلسل كانت جيدة للغاية، لذلك يعتقد أن “حامد” سيتعامل بموضوعية وإجادة مع شخصية سيد قطب.

وبسؤاله عن إمكانية إثارة أزمة مع جماعة الإخوان المسلمين بعد تجسيد شخصية “قطب” خلال الجزء الثاني، أكّد “عيد” أن شخصية سيد قطب لديها تناقضات كثيرة وشديدة التعقيد، لكن وحيد حامد سيناريست محترف وسيكتبها بشكل متقن، فقد استطاع إظهار تناقضات حسن البنا في الجزء الأول بشكل جيد، وعلى الإخوان أن يتقبلوا ذلك أو لا يتقبلوه، مشيراً إلى أنهم اعترضوا على شخصية “البنا” في الجزء الأول وأكّدوا أنهم سيدافعون عنه من خلال مسلسل آخر يُجسد شخصية مؤسس الجماعة، لكنهم تراجعوا بعد ذلك.

أضاف “عيد” أن الإخوان لو صنعوا عملاً دراميا يجسد شخصية “البنا”، لكان العمل غير موضوعي ومتحيز و”من طرف واحد”، ولأظهروا “البنا” وكأنه ملهم موهوب، مؤكداً أنه سينتظر عرض الجزء الثاني من مسلسل الجماعة حتى يستطيع الحكم على أداء الشخصية جيداً وعلى العمل ككل.

 

سامح عيد