إسراء النجار تكتب: لا تقل "حلمي" الأفضل.. بل "أحسن الوحشين"

بعد انقضاء موسم العيد واحتلال “لف ودوران” للفنان أحمد حلمي الصدارة الرقمية بإيرادات تعدت 20 مليون جنيه خلال الفترة من (11-16) سبتمبر، وذلك بفارق كبير عن الفيلم الذي احتل المركز الثاني “كلب بلدي” بإيرادات تخطت 9 ملايين جنيه، و”عشان خارجين” الذي حقق 6 ملايين جنيه، تقودنا هذه المؤشرات إلى أن حلمي حقق نجاحًا رقميًّا، لكن على المستوى الفني فإن “لف ودوران” ليس إلا “أحسن الوحشين”، وذلك لعدة أسباب.

unnamed
إسراء النجار

(1)

يعود حلمي بـ “لف ودوران” بعد غياب عامين عن السينما، وسبق هذا الغياب تعثر فني ورقمي لآخر أفلامه “صنع في مصر” و”على جثتي”، لذا كان الأجدر به أن يعود بعمل جاد في صنعه دون أي تسرع، وهو ما لم يتحقق في فيلمه الذي لحق موسم العيد في آخر لحظة، ما تسبب في تأخير طرحه بالسينمات، فلم يصل عدد كبير من صالات العرض التي أعلنت عن عرضه يوم الأحد قبل الماضي، إضافة إلى أن حلمي انتهى من تصوير الفيلم قبل أيام قليلة من طرحه وهو ما تسبب في تأخير الدعايا الخاصة به، واعتقد البعض بأنه خارج السباق.

(2)

تسرع الفنان في إنجاز فيلمه لا يعني بالضرورة أن العمل سيء ولكن في حال “لف ودوران” يشعر المشاهد بأن الفيلم لم ينضج بعد وأنه لا زال في مرحلة التحضير، وهو ما يتضح من خلال الكوميديا المسلوقة التي غلفت بعض مشاهد الفيلم، واعتمد “حلمي” في أدائه على التكرار فلن نشعر أن “نور قباني”، المرشد السياحي الذي جسده، شخصية مرسومة وتتذكر ملامحها وتفاصيلها، بل هي خليط من مجموعة شخصيات قدمها “حلمي” من قبل بحركاتها القديمة ووقعاتها الكثيرة وإيفهاتها المستهلكة، وهو الحال ذاته مع باقي أبطال العمل الذين كان حضورهم باهتًا وغير مدروس.

(3)

اعتبرت الكثير من الأقلام النقدية أن “لف ودوران” عمل جيد، ولكن هذا الاعتبار جاء على استحياء خاصة بعد مقارنة الفيلم مع منافسيه، وهو ما يخلق مصطلح “المنافسة الضعيفة” التي خاضها الفيلم، لسببين؛ الأول هو أن الأفلام التي نافست بموسم العيد –باختلاف مستواها- احتوت جميعًا على مشاكل فنية جعلت من “حلمي” الملاذ الآمن والأخير لجمهور العيد المُصر على أن يسترق بعض الضحكات حتى لو كان الإيفيه مكررا، ولكن مع “حلمي” أرحم من غيره، والثاني هو الثقة المتبادلة بين جمهور العائلات وحلمي وتأكدهم من أن الفيلم لن يحتوي على ألفاظ أو مشاهد خارجة لا تصلح لأطفالهم.

(4)

ضعف مستوى “لف ودوران” يعد السمة الأبرز لموسم العيد، بل أكثر استفزازًا من الأفلام البالغة في السوء مثل “صابر جوجل” و”تحت الترابيزة”، لأن ذكاء حلمي في الاختيار وتقديم موضوعات ذات طابع إنساني اجتماعي قريب من قلب وعقل المشاهد البسيط بدأت في التلاشي وأصبح يقترب من صناعة الفيلم على طريقة “مشي حالك”، لكن الجمهور الذي استنجد به في موسم العيد وأنقذه من الهزيمة الرقمية لن يستمر معه بسياسة “مشي حالك” فيما هو آت، وله في تجربة الفنان محمد سعد “أسوة حسنة”، وهنا يجب أن نضع في الاعتبار أن غياب الفنان محمد رمضان عن موسم العيد بفيلمه “جواب اعتقال” أسهم بشكل كبير في تصدر “لف ودوران” للإيرادات، إذ كان فيلم رمضان سيخطف الأضواء في حال عرضه، لجماهيرية بطله بغض النظر عن المستوى الفني الذي سيقدمه.

(5)

لا يمكن التعامل مع أحمد حلمي بمنطق “الطبطبة الفنية” لأنه فنان موهوب ومحبوب وذكي ويدرس جيدًا جميع خطواته ولكنه في الوقت ذاته يمتلك روح المغامرة والتجديد، لذا كان وَقْع فيلمه على نفس المشاهد سيئًا في الوقت الذي قد لا نهتم فيه بأفلام أكثر سوءًا لغيره، إضافة إلى أن تجاربه مع المخرج خالد مرعي من قبل في “عسل أسود” و”آسف على الإزعاج”، و”بلبل حيران” كانت ناجحة وهامة، وهو ما لا يفسر سبب هبوط إيقاع المخرج المتميز في التعاون الرابع مع حلمي، وعدم قدرته على إنقاذ السيناريو الضعيف الذي كتبته منة فوزي، ولكن ربما كانت الرغبة في العودة لدى صناع العمل أهم من العمل ذاته!