محمد عبد الرحمن يكتب: ملوك الأفورة

نقلا عن مجلة 7 أيام

كنا “ملوك الجدعنة” كما وصفتنا نانسي عجرم في أغنيتها الشهيرة فجعلتنا مواقع التواصل الاجتماعي “ملوكا للأفورة”، طبّق الوصف على أي قضية تشغل بال المصريين مؤخرا ستجده مناسبا إلا فيما ندر، آخر تلك القضايا أو الموضوعات، موسم أفلام عيد الأضحى، فلأسباب عديدة تمتع الموسم بملامح جذب وتنافس متزامنة، منها مثلا مشاركة 6 أفلام دفعة واحدة بعد خروج السابع وهو “جواب اعتقال” لمحمد رمضان من السباق، ثلاثة أفلام لأبناء جيل واحد، أحمد حلمي ومحمد سعد الذين انطلقا سويا في فيلم “الناظر” عام 2000 ، ومعهم محمد رجب الذي انطلق قبلهما في فيلم “المصير” عام 1998، ثم نجوم الجيل التالي أحمد فهمي منفصلا عن شيكو وهشام ماجد بالإضافة لحسن الرداد، بجانب كون كل الأفلام كوميدية ولا يوجد فيلم مختلف حتى فيلم محمد رجب الذي يجمع تصنيفات سينمائية عدة لكنه في النهاية يراهن على انتزاع ضحكات الجمهور .

أيضا كان أمام كل نجم سؤال رئيسي ينتظر من الجمهور أن يجيب عليه، حلمي العائد بعد غياب عامين وتراجع في مستوى آخر أفلامه هل يستعيد القمة مرة أخرى في “لف ودوارن” الذي انتهى تجهيزه قبل وقفة عرفة بساعات فكان آخر من يصل لدور العرض؟ سعد الذي يتراجع عاما تلو الآخر هل يستعيد بعضا من توازنه المفقود في “تحت الترابيزة”، رجب الذي لازال يحرص على البطولة المطلقة ويراه البعض لا يستحقها هل يحقق إيرادات تمنحه الحق في البقاء عبر “صابر جوجل” ،حسن الرداد للمرة الثانية على التوالي مع إيمي سمير غانم هل يكررا إيرادات وإشادات “زنقة ستات” في جديدهما “عشان خارجين”؟، أحمد فهمي هل ينجح منفردا في “كلب بلدي” وهل يعاني شيكو وهشام من غيابه في “حملة فريزر”؟.

نرشح لك : محمد عبد الرحمن يكتب : مصر من تالت

غير أن كل ما سبق لا يعني أننا نتكلم عن مباريات دور الثمانية في مونديال كأس العالم، أو انتخابات الإعادة في سباق رئاسي بدولة ديموقراطية يحتاج فيها المرشح إلى 1 % ليصبح رئيسا، لا نتكلم حتى عن سباق مسلسلات رمضان والحاجة للاستقرار على خمس أو ست مسلسلات تستحق أن تكون الأفضل على مدار ثلاثين يوما، إنه موسم عيد الأضحى الذي تصادف أن مدته هذا العام لا تزيد عن أسبوعين بسبب دخول المدارس، لكن “أفورة” مواقع التواصل الاجتماعي جعلت البعض يتطاحن لإثبات وجهة نظره في أحقية هذا الفيلم أو لا بتصدر قائمة الأفضل، ووصل الأمر لدرجة تعصب تفوق ما قد يشعر به صاحب هذا الفيلم أو ذاك، أصبحنا ملكيين أكثر من الملك كما يقولون، حتى فيما يتعلق بالنقد السلبي للفيلم الذي سقط في القاع، وهو “تحت الترابيزة” خرجت الصورة وكأنها انتقام من محمد سعد الذي لم يستمع للنصيحة وانهالت التعليقات المبالغ فيها مع أن أكبر عقاب لسعد هو رقم إيراداته وأنه جاء أخيرا بعد “صابر جوجل” لكنها شحنات من الغضب والرفض يبدو أنها كانت مختزنة لسنوات طويلة وجاء وقت إطلاقها عبر “التايم لاين” الساحة الوحيدة التي تسمح بذلك دون حاجب أو مانع.

وفيما عدا أصحاب المصالح، المتعاطفون مع منتج بعينه أو ممثل بالاسم، من حق أي صحفي أو ناقد أو مواطن أن يرى فيلم “لف ودوارن” الأفضل هذا الموسم، ويرى آخر أن فيلم حلمي هو الأسوأ ولا يستحق كل هذه الإيرادات، لكن ليس من حقه أن يصادر على من دخلوا ودفعوا أموالهم من أجل مشاهدة الفيلم، على نفس المنوال ليس من حق أحد التعجب لأن هناك من دخل يشاهد فيلم محمد رجب أو محمد سعد، الناس أحرار في اختياراتهم، أم أن الحرية التي نعرفها لها مفهوم آخر، حرية أن يكون كل الناس شبهي يؤمنون بآرائي يكررون كلامي ويهاجمون من يعترض!.

إذا كانت أعمال فنية عديدة استفادت من الترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فإن المسلسلات والأفلام بشكلها التقليدي تضررت إلى حد كبير بعدما بات المتفرج يدخل إلى السينما ويفكر أولا في “البوست” الذي سيكتبه بعد المشاهد الأولى وسيكون سعيدا كلما منع آخرين من دخول الفيلم الذي لم يعجبه خصوصا هؤلاء المضللين عن عمد؛ الذين يخونون ثقة الجمهور فيهم.

رحم الله كابتن محمود بكر، لم يكن يعلم أن فترة جس النبض ستنتقل من ملاعب الكرة إلى أفلام العيد وأنه من الممكن عبر عدة “بوستات” على فيس بوك إسقاط فيلم في عروضه الأولى ومصادرة حق الآخرين في المشاهدة والخروج برأي مستقل بعيدا عن المجاملات والأفورة.

شاهد : ايه اللي حصل لمحمد سعد؟