بعد أن تعالت الأصوات في الفترة الأخيرة بين تهكمات مواقع التواصل الاجتماعي حول ما حدث للملك توت عنخ آمون، هذا الملك المسكين الذىي اعتاد على الظلم منذ نعومة أظافره فقد ظلم حياً قبل آلاف السنوات و ها هو يظلم ميتاً، لم يكن الملك توت عنخ آمون الذي حمل اسم آخر قبل هذا الاسم و هو توت عنخ آتون نسبة للإله آتون إله أبيه إخناتون الذي انتقم منه كهنة آمون في ظروف غامضة ثم اصطحبوا ابنه ثم غيروا اسم الملك الصبي صاحب التسع سنوات من توت عنخ آتون لتوت عنخ آمون و أجلسوه على العرش الصغير الذي لا يختلف كثيراً عن جسده النحيل.
بعد جلوس الملك الصغير لتسع سنوات أخرى مات شاباً إثر تعرضه لحادثة سقوط ربما من فوق عجلته الحربية أو من شرفته مما أدي إلى إصابته بجرح بالغ في فخذه الأيسر ثم أدى تلوث الجرح بعد وقت قصير إلى موت الملك الصغير الذي حكم مصر تسع سنوات يحمل اسماً لم يختاره و لم يختاره له والداه لكن اختاره له كهنة آمون، و عندما أنصفه الزمن أخيراً باكتشاف هيوارد كارتر لمقبرته عام 1922 و هي المقبرة الوحيدة التي عثر عليها بالكامل و أخذ الملك أخيرا قسطاً من الشهرة والعدل في حياة أبدية تجرى على ألسنة العالم كله و أصبح إسمه يتردد في كتب المصريات و من قبلها في الروايات و الأساطير و أفلام السينما بكل لغات العالم، و بعد أن استرد الملك هيبته ها هو يفقدها مرة أخرى على يد واحد من أحفاده المهملين، قناع الملك و لحيته المستعارة هيبته.
كُسرت هيبته ليس هذا فحسب لكن تم إصلاح الخطأ بخطأ أكبر منه و كل هذا ثمن دفعه توت دون ذنب لكن يبدو أنه ضريبة طبيعية أصبحت جزءاً لا يتجزء من قصة أي عظيم تلده هذا البلد غير الأمين على كل ما به من عقول و كنوز و ثروات.
اعتدت في كل مرة أذهب إلى المتحف المصري أن أعتذر من التماثيل المهملة التى يعلوها أكوام التراب و التوابيت الجرانيتية التى يستخدمها عمال النظافة مخزناً يضعوا فيها المكانس و المساحات و أدوات النظافة المختلفة.
اعتدت أن أعتذر منها جميعاً لكني لا أتذكر أنني اعتذرت من توت عنخ آمون من قبل كنت دوماً أراه منعم مرفه داخل غرفة الكنوز المكيفة، رفاهيته كانت تجعلني أحياناً أحسده على كل هذا الترف بينما يقبع مئات التماثيل لملوك آخرين أسفل أكوام التراب و كنت أحياناً أتخيل قطع المتحف المصري المختلفة و قد قامت بثورة تطالب باهتمام مماثل مثل الذي يحظى به الصبي المدلل توت عنخ آمون لكن يبدو يا صديقى أيها الملك الصغير أنه قد حان وقت الاعتذار منك عن كل ما بدر منا ولن يكفيك اعتذارنا اليوم ينبغي علينا أن نعتذرمنك كل يوم عن فعلتنا، أما عن من كسر لحية الملك فلا أجد تعبير أخاطبه به إلا التعبير المصري الهلهلي الشهير ( حوش اللي وقع منك) ، انت بتتعامل مع آثار يا برنس مش بتعمل كورنيشة سقف و بالنسبة لأخينا المرمم اللزق مش بكتره و النعمه اوعى تكون فاكر نفسك بتكرم الملك و لابتتوصى بيه، حضرتك بردوا بتتعامل مع أثار مش جوز جزم كل ما تزود اللزق تمسك أكتر.
مرار طافح
اقرأ أيضًا:
مي سعيد: من الذي بدأ بالإساءة للرسول؟