مصطفي فتحي
مع تطوّر الميزات التفاعليّة للنشر الصحافي على الانترنت، ينصح الخبراء كتّاب المقالات بالردّ على تعليقات قرّائهم. لكن يبدو أن النصيحة لم تصل إلى الكتّاب في أغلب وأهم المواقع المصرية، إذ تمتلئ مقالاتهم بعشرات (وأحياناً مئات) التعليقات، لكنّها تخلوا تماماً من الردود عليها.
وبحسب دراسة أجراها الأستاذ في كليّة الإعلام في جامعة القاهرة هشام عطيّة، فإنَّ موقع «المصري اليوم» يحظى بأكبر قدر من تعليقات القراء. وبالرغم من أن بعض مقالات الموقع تحوي آلاف التعليقات، ودائماً ما تظهر مقالات الرأي على رأس الأكثر قراءة في الموقع، إلا أنّ تفاعل الكتّاب أنفسهم مع تلك التعليقات غائب تماماً. وذلك ما يفقد الانترنت كوسيط أبرز فوائده وهي التفاعليّة بين الكاتب والقارئ. قد تتعدّد أسباب عدم ردّ الكتاب على القراء، وعلى رأسها عدم رغبتهم في الدخول في نقاشات قد تؤدِّي إلى خلافات.
«جميل أن نرى كاتباً يهتمّ بقراءة تعليقات القراء ويردّ عليهم»، يعلّق أحد المستخدمين المصريين ردّاً على الكاتب حسام السكري، في خانة التعليق على أحدث مقالاته على موقع صحيفة «المصري اليوم». فالسكري من الكتّاب القلّة في مصر الذين يتعاملون باهتمام مع تعليقات القرّاء، وقد شكَّل ذلك موضع الاختلاف في تجربته التي بدأت مع تأسيسه لموقع «بي بي سي عربي» ليكون أوَّل موقع تفاعلي لمؤسسة إخباريّة كبرى في العالم العربي. وحين أصبح رئيساً لـ «بي بي سي عربي» بكلّ قطاعاتها (تلفزيون، وراديو، وإنترنت)، اجتهد في تفعيل الاندماج بين المنصّات، والتفاعل مع القرَّاء، والمشاهدين والمستمعين عبرها جميعاً.
يقول السكري لـ «السفير»: «اهتمامي برأي الناس بدأ مبكرّاً وتطوّر في صورة برامج مثل «نقطة حوار» و «710 غرينتش» اللذين قدمتهما على «بي بي سي». الاحتكاك مع الجمهور أعطاني أفكاراً جديدة ومنحني زوايا غير تقليديّة للنظر إلى القضايا التي أطرحها. التفاعل مع القرّاء فيه إثراء للحوار، وقارئ اليوم لم يعد يكتفي بأن يكون متلقياً للمعلومة فقط. في حالتي أشعر بسعادة كبيرة من التعليقات الممتنة من قرّاء لم يتوقعوا أن يرد الكاتب على تعليقاتهم.
بعضهم كما هو متوقّع، قد يضع تعليقات مسيئة أو سباباً. ويكون ردي مفاجأة له تتوج أحياناَ باعتذار عن الإساءة وبإعادة «ضبط» لطريقة الحوار. وفي رأيي أنَّ إرساء تقاليد جديدة للتفاعل مبنيّة على الاحترام والفهم المتبادل هي من أولويّاتي ككاتب، وما أعتقد أنَّني نجحت فيه في برامجي في السابق أو في مقالات الرأي حالياً». لا يكتفي حسام السكري بالردّ على القراء عبر مقالاته بل سبق وطلب من قرّائه عبر صفحاته على السوشل ميديا، اختيار أسماء للأعمدة التي يكتبها في كلّ من «المصري اليوم» و «الشروق».
يقول محمد سيد ريان الباحث في مجال الإعلام الجديد لـ «السفير» إنّ عدم ردّ أغلب كتاب المقالات على قرائهم يعود لأسباب عدّة أهمّها عدم المتابعة من إدارة المواقع وعدم الاهتمام بالتغذية الراجعة، كما قد يعود لقلّة الثقافة المعلوماتيّة والرقميّة للكتاب أنفسهم. وهنا ينبغي التأكيد على أنّ التفاعليّة هي أهمّ سمات الإعلام الجديد فهي تقوم على تبادل المعلومات بين الأشخاص وتعزيز النشاط والتفاعل بينهم، وبالتالي عدم رد الكتّاب يفقد الانترنت أهم ميزة له وهي التفاعلية.
اقرأ أيضًا:
مراسلة بي بي سي : الشرطة المصرية طالبتنا بوقف التصوير وإلا فسيطلقون علينا النيران