الصحافة الكويتية.. أين التقييم المهني؟ - E3lam.Com

فوزية أبل – نقلًا عن القبس الكويتية 

النظرة الفاحصة على أوضاع الصحافة المحلية المطبوعة تعطي انطباعاً بوجود تحولات تدريجية في الأداء وفي التعاطي مع المستجدات والملفات، وبات واضحاً تراجع دور الصحافة وتأثيرها في الرأي العام.

الجانب «الخبري البحت» غالباً ما يطغى حتى على الصفحة الأولى في الصحف، والخبر نفسه يبدو مكرراً في العديد منها لكن بعناوين مختلفة، ومع ابرازه على نحو مختلف (في الصفحات الأولى، أو الصفحات الداخلية)، مما يدفع القارئ الى الشعور بالملل إزاء هذا النمط في التعاطي مع الاخبار اليومية، في وقت يكون القارئ فيه قد اطلع على مدى ساعات النهار على الاخبار عبر المواقع الالكترونية.. فلا ينتظر ان تحمل له الصحيفة صباح اليوم التالي الأخبار نفسها، بشكل جامد، بل ينتظر تحليلاً وتوضيحاً واستنتاجاً، واستشرافا لما يمكن حصوله في هذا الملف أو ذاك.

في بعض الصحف العربية والعالمية نجد اتقاناً في اختيار المواضيع التي تنفرد فيها، بعيداً عن الجانب «الخبري» البحت، أما في الكويت فالمعالجة الصحافية غالباً ما تكون أقل شأناً، أو أدنى تأثيراً، فغالباً ما نجد في كبريات الصحف مقالات تلقى «رواجاً» لدى أكثرية القراء، وليس فقط لدى متابعي قضية معينة صادف انها استحوذت على اهتمام الكاتب وأصبحت أولوية لديه.

الصحف الكويتية صارت تفتقد الروح والنكهة، وبالتالي الخصوصية والفرادة في متابعة القضايا والانسجام مع متطلبات القارئ المعاصر، الذي لديه كذا رسائل خبرية وإعلامية، وينتظر أن تعطيه الجريدة اليومية أخبارا متجددة وتحقيقات مبتكرة. وحتى بالنسبة لخبر مهم، أو حدث بارز، منشور في العديد من الصحف، فيفترض أن تنشره كل منها بأسلوبها الخاص، ومع إضافات أو تحليل أو ابراز للتداعيات وردود الأفعال.

الصحافة الكويتية التي كانت صاحبة تأثير وريادة، على مستوى المنطقة وخارجها، لم تحافظ على مستواها المهني، وكأنما يصح القول: «أصبح لدينا صحف من غير صحافة»!

في أحيان كثيرة يكون تعاطي بعض الصحف مع الحدث المحلي «مزاجيا»، أو منعزلا عن المضامين والخلفيات، ولا شك أن الحسابات السياسية غالباً ما تطغى على الساحة الإعلامية بالذات مما يضع الصحافة المقروءة أمام صعوبات في المواكبة والتعاطي السليم مع الأحداث والملفات، وتكوين الرأي والموقف، هذا عدا عن وجود نوع من المحسوبية، إلى جانب افتقار الجسم الصحافي إلى الكوادر المؤهلة والأساليب الحديثة للكتابة الاحترافية، فغالباً ما نجد الضعف المهني في المواد المنشورة.

وفي ظل المشكلات والثغرات المهنية، وانحسار الدور الحقيقي للصحافة من كونها منبراً للرأي والتعبير، بات واضحا أن الشارع الكويتي صار قوة جديدة في المشهد السياسي العام، ويتفوق على الصحافة في تأثيره على تكوين الرأي والموقف، وقوة الكلمة وجرأة القلم.

اذا استمرت هذه الأزمة في الصحافة فإنها ستفقد التسمية التاريخية «السلطة الرابعة».