محمد أبو مندور: (طرق مصر).. يرصد، يعرض، يسخر، ويُبكي
لبيت دعوة صديق لي لمشاهدة فيلم تسجيلي اسم “طرق مصر” أو Cairo Drive فيلم تسجيلي طويل (٨٠ دقيقة)، قد يبدو الأمر في بدايته مملًا، فمعظمنا من الجمهور العادي وحتى متذوقي الفن السينمائي قد لا يكترثون بالأفلام التسجيلية، في عرض خاص أقيم في الكلية الأمريكية بالقاهرة حضره عدد غير قليل من المدعوين، نجح هذا الفيلم في تغيير نظرتي ونظرة من حضروا للسينما التسجيلية.
يرصد الفيلم ما يحدث بشكل يومي في طرق القاهرة من زحام عجيب، طرق قيادة غريبة، تصرفات وسلوكيات البشر في هذا الإطار بشكل مدهش وممتع معًا، فمن شرح للغة آلة التنبيه في التعامل بين سائقي سيارات الأجرة المحترفين إلى تعامل رجال المرور مع المخالفين وحيرة شرطي المرور المغلوب على أمره في وسط ذلك الزحام الرهيب، مروراً بطرق المصريين في استخدام الدرجات النارية التي أصبحت تحمل خمسة أشخاص إلى المآسي التي تنتج عن رعونة وإهمال سائقي النقل الثقيل والتي نراها بشكل يومي على الطريق الدائري. ويستمر الرصد الذي بدأ من عام ٢٠٠٩ لتلك الحالات المصرية الفريدة للتواصل بين الناس في الزحام وسلوكيات المصريين مع بعضهم حتى قيام لثورة ٢٥ يناير وما بعدها.
ويعرض الفيلم حالة الشارع أثناء التحضير لزيارة الرئيس الأمريكي للقاهرة من خلال انطباعات نماذج مختلفة من المجتمع ما بين الساخر والعقلاني والمرٓحِب والمنهك وراء لقمة عيشه بشكل درامي مترابط بلا تعمد. ولم يغفل صناع الفيلم عن عرض معاناة طبقة كادحة تعمل في صمت وتمثل شريحة عريضة من المجتمع وهم سائقي سيارات الإسعاف الذين يتعرضون ويعانون من مواقف صعبة في عملهم بينما لديهم معاناتهم الشخصية.
ويسخر الفيلم من أوضاع أخرى كثيرة نراها بشكل يومي في شوارعنا من سلوكيات قد لا تتعلق بشكل مباشر بالقيادة في طرقنا لكنها تمتد الى الطرق والشوارع، فرجال المرور مثلًا ينٓظرون ويتعاملون مع الجمهور في الشارع أمام الكاميرا بشكل محترف بينما يتقاضى ذلك الشرطي رشوة من قائد سيارة ليتغاضى عن تخطيه خط عبور المشاة.
ويستمر الرصد والعرض والسخرية من حال شوارع القاهرة بعد التنحي والتي تعبر عن حال أصحاب تلك الشوارع والتي عانت من تخبط وعدم وضوح للرؤية وفوضى التوجهات وتباينها من خلال مشاهد ترصد حالة الشوارع والقيادة بمصاحبة حملات الدعاية الانتخابية.
بالرغم من عدم وجود سيناريو درامي للفيلم إلا أن المخرج حافظ على إيقاع الفيلم من خلال استخدام موفق للموسيقى التصويرية بحيث لا يمل المشاهد ولا يفقد التركيز بالرغم من تعاقب المشاهد وتعدد أماكن التصوير والتي تم اختيارها بعناية لخدمة الغرض من الفيلم. المونتاج في هذا الفيلم يعتبر الجندي المجهول الذي ضمن وصول هذا الفيلم بسلاسة للمشاهد دون إيذاء للعين ومحافظات على إيقاع الفيلم مع خلق سياق درامي منطقي يحافظ على الشعور بالدهشة.
ولَك أن تعرف، أن الفيلم قد عرض في مهرجان أبوظبي السينمائي وحصد جائزة أفضل فيلم عربي في مسابقة الأفلام التسجيلية ويعتبر من الأفلام التسجيلية القليلة التي تعرض بشكل تجاري، حدث ذلك في (زاوية) ولمدة ثلاثة أسابيع.
بطاقة الفيلم
الفيلم: طرق القاهرة
الزمن: ٨٠ دقيقة
اخراج وإنتاج: شريف القطشه
الشركة المنتجة: أفلام شريف القطشه
موقع الفيلم: اضغط هنا
صفحة الفيلم على الفيسبوك: اضغط هنا
مشهد من الفيلم: اضغط هنا
اقرأ أيضًا:
محمد أبومندور: ليت قومي يقرأون