نشوى الغندور تكتب: خطوط ساخنة في وطن بارد

يعني إيه كلمة وطن؟! هذا السؤال الذي اختلفَت وتعددت إجاباته وتغيَّرَت تبعًا لظروف وأهواء كل مواطن، فمنهم من يرى الوطن المكان الذي يوفِّر للمواطن الخبز، ومنهم من يراه خبزًا بغموس حتى إن كان شوية فول، ومنهم من يراه تُوسْت بالقشطة والمربَّى، ومنهم من يرى الوطن المكان الذي يوفّر للمواطن الحرية ويجعلها قبل الخبز أحيانًا، ومنهم من يرى الوطن حفنة تراب “مالناش دعوه بدول”..

أما أنا،وباعتباري مواطنة مصرية أرى أن الوطن هو المكان الذي أستطيع أخذ حقِّي فيه بمجرد اتصال تليفوني بخط ساخن متخصص في شؤون الحياة كافة.

الخطّ الساخن الخاصّ بحماية المستهلك مثلًا ليس شرطًا أن أُبلِغ عن ارتفاع الأسعار وجشع التجار، بل يمكن التبليغ عن الخيَّاطة إذا حاكت الفستان على غير ما طلبت، ويمكن التبليغ عن الشغالة إذا تركت الأتربة أسفل الأثاث وتحت السجاد، وعن مصفِّف الشعر إذا أفسد تصفيفه، وعن السبَّاك والكهربائي وبائع الموبيليا ومهندس الديكور وموظفي الحكومة والقطاع الخاصّ، ويشمل هؤلاء المدرسين والأطباء والمحامين حتى أفراد الشرطة في جميع القطاعات، ولِمَ لا؟ أليس السجن مكاني لو تَعدَّيت على أحدهم بالضرب في لحظة غضب أو منعت عنه أجرته نظرًا إلى سوء التصرُّف أو الخدمة المقدَّمة؟!

نرشح لك : نشوى الغندور تكتب: المغنالوجيا والإبداع الترالالي (3) “يا امّه القمر ع الباب”

أرى أيضًا ضرورة وجود خط ساخن خاص بحماية المشاهد، وهذا في رأيي أهم الخطوط على الإطلاق، فكم من برنامج نشاهده وبه أخطاء أو أخبار مغلوطة أو تجاوزات لفظية فنُضطرّ إلى إتمام الحلقة وابتلاع غضبنا ونفضفض بكلمتين عن الموضوع في السوشيال ميديا ونعتبر ذلك أضعف الإيمان، لكن لو كان هناك خط ساخن يتصل به المشاهد فيتوقف عرض البرنامج في نفس اللحظة ويُمنَع حتى من التداول عبر يوتيوب حتى لا نساهم في ارتفاع نسبة مشاهدته في الوقت الذي لا نرضى فيه عمَّا يقدِّمه كان ذلك عبرة لمن يعتبر.

ولكل من تسوِّل له نفسه أن يؤذي سمع المشاهد أو بصره أو اعتباره “داقق عصافير” أن يفكِّر ألف مره قبل أن يكررها.

وليس من الضروري أن أكون سمير صبري المحامي حتى أفعل ذلك، وليس مهمًّا أن يكون لي صوت عالٍ ومسموع أو قلم حادّ وآراء مقروءة،يكفي أن أكون مواطنًا من حقه إذا انتُزع منه حقّ أو أزعجه أمر أن يجد من يردّ حقّه، ويريح نفسه باتصال تليفوني واحد بخط ساخن متخصص، بشرط أن يكون هذا الخط يعمل وأن لا يكون خطًّا ساخنًا… والاستجابة باردة !!