نقلًا عن صحيفة المدينة
لا يختلف اثنان على أهميَّة «صحافة المواطن»، وقدرتها على التأثير العابر للحدود، حيث أتاحت هذه الصحافة لأيِّ شخصٍ كان؛ أنْ ينقل رأيه ومشاهداته للعالم، دون حاجة لأن يكون صحفيًّا، أو منتميًا لأيِّ مؤسسة إعلاميَّة، وذلك باستخدام العديد من الأدوات التي يُعتبر أهمُّها وأكثرها شعبيَّةَ وانتشارًا هو شبكات التواصل الاجتماعي. بمعنى آخر فإن المجتمع الذي يمتلك مقومات البنية التحتيَّة، والاستخدام الكثيف والمنظم لتلك الشبكات، فإنَّه يفترض أن يكون قادرًا على إيصال صوته إلى كافة أنحاء العالم، دون قيود أو حواجز، خاصَّة إذا امتلك ذلك المجتمع نخبًا قادرة على الحديث بلغات متعدِّدة، ومؤسسات صانعة للمحتوى المتميِّز.
وبنظرة سريعة على تلك المقوِّمات في المملكة نجدُ أنَّ نسبة استخدام الإنترنت تصل إلى 70.4% بعدد مستخدمين يزيد عن 22.3 مليون مستخدم، وتُعتبر المملكة من أكثر الدول استخدامًا لشبكات التواصل الاجتماعي، حيث تصدَّرت دول العالم في استخدام تويتر بنسبة 41%، وهي الأولى عربيًّا والثانية عالميًّا في استخدام «سناب شات»، والدولة الأكثر استخدامًا لإنستجرام في الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، والثانية عربيًّا بعد مصر في استخدام الفيسبوك، والأولى عالميًّا في استخدام اليوتيوب. المملكة فوق كل ذلك هي بلد لا تنقصه النخب المثقَّفة، أو عالية التعليم والمهنيَّة.
أمام كل هذه المعطيات الثريَّة لصحافة المواطن في المملكة يحق لنا أن نتساءل عن الدور الذي تلعبه هذه الصحافة في نقل صورة حقيقيَّة إيجابيَّة عن المملكة للغير من ثقافة، وسياسة، وأدب، وفنون، وواقع اجتماعي، إضافةً إلى الدور الذي تقوم به لمواجهة طوفان الحملات الإعلاميَّة الموجهة ضد المملكة عبر شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها.
لقد تحدثتُ في مقال سابق بعنوان: «حتميَّة تدعيم الجبهة الإعلاميَّة» عن إلغاء التكنولوجيا للحدود بين الإعلام المحلي والإعلام الخارجي، وعن تحوُّل الإعلام إلى جبهة حقيقيَّة من جبهات الحرب تكمن خطورته بكون عمليَّاته التدميريَّة تمارس دون صوت وضجيج.
وفي الوقت الذي يمارس فيه جنودنا البواسل دورهم البطولي في الحد الجنوبي على كافة الجبهات البريَّة والجويَّة والبحريَّة، فإن الذود عن جبهتنا الإعلاميَّة -في ظل صحافة المواطن- يصبح مسؤوليَّة مشتركة ينبغي على الجميع القيام بها، وذلك لمواجهة الحملات الإعلاميَّة الجائرة ضد بلادنا، إضافة إلى التوظيف الأمثل لشبكات التواصل الاجتماعي لتعريف العالم بثقافتنا، وحضارتنا، وحبنا للتسامح والتعايش مع الغير. هذه المسؤوليَّة وهذا التوظيف ينبغي أن تشتمل أيضًا على رفض وعدم المشاركة في الهاشتاقات المسيئة، والتي دأب الإعلام الغربي على تلقّفها ونشرها للإساءة إلينا.