اسقطوا جنسية «باولو» أو اطرحوه أرضاً!

6666

قبل ما يزيد عن 10سنوات في بلاد الانجليز، وعلى أرض «الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس»، كان «جيمي فاردي»، نجم المنتخب الانجليزي وفريق «ليستر سيتي» يلعب ضمن صفوف أحد فرق الهواة، وتحديداً في فريق يدعى «ستوك بريدج» بدوري الدرجة الثامنة، ولأن المقابل لم يكن كبيراً حتى لشراء «لقيمات يقمن صلبه»، اتجه للعمل في «وردية» بأحد مناجم استخراج الفحم.

استمر «فاردي»، اللاعب المغمور في الفريق المغمور 7 سنوات كاملة دون أن يحقق شئ، حتى انتقل عام 2010 إلى «هاليفكس تاون» ومنه إلى «فليتوود تاون»، ومن ثم القفزة الكبرى بالانتقال إلى «ليستر سيتي» الذي حقق معه الممكن متمثلاً في بطولة دوري الدرجة الأولى «الشامبيونشيب»، والمستحيل الذي أبهر العالم متمثلاً في الدوري الانجليزي الممتاز «البريميير لييج»، خلال الموسم الماضي، والذي تربع فيه على قائمة هدافيه بـ 24 هدف.

قبل بداية «فاردي» بسنوات، بدأ الشاب «حسام سلامة»، ذو الـ 15 عاماً، مسيرته مع الكرة داخل مركز شباب قرية «صنافير» التابعة لمركز «قليوب» بمحافظة القليوبية، وكالعادة «جرب» دخول اختبارات الناشئين في القطبين الأهلي والزمالك، وكالعادة أيضاً مع غالبية المواهب تم رفضه.

ويبدو أن بطلينا «المصري» و«الانجليزي» رغبا في إضافة بعد «تراجيدي» و«قصصي» لمسيرتهما، وكما ارتبطت قصة «فاردي» بـ «منجم الفحم»، انتقل «باولو» بعد فشله في اختبارات القطبين للعب كرة الطائرة في دوري الدرجة الثالثة !.

مسيرة لاعبنا المصري «عتقته» أكثر من «فاردي» الذي لعب قبل انتقاله إلى «ليستر» فيما يقرب من 3 فرق، أما «باولو» فبدآها من تحت الصفر باللعب في دوري الدرجة الرابعة مع «قها»، مروراً بـ «طوخ» و«منوف» و «سكر أبو قرقاص» و «سكر الحوامدية»، حتى الانتقال لنادي «الشمس» في دوري الدرجة الثانية، وانتقاله منه إلى «الداخلية».

https://www.youtube.com/watch?v=RjWg9cXirm8

قصة الأثنين معروفة، والمقارنة بينهما كمثالين لقصتي كفاح «اتهرست في 100 فيلم قبل كده».. اذاً ما الجديد؟.. الجديد أن المكافحين اللذين جمعهما «النحت في الصخر»، فرق ما بينهما «الجنسية»، الانجليزي انضم للمنتخب وسجل معه 8 مشاركات وأصبح أحد أعمدته الأساسية، والثاني لم يلعب سوى مباراة واحدة دولية، كانت «ودية» كالعادة أمام غينيا في اغسطس الماضي، ثم خرج من قائمة المنتخب في مباراة الكونغو بالتصفيات المؤهلة لكأس العالم.

«فرق التعامل» الذي حظى به اللاعبان يأتي رغم تفوق «باولو» على نظيره الانجليزي.. هتقولي إزاي؟.. خد عندك مثلاً أنه حقق لقب «هداف الدوري» مرتين متتاليتين مع فريق مختلفين للمرة الأولى في تاريخ الدوري، مع الداخلية بـ 21 هدف، و سموحة بـ 17 هدف.. لايزال يحافظ على صدارة الهدافين في الموسم الحالي بـ 4 أهداف في 3 مباريات.. سجل أسرع هدف في تاريخ مسابقة الدوري، بعد مرور 12 ثانية من بداية لقاء سموحة أمام المصري في الدوري المنقضي.


«باولو» هداف بالفطرة، يجيد التحرك في منطقة الجزاء، يمتاز بالطول والبنية الجسدية المتميزة، يجيد التصويب بالقدمين، ورائع في ضربات الرأس.. لا يكتفي بذلك فقط، بل أن من أهم مزاياه لعبه الجماعي، عندما تتاح له فرصة التسجيل وهناك زميل يقدر «يضمنها أكتر منه» تجد «الاسيست المعتبر»، اذا ما أردت أن تعرف «ما هي قدرات باولو؟» شاهد هذا الهدف، وبعد أن تخرج آهات الدهشة والاعجاب وعبارات الإطراء تذكر أنه دائماً ما يكون خارج قائمة المنتخب، لحساب مهاجم الأهلي «عمرو جمال» الذي يغيب عن التسجيل في 26 مباراة، منذ 9 أبريل الماضي، ولم يخرج من القائمة سوى هذه المرة.

https://www.youtube.com/watch?time_continue=13&v=ep6gcANTRhg
عندما تبحث عن أهداف «باولو» تجد تسجيلاً من كل الأماكن، وبكل الطرق الممكنة، تجد الهدف السهل، والمحتاج لمجهود، والذي زينته المهارة، وغير المتوقع تسجيله. وبرغم كثرة هذه التسجيلات التي يمتلئ بها موقع «يوتيوب»، فأن الاكتفاء بها وعدم مشاهدته  في الملعب يظلمه كثيراً، فاللاعب لمن يشاهده ملتزم دفاعياً، غير أناني هجومياً، هدفه «شباك الخصم» ولو لم يكن هو المسجل، وهذه ميزة يفتقدها غالبية مهاجمي مصر في الوقت الحالي، أمس وأمام «طنطا»، عاد «باولو» لهوايته في تسجيل الأهداف الخيالية.

وسجل هدف ثاني من ضربة جزاء.. بعد اللقاء قال عن الهدف بتلقائية: «كنت معرضها بصراحة لزمايلي»، إجابة تظهر لك جانب أخر للاعب يستحق أكثر مما عليه. دائماً ما يحدثك عن والديه، وفخر «الحج سلامة» به، شغفه العالي هو ما يحتاجه منتخب مصر، فالمهاجم الذي سيلعب «عشان يفرح أبوه»، كما قال في احد اللقاءات، أولى باللعب من أخر «بيقضي واجب».

دائما ما يستخدمون عبارة «لاعب ظلمته جنسيته» مع لاعبين من أمثال «إبراهيموفيتش» و «جاريث بيل» و قبلهما «ريان جيجز» وغيرهم الكثير، لكن هؤلاء برغم صعوبة تحقيق انجازات مع منتخباتهم إلا أنهم في بلادهم «نامبر وان»، أما «باولو» الذي يظل للعام الثالث «نامبر وان»، ويمر به قطار العمر في المحطة الـ 32، لا يزال في نظر «كوبر ومن معه» لاعب لا يصلح لقائمة المنتخب.

الموضوع يتجاوز كرة القدم، ويصدر رسالة لكل مصري موهوب في مجاله: «أعمل ما شئت واجتهد ما شئت.. لن تجد ما تستحقه.. ولن تصل إليه من الأساس»، وكما أن ابناء الفلاحين والعمال و عمال النظافة ممنوعون من السلك القضائي أو الدبلوماسي أو أي حاجة عليها القيمة، فأن أبناء أندية «غير القطبين» ممنوعون هم أيضاً من المنتخب، ولو على حساب المنتخب.

فلتذهب يا «باولو» وتقتل رفيقك الذي كان يجري معك في مركز شباب «صنافير»، ويناديك للمرة الأولى «باصي يا باولو»، فسألته: «اشمعنى باولو؟»، فقالك: «أهو كده وخلاص»، فلولاه لظل اسمك «حسام سلامة»، ولربما ضمك حينها «كوبر» وجهازه، الذي يعتقد فيك كل شيء ما عدا أنك «مصري»، أو حتى فلتطلب منهم اسقاط جنسيتك، حينها سيقدرك الكثيرون، وربما اعتبرك جهاز المنتخب «أدم العبد» أو «سام مرسي» وطلبوا «تجنيسك» و عودتك!.