لم أتلقَ منك أي رد على رسالتي الأولى لكم حتى الآن، ولكن لا بأس سأصبر وأنتظر وأعمل بما يردده علينا شيوخنا الأفاضل “التمس لأخيك سبعين عذراً” وبذلك فإن رصيدكم عندي من أعذار أصبح تسعاً وستين عذراً، ولن أيأس حتى لو تجاهلتني، فلقد اعتدنا في مصر على التجاهل كثيراً..
نرشح لك : علاء الدين العبد يكتب: صديقي العزيز جوجل (1)
قبل أن أخبرك سيد جوجل، عن الخبر الساذج هذه المرة الذي وقفت عنده، دعني أنهي معك قصة “الفكة” لكي أسجلها عبر موقعكم للذكرى، فلقد شارك أحد أصدقئي بوست على الفيس بوك، عن صندوق بمطار ميونيخ يلقى به المسافرون بالفكة، وكتبت تعليقي عنده كالتالي :
أنا : “الفكرة في حد ذاتها مقبولة جداً، ولاحظ أن نموذج الصندوق موجود أيضاً في الأسواق والسوبر ماركت ومن مبادرة جمعيات خيرية، لكن كونها تأتي بمبادرة من رئيس دولة مصر كان لها وقع آخر! “..
هو : “خليك مكانه..هتعمل إيه ؟!”..
أنا : “المبادىء لا تتجزأ، يعني لما أكون باهتم بجمع القليل من أي شىء وبحوله لمكون أكبر، فالطبيعي أن يكون هناك اهتمام بالتوازي وحرص على إدارة ما هو أكبر، لما يبقى عندي موظفة “رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية”، مُقالة من يومين، وفجأة اكتشفنا أن دخلها الشهري سواء من الراتب أو بدلات اللجان بيصل إلى 300 ألف في الشهر، وبالطبع هناك الكثير مثلها، وأتغاضى عن تصحيح ذلك لأسباب لا أفهمها ولا أعرفها يبقى كأننا بننفخ في قِربة مقطوعة لن تمتلأ أبداً ! “..
هو: “من يعترض أو يسخر من “الفكة” هو شخص تافه” ..
انتهى الحواربيننا إلى هذا الحد، وكنت أرغب أن أبلغه أن يدخل على موقعك ليعرف أن الشخص التافه هو من يهتم بتوافه الأمور، وهو بذلك قد صرَّح ضمنياً دون أن يدري بتفاهة الفكرة، ولكني آثرت أن لا أُعَكِّر عليه صفو حكمته التي يعيش فيها، وترددت أن أطلب منك أن تتابع الأوضاع معي في مصر، وتساعد المواطنين الحكماء في المحروسة بالدعم السريع، فتمدهم بالمواقع التي تطبق فكرة “الفكة” لأني شعرت بمعاناتهم الشديدة هذه المرة للرد على التافهين المعترضين..
صديقي العزيز جوجل كما تعرفني، لا أحبذ أي مقارنات بيننا وبين دول أخرى ولا أستشهد بها نهائياً إلا إذا كانت المقارنة كاملة، أما أن نجتزيء ما هو على هوانا وفي صالحنا فقط فهي مقارنة أراها ناقصة لا تصلح، وإلا سأكون مضطراً لأجري مقارنة بين مطار ميونيخ ومطار القاهرة ومستوى التعليم والمدارس والصحة ونظافة الشوارع بميونخ والقاهرة..
ثم عدت مرة أخرى أخرى لتصفح الفيس بوك ، ومررت بعيني سريعا على كم الشتائم لمن اعترض على اقتراح الفكة، وبالطبع لا أعلق أو أتفاعل مع تلك النوعية من البوستات، وقد اعتدت عليها، طوال اليوم ينشر أصحابها أذكار الصباح والمساء وفضل الصلاة والصوم، ولا رأي لهم فيما يحدث من أخبار، صم بكم، ثم فجأة يظهرون الوجه الحقيقي، لا أدري كيف يفكر هؤلاء، فالبعض منهم يتحدث كثيراً ويهاجم النقاب والحجاب ويناقش تفسير الأحاديث وصحتها، ولو اضطر الأمر يشكك في تفسير بعض الآيات متسلحاً بمبدأ إعمال العقل وحرية التفكير، وأنه لا كهنوت في الإسلام، ولا يوجد أوصياء على دين الله ولكنه ينتفض غاضباً حين يعترض متلقي مثله لتصريح ما من الرئيس وكأنك شككت في رسالة سماوية أو حديث قدسي وليس من مخلوق مثله، يخطىء ويصيب، فيصب عليك غضبه..
مرة أخرى، كنت أود أن أسأل هؤلاء ماذا تعلمون عن ميونيخ غير صندوق الفكة في المطار؟! ولكني تذكرت أني في حضرتك يا سيد جوجل، فأنت أولى أن تخبرهم بذلك أو تدلهم أن غاية الأمر أن يكتبوا على موقعك “ميونيخ” وسوف يرون العجب الحقيقي وليس العجب الموعود..
توقفت مرة أخرى عند بوست من أحد الأصدقاء يؤكد فيه أن تطبيق نظام الفكة بالمتاجر الكبرى بالسعودية، وهذا صحيح فعلاً ورأيته بنفسي بهايبر بنده وكارفور وأسواق كثيرة أخرى، ولزيادة التأكيد تطبقه شركة الإتصالات السعودية منذ سنوات بالتبرع بعشر ريالات لصالح مرضى الفشل الكلوى، وتذهب تلك الفكة بالمتاجر إلى الجمعيات الخيرية، ولكنها كلها مبادرات من جمعيات المجتمع المدني لم تأتِ من ملك السعودية أو من رئيس الوزراء، واستكملت التصفح، فإذا بي أقرأ خبر أيضاً من السعودية، يقول الخبر: “العاهل السعودى يأمر بتخفيض رواتب الوزير ومن في مرتبته 20% ، تخفيض مكافأة عضو مجلس الشورى 15% ، استثناء العسكريين على الحد الجنوبي للمملكة من قرار عدم منح العلاوة السنوية تقديراً لما يقدمونه من تضحيات للوطن..
سجل يا سيد جوجل لو سمحت وبلغهم أنَّ المقارنة يجب أن تكون كاملة، علمهم أن لا نجتزيء المقارنات والأمثلة، وبالمناسبة فالخبر الذي كنت سأحدثك عنه هو ما قرأته فى مطلع الشهر الحالى “سبتمبر” وهو بتعليمات من الرئاسة، فحص إقرار الذمة المالية لخمسة مليون موظف، والخبر يبدو بالقراءة الأولى طيب، ولكن هذا يقتصر على الموظفين الحاليين، فماذا عن الموظفين الذين أحيلوا على المعاش، هل فَلَتَ الفاسدون منهم؟! هل هذا القرار صدر بحسن نية متجاوزا تلك الفئة؟ ولو كان كذلك فمازال بأيدينا أن نصححه، بل وبطريقة أفضل لوشاء من بيده الأمر وكانت نيتة خالصة لمحاربة الفساد وتوفرت إرادته الكاملة والحرة، والحل بسيط جداً وله مزايا عديدة، فالرئيس يصدر قرارات شبه يومية، ويستطيع أن يصدر قرار بالتنسيق مع وزارة العدل ووزارة المالية ووزارة الداخلية، بإلزام جميع المواطنين بالتسجيل العيني لممتلكاتهم من عقارات بالشهر العقاري، مع تحديد رسوم بنسب منطقية من قيمة الممتلكات، لكي لا يتهرب المواطنون من ذكر القيمة الحقيقية لتلك الممتلكات، ولن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً، كل ما في الأمر أن وزارة الداخلية ممثلة في مكاتب السجل المدني، ستزود مكاتب التوثيق بقاعدة بيانات المواطنين والمسجلة لديهم بموجب الرقم القومي، ولصاحب القرار أن يتخيل أعداد المباني والشقق والأراضي الفضاء بالمحروسة، وكم قيمتها وكم سيجني من مليارات مقابل ذلك التسجيل، وكم سيكون من السهل للجهات الرقابية والكسب غير المشروع مراجعة الذمة المالية لأي مسئول حالي أو سابق، بضغطة زر لأي رقم قومي، وكم سيكون سهل تداول العقارات بالسوق وسيتم البيع ونقل العقارفي دقائق معدودة بمكاتب الشهر العقاري، مما سيجنبنا حالات النصب ويخف الضغط على المحاكم..
عزيزي السيد جوجل ، في وطننا الحبيب إذا انتقدت يثور بعض المواطنين الشرفاء ضدك، ويطالبك البعض بتقديم الحلول، وكأنك لو قدمت حلاً لأعجبهم واقتنعوا به!
هل عرفت الآن يا جوجل لماذا انتقدت اقتراح الفكة؟!
اسمح لي أن ألجأ إليك مرات ومرات أفضفض لك بما يضيق به صدري..