نقلاً عن البوابة
فى مدونة الأمثال الشعبية التى ورثناها عن أجدادنا نجد من يقول عن حكمة حياتية مجربة: عدوك يتمنى لك الغلط وحبيبك يبلع لك الزلط.
مؤكد أنك جربت ذلك تماما، أو على الأقل شاهدته فى حياتك، فمهما قال من تحب فأنت تلتمس له الأعذار، وتقدم بين يديه الحجج، وتبحث له عن مبررات، فلا أحد منا يرى من يحبه مخطئا حتى لو كان كذلك، ومهما قال من نكره فلا أعذار ولا ححج ولا مبررات، بل بالعكس تماما، نبحث فيما يقوله عن الهنات والزلات والهفوات، ونصنع من حبته قبة.
هذا سلوك إنسانى طبيعى وفطرى، من العبث أن نبحث له عن تفسير، فنحن لسنا موضوعيين لا مع من نحب ولا مع من نكره.
لن أناقش هنا من يكرهون الرئيس السيسى، هؤلاء الذين يجعلون منه عدوا وخصما ويحيلون عليه كل خطايا الكون، لأنهم لن يرضوا عنه أبدا مهما فعل ومهما قال.
قد نكون فى حاجة إلى تحليل مواقف من يعادونه و يتربصون به من خارج دائرة الاخوان المسلمين وحلفاءهم، لأن هؤلاء لديهم ما يبررون به كراهيتهم وعداءهم له، كثيرون منهم كانوا من مؤيديه، ثم انقلبوا عليه، وهؤلاء تجب مناقشاتهم، والتفاعل مع ما يقولونه، لأن كثيراً منه يستحق النقاش والاشتباك، ثم أن تجاهله لن يكون فى مصلحة أحد.
سأتوقف قليلا أمام من يبلعون الزلط للرئيس، يمر عليهم كل ما يقوله أو يفعله بسلام تام، يتحركون للدفاع والتبرير دون أن يفكروا فيما يقولون، هؤلاء أكثر خطرا على الرئيس وعلى مشروعه، لأنهم بحماسهم الذى لا أشكك فى دوافعه _ وإن كان من المفروض أن نبحث وراءها بالطبع _ يجعلون من الرئيس هدفا للسهام ومقصدا للرمى ومرمى للتشويه والإساءة.
الموضوعية تقتضى ألا نبلع للرئيس عبد الفتاح السيسى الزلط ولا نتمنى له الغلط، فهو رئيس دولة يعمل من اجل مستقبلها، لابد أن يخضع كل ما يقوله إلى حوار مجتمعى ناضج، يضيف اليه ولا يحذف منه، لكن المشكلة أنه يواجه نظارتين، الأولى سوداء تنسب له كل نقيصة، وتتمنى له كل الفشل، والثانية بيضاء ناصعة، يتعامل أصحابها مع ما يفعله أو يقوله على أنه وحى من السماء لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
السيسى فى النهاية بشر، قلت قبل ذلك أن الله أجرى على يديه ما يصل إلى مرتبة كرامات الأولياء وهو ما أتمسك به ولن أتراجع عنه أبدا، لكن بعد الكرامات أدخله الله فى التجربة، وأصحاب التجارب بشر لهم ما لهم وعليهم ما عليهم.
لا يحتاج الرئيس السيسى الى هجوم مطلق ولا الى تصفيق مطلق، الهجوم المطلق الذى يقوم به أعداءه نعرفه جيدا، لا حيلة لنا فيه، لن يتوقفوا عنه، ولن يقبلوا منه شيئا، لكن التصفيق المطلق يحتاج الى ترشيد.
لم ألتفت مثلا الى من سخروا من كلامه عن أهمية الفكة فى بناء الاقتصاد المصرى، ومساهمتها فى إنجاز مشروعات مهمة وكبيرة، فهؤلاء فى قلوبهم مرض وبعقولهم خلل، لكننى نظرت لمن أثنى على ما قاله، دون أن يقدم للرأي العام تجارب الدول الأخرى فى الاستفادة بالفكة، فهو ليس أول من يقول بذلك – وإن كنت أرى أنه لم يكن له أن يقول هذا بنفسه _
كان يمكن أن تكون لدينا فكرة جيدة ندير حولها نقاشا محترما، لنحولها الى واقع نستفيد منه وبه، لكننا أخضعنا ما قاله لثنائية الغلط والزلط، رغم أنها ليست كذلك على الاطلاق، أو من المفروض ألا تكون كذلك، وعليه فنحن نخسر قيمة أن نكون شعبا محترما عاقلا فاعلا، يفكر فى مستقبله على أرضية الأفكار وليس الأشخاص.
السيسى فى النهاية ليس فردا، نجاحه أو فشله يعودان عليه وحده، هو مشروع كامل ساهمنا فى بلورته ووصوله الى السلطة، بما يعنى أن نجاحه أو فشله يعودان على هذا الوطن كله ، فاحموا مشروعكم… قبل أن يضيع من بين أيديكم.