محمد الزلباني
في يوم تحل فيه الذكرى الثالثة والأربعين لانتصارنا في حرب أكتوبر، وما خلّفته ورائها من تغيّرات على جميع الأصعدة سياسياً واقتصاديا وبالطبع فنيّاً، لا زالت الرؤية التي يُنظر بها إلى هذه المرحلة أحادية الاتجاه، حيث كلّ ما يقال في ذكرى السادس من أكتوبر منصرف بالكلية إلى الحرب فقط، ولم نرَ مثلاً برنامجاً تليفزيونياً أو حتى مقالاً يطرح فيه كاتباً ما رؤيته لتبعات ذلك النصر العظيم الذي لا يشكك فيه أحد.
بيد أن السينما حين لم تجد كتاباً يبيّنون التغيرات التى طرأت بعد النصر، انصرفت هي الأخرى فى صُنع أفلام تحكى عن أكتوبر الحرب فقط .. قد يكون صُناع الأفلام التى عرضت بعد الحرب مباشرة لهم عذرهم فقد كانوا لا يزالون فى مرحلة الإنتشاء بالنصر، أما كل الأفلام التي صنعت بعد عشرات السنين من نصر أكتوبر ليس لها أى عذر فى ذلك.
بالرغم من كِبر قامة صناع هذه الأفلام إلا أنها لم تنجُ من إنتقادات متابعيها بإختلاف أعمارهم بداية من شعر محمود ياسين الذى لم يبتل طوال أحداث فيلم الرصاصة لا تزال فى جيبى، إنتهاءً بـ ” ياريتنى كنت معاهم ” التى ألقاها الممثل هشام عبد الله فى فيلم الطريق إلى إيلات.
لكن هناك فيلما واحداً نادراً ما يعرض، وإن عُرض لا يتم عرضه فى ذكرى اكتوبر هو الذى نجا من كل تلك الإنتقادات الساخرة، نظراً لقوة مضمونه وهو فيلم “المواطن مصرى”، هذا الفيلم نجا بنفسه من الإنتقادات لسببين أولاهما : تاريخ عرضه الذى كان متأخراً عن نصر أكتوبر بما يقارب العشرين عاماً، تحديداً عام 1991. ثانيهما : أن البنية الأساسية لقصة الفيلم المأخوذة عن رواية “الحرب فى برّ مصر” للروائى البديع “يوسف القعيد” كانت تتناول حقبة السبعينيات مروراً بحرب أكتوبر أى أن الحرب لم تكن هى الشغل الشغل الشاغل لكاتب الرواية ولصناع الفيلم فيما بعد.
تلك الرواية الصادرة عام 1978، والتى حازت على المرتبة الرابعة ضمن أفضل مائة رواية عربية، أى أنها صدرت بعد السادس من أكتوبر بحوالى خمسة أعوام، بما يؤكد أن الحرب وما أعقبها من نصر ثم تغيرات على كافة الأصعدة، كل هذا قد إختمر فى عقل الكاتب ومن ثمّ أصدر روايته؛ الحال كذلك مع المخرج ” صلاح أبو سيف ” الذى رأى بعين الواقعية التى تميزه عن غيره من المخرجين أن السادس من أكتوبر ليست مجرد نصر فقط بل هناك العديد من الأسئلة يتوجب على الجميع طرحها : لمن يُنسب النصر فى هذه الحرب ؟ من جنى أرباح ذلك النصر ؟ وغيرها الكثير من الأسئلة التى شرع فى الإجابة عنها بالمشاركة مع السيناريست ” محسن زايد “، فقدما إلينا عملاً بديعاً أصبح علامة مهمة فى مسيرة المشاركين فيه جميعاً .. عمر الشريف، عزت العلايلى، عبد الله محمود، صفية العمرى ونقطة إنطلاق لآخرين مثل الفنان خالد النبوى، حنان شوقى والموسيقار ياسر عبد الرحمن في مجال الموسيقى التصويرية .
https://www.youtube.com/watch?v=t8br6t6kcFE