قيادي إخواني عن "كمال" : وضع خطة "الإرباك والإنهاك" لإسقاط النظام خلال عام

فاتن الوكيل

“الداخلية تُعلن مقتل القيادي ألإخواني محمد كمال في تبادل لإطلاق النار أثناء محاولة القبض عليه”، هكذا نشرت المواقع الإخبارية يوم 4 أكتوبر الماضي، وذلك عقب إعلان وزارة الداخلية عن مقتل القيادي ألإخواني محمد كمال، الهارب منذ سقوط حكم الإخوان وخاصة عقب فض تجمع الجماعة في ميدان رابعة العدوية.

لم تكن هذه العملية هي الأولى من نوعها، حيث كانت وزارة الداخلية قد أعلنت في وقت سابق عام 2015، عن تصفية خلية إخوانية في مدينة 6 أكتوبر، وهو الأمر الذي واجه تأييد البعض واعتراض البعض الآخر على كلمة “تصفية” مُفضلين القبض عليهم ثم محاكمتهم محاكمة عادلة، لكن الأمر هذه المرة يبدو أنه سيأخذ أكثر من الاختلاف حول قيام الداخلية بتصفية محمد كمال دون تبادل إطلاق النار، أم قاوم كمال السلطات، وذلك بفضل الحوار الذي أجراه القيادي في جماعة الإخوان مجدي شلش، عضو ما يُسمى بـ”اللجنة الإدارية العليا للإخوان”، وصديق محمد كمال، مع برنامج “الميدان” المذاع على قناة “مكملين” الإخوانية التي تبث من خارج مصر.

أدلى شلش خلال الحوار بتصريحات ربما تكون الأوضح والأخطر منذ سقوط حكم الإخوان، فبالرغم من حدوث مئات العمليات الإرهابية في مصر منذ سقوط الإخوان، وهم ينفون دائمًا صلتهم بهذه العمليات، حتى أن مرشدهم محمد بديع قد أعلن في مرة أن “سلميتهم أقوى من الرصاص”، لكن هذا الحوار كشف عن نواحي أخرى كان يخشى الإخوان التصريح بها حول تحركاتهم المسلحة داخل مصر، خاصة ضد رجال الجيش والشرطة، ونسب جميع التحركات الإرهابية إلى جماعة “أنصار بيت المقدس” فقط.

شلش قال إن كمال “فهم الدور الثوري” الذي تتطلبه هذه المرحلة، وطوال الحوار كان شلش يستبدل كلمة التحرك المسلح بمصطلح “الدور الثوري”، خاصة في أول الحوار، لكن مع مرور الوقت أصبح أكثر صراحة في هذا الطرح، حيث أكد أن محمد كمال هو من وضع هذه الرؤية بتأصيلها وحدد أدواتها، وذلك بعد أن رفضت مكاتب الإخوان في مصر الخطة الأولى التي طرحتها لجنة التخطيط، والتي تلخصت في تنظيم مسيرات وسلاسل بشرية، حيث أكد أعضاء الإخوان أنهم لن ينزلوا إلى الشارع إلا إذا كان هناك دور ثوري.

أضاف شلش أن الثورة من مفهومهم في الجماعة الآن يجب أن تمتلك “أدوات القوة” في الداخل، وأنه لن تكفي التجمعات البشرية الكبير لعودة شرعيتهم، وكسر ما أسماه بـ”الانقلاب”، ولكنه اكد على أهمية وجود “من يحمي هذا التجمع”، من وجهة نظره، ويكون قادر على “كسر مفاصل النظام الحالي”، على حد قوله، وألا يكون دور هذه القوة قاصرًا على الدفاع ع النفس، بل يجب أن يمتد لـ”المقاومة”.

إذا شلش هنا يشرح الخطة التي وضعها كمال حتى قبل 25 يناير 2015، وهو اليوم الذي أشاد به شلش خلال الحوار، مؤكدًا أن كمال وضع خطة لهذا اليوم جعلت أفراد الشرطة المصرية “تهرب من جميع الشوارع”، كما يتصور، وأن النظام كان في أضعف حالاته، وكان يمكن ان يسقط، لولا أن بعض القيادات اعترضت على الحل المسلح، والدفع بشباب الإخوان في هذه المتاهة.

اعتبر شلش ان التحرك المسلح ضد النظام المصري الحالي هو من “شريعة الله” واستشهد بالآية القرآنية “فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم”، مؤكدًا أن مقولة مرشد الإخوان “سلميتنا أقوى من الرصاص” ليست من ثوابت الدين الإسلامي، وأن شعارهم الآن هو “سلميتنا أقوى بالرصاص”، وهنا نجد أنه تحدث بوضوح عن تبني معظم أعضاء جماعة الإخوان للتحرك المسلح، لكنه سرعان ما قال إن حديثه لا يعني “عسكرة الثورة”، وكأنها جملة كان يجب أن يقولها من باب السلامة.

صرّح شلش بأن الخطة البديلة للمسيرات والسلاسل البشرية، التي وضعها القيادي محمد كمال، كانت باسم “الإنهاك والإرباك والإفشال”، وهو ما كان واضحًا خلال الفترة الماضية، من عمل جماعة الإخوان وأفرادها في الداخل والخارج على المشاكل التي تواجه المجتمع المصري، وتسويقها بشكل يحاول إضعاف النظام في الداخل والخارج، معتمدين على مشاكل حقيقية موجودة في المجتمع، لكن لمصلحتهم.

طوال الحوار استبدل شلش ومقدم البرنامج كلمة “المسلح” بـ”الثوري”، وهذا إما لرغبتهم في التنصل من التصريح مباشرة من دعوتهم للإرهاب، أو ليتحول لفظ ثورة تلقائيا في عقول متابعيهم إلى أنه مرادف لـ”مسلح”، وهو ما يضر في العموم بفكرة الثورة.

شلش قال بصراحة إن ما أسماه “الحراك الثوري” يحتاج إلى دعم من الخارج، بالإضافة إلى قيادة مؤسسية، مؤكدًا أن هذا الفكر الثوري “من المستحيل” أن يخرج من عقول شباب ونساء الإخوان، وأن الجماعة من المستحيل أن تتصالح مع النظام الحالي.

لكن الحوار أتضح من خلاله أيضًا أن جماعة الإخوان ليست على قلب رجل واحد، كما كانوا يُصورون دائمًا، وينفون وجود انشقاقات، بعد تداول أخبارًا عن ذلك، حيث أشار إلى أنهم في الجماعة لم يرون القيادي محمود عزت، سوى مرة واحدة، تم خلالها تجميد عضوية محمد كمال، وأربعة آخرين، وبدا من حديثه هجومه على عزت، عندما قال إنه كان يدير الجماعة بشكل فردي.

شلش أكد أيضًا أن طاهر إسماعيل نائب مسئول المكتب الإداري للإخوان في القليوبية، والذي قتل عام 2015، خلال تبادل إطلاق النار مع الشرطة في مدينة 6 أكتوبر، أكد لشلش أن الجماعة كانت تُفكر في “الحسم” عقب تظاهرات 25 يناير 2015، وهو اعتراف آخر بتبني جماعة الإخوان الفكر المسلح بصراحة الآن.

قال شلش إنهم أرسلوا للهيئة الشرعية ف الجماعة لمعرفة الحكم الشرعي لكل من شارك في  الانقلاب بقوة أو تعرض بأذى لـ”الثوار” وهل هم بغاة أم خوارج أم محاربون لله، وما جدوى الوقوف في وجههم، حيث أكد أنه بحكم عمله كأستاذ أصول الفقة بجامعة الأزهر، فإنه شارك في إعداد دراسة شرعية، تم تعميمها على مكاتب الإخوان في جميع المحافظات، حول شرعية العمل المسلح ضد “مفاصل النظام”، والتي تُبيح معاقبة كل منهم “بما يستحق” على حد قوله.

عاد شلش من وقت لآخر، إلى الإشادة بيوم 25 يناير 2015، حيث قال إن الجماعة حققت يومها “نجاح عريض”، مضيفًا: “ما تركنا مؤسسة إلا وكان لنا فيها بصمة.. وما تركنا نموذج من أكابر المجرمين الذين عُلم أنهم قتلوا وسفكوا إلا وكان للثوار مواقفف معهم”، موضحًا ان الخطة التي وضعها القيادي محمد كمال، كانت مقسمة إلى قسمين، الأول يحتاج إلى 6 أشهر من المسيرات والتجمعات، والـ 6 أشهر الأخرى، تحسم فيها الجماعة هذا الصراع، ليسقط النظام في يوم 25 يناير 2016.

مرة أخرى يعود شلش إلى مهاجمة بعض قيادات الإخوان، مؤكدًا أن الجماعة راجعت نفسها عام 2014، لكن المراجعة هنا، لم  تعن بالنسبة له، معرفة أخطائها التي أودت بها لهذا المصير، لكنه صرح بأن الجماعة راجعت “الفكر الإصلاح”، وتحول أعضائها إلى “الفكر الثوري”، مشيرًا إلى إنه يعتقد أن أكثر من 80 % من أعضاء الجماعة الآن يؤيدون الفكر الثوري، وأن هذا الفكر لن ينته بعد مقتل محمد كمال، حتى وإن كان القائد في هذا الشأن.

في نهاية الحوار أكد أن محمد كمال كانت خططه تجعل رجال الأمن لا يبيتون في بيوتهم،  وهنا مرة أخرى يُثبت تهمة الإرهاب عليه، بل ويفتحر بها، حيث وجه رسالة إلى شباب الإخوان، قائلًا إنهم قادرين على إسقاط “الانقلاب الذي يسفك  الدماء”.