محمد عبد الرحمن يكتب: خطر "عجينة" الأكبر

نقلا عن مجلة 7 أيام

أن يتهم النائب إلهامي عجينة نصف رجال مصر بأن لديهم “عجزا جنسيا” فهذا أمر يستحق أن يرد عليه الرجال أنفسهم خصوصا زملاءه تحت قبة البرلمان، وقتها كان هذا التصريح الأول لعجينة بعد فترة صمت طويلة نسبيا ولقى تجاوبا من القراء ونشرت عنه جميع الصحف خصوصا ردود الفعل الإعلامية والمداخلات التي أجراها مع مقدمي برامج التوك شو.

نرشح لك : محمد عبد الرحمن يكتب: ملوك الأفورة

لكن عندما يقدم اقتراحا لمواجهة الزواج العرفي يقضي بالكشف عن عذرية طالبات الجامعة، فهذا أمر لا يمكن السكوت عليه، لكن عدم السكوت هنا يتطلب إجراءات حقيقية لا جدلا إعلاميا ومجتمعيا فقط، بمعنى أنه إذا مر أكتوبر دون حرمان “عجينة” على الأقل لمدة عام من حضور جلسات البرلمان  فلا أمل في أن تنتهى ظاهرة “عجينة” وغيرها من الظواهر الأخرى مثل “الشيخ ميزو” والسلفي الذي أراد هدم الأهرامات قبل 3 سنوات، و”هاتولي راجل” والملحدين ومحضري الأرواح وغيرها من الوجوه التي يتم الدفع بها إما للتغطية على أزمات أكبر أو لأن الإعلام لا يريد أو لا يستطيع الاجتهاد لتقديم مناقشات جادة لما يحدث في المجتمع المصري الذي يعيش فترة عصيبة على كل المستويات.

الخطر الأكبر الصادر عن “عجينة” ليس فيما يقوله، ولو أن الصحف المصرية عادت لرشدها واكتفت بنشر التصريح دون متابعات إخبارية وردود فعل لوئدت الفتنة في مهدها، لكن للأسف الشديد لا تلتزم صحافة مصر بالصمت إلا بتعليمات فيما تغيب تماما المسئولية الاجتماعية والمعايير المهنية التي تعطي لأمثال “عجينة” القدرة على الاستمرار والانتشار والتكرار لكن تحت أسماء مختلفة.

خطر “عجينة ” الأكبر لا يمكن رصده إلا بإعادة قراءة القضايا التي غطت عليها قضية عجينة وباحتساب عدد دقائق برامج التوك شو التي ضاعت حول تصريحاته “السافلة” وإعادة توزيعها على هذه القضايا والتساؤل كيف كان يمكن أن تتغير ولا تمر مرور الكرام لو أن الصحف والشاشات لم توفر المجهود الأكبر لصالح “عجينة” واقتراحاته التافهة.

إذا كان للنائب العام وحده أن يصدر قرارا بحظر النشر في أحد القضايا حتى لا تؤثر المعلومات المنشورة على سير التحقيقات، فإن الضمير المهني يمكن أيضا أن يصدر هذه القرارات لحماية المجتمع من استهلاك هذه التصريحات التي لا تضرنا في الداخل فقط ولكن تجعل صورتنا في الخارج سيئة للغاية.

ثم يأتي من يسأل لماذا البرلمان مهزوز في أعين المصريين، لأن القائمين عليه لم يتحركوا قبل الغاضبين لردع “عجينة” وأمثاله، ولأن الصحف التي غطت أخبار “عجينة” ودفاعه واعتذاره والهجوم عليه، لم تمنح المساحة نفسها لتغطية أبعاد صحفية نابهة هي “رنا ممدوح” من تغطية البرلمان لأن أداءها لا يعجب رئيس مجلس النواب كما قيل لها.

إذا كنت قارئي العزيز قد استهلكت أخبار تصريح عجينة المهين لطالبات مصر على مدى الأسبوعين الماضيين، اسمح لي بأن أجمع لك مجموعة من الأخبار المنشورة وغير المنشورة التي ربما تكون نحن الصحفيون قد قصرنا في تقديمها لك بسبب “اللت والعجن” حول ما قاله النائب البرلماني “الموقر!”

صديقي مهندس تطوير المواقع محمد بدر أخبرني أن الإدارة التعليمية بطنطا وزعت ابنته على مدرسة خارج النطاق السكني، لكن المشكلة لم تكن في المسافة وإنما في أن المدرسة لاتزال أرضا بدون مبانٍ حتى الآن، يعني التلاميذ في البيوت والمدارس بدأت منذ شهر، وهي نفس المدارس التي لاتزال تنتظر انتهاء مناقصات توريد الوجبات الغذائية، واستكمال طباعة الكتب الدراسية، أي أن وزارة التربية والتسريب فشلت في حماية امتحانات الثانوية العامة وفي اتجاها للفشل في حماية العملية التعليمية برمتها.

القنوات كلها احتفلت بالذكرى 43 لحرب أكتوبر، فيما المصري اليوم تقول إن مقابر شهداء حرب الاستنزاف ومعركة شدوان مهملة ومغلقة ولا تفعل لها محافظة البحر الأحمر شيئا.

أزمة ندرة المحاليل الطبية أدت لظهور “تجار الشنطة” في الصعيد، وارتفاع سعر عبوة المحلول إلى 30 جنيه وقريبا سنسمع عن حالات وفاة بسبب “محلول مغشوش”.

النيابة الإدارية أثبتت وقائع الإهمال في قضية بث حوار قديم للرئيس وأن أحدهم أخفى رسالة إلكترونية كانت تحمل الرابط الصحيح لتحميل الحوار ولم ينتبه لها أحد وقتها، وعندما دخل الموضوع في الجد كان الحل اخفاء الرسالة التي تدين كل المسؤولين وليس رئيس القطاع فقط، لكن ستصدر العقوبات التأديبية وتموت القضية ويظل ماسبيرو كما هو كما تظل أوضاع التعليم والصحة والصناعة كما هي طالما الكل مهتم بما يقوله “عجينة” سواء كان يتكلم بلسانه أو بلسان من يريد أن يظل الشعب “باصص” للعصفورة.