قرار محترم ذلك الذي اتخذه بكل شجاعة الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، أتحدث عن القرار المتعلق بإلغاء خانة الديانة من كافة الشهادات والمستندات والأوراق التي تصدرها أو تتعامل بها جامعة القاهرة مع طلابها، القرار يرسل رسالة مهمة وهي أننا كلنا مصريين بغض النظر عن الدين، وأنه لا تمييز من أي نوع، الجميل أن القرار سيطبق أيضًا على كل العاملين بالجامعة وأعضاء هيئة التدريس أو الهيئة المعاونة، وفي جميع الكليات والمعاهد والمراكز سواء للمرحلة الجامعية الأولى أو الدراسات العليا.
عبقرية القرار أنه يرسخ للدولة المدنية التي نحلم بها جميعًا، دولة تعامل المواطن على أساس أنه مواطن وليس على أساس طائفي، دولة لا يهمها دينك بقدر ما يهمها حقوقك وواجباتك، دولة ضد التمييز والعنصرية.. دولة قانون.
من وجهة نظري الشخصية أعتبر أن الدكتور جابر نصار من أشجع المسئولين في مصر..
يكفي أنه اتخذ قرارًا مثل ذلك وهو يعلم جيدًا أنه سيفتح عليه أبواب لن تغلق بسهولة من الجحيم، إلى جانب مزايدة المزايدين، ولا يجب أن ننسى أن جامعة القاهرة بها نسبة غير قليلة من طلاب متطرفين قادمين من خلفيات مختلفة منهم من هو سلفي، إخواني، أو حتى جهادي.. طلاب ضحك عليهم شيوخهم وأقنعوهم أن من يطالب بحذف خانة الديانة فهو يحارب الإسلام، وطبعًا هذا قمة التدليس، فعلى العكس تمامًا يسوق القرار للإسلام باعتباره دين تسامح، متقبل للآخر وأنه “لَّاّ فّرّقِّ بّيّنِّ عَّرًّبيٌّ وّلَّاّ اٍّعجّميّ اٍّلَّاٍّ بّْاّلتقوى”.
أتمنى أن أستيقظ في يوم فأجد قرارًا شجاعًا آخر بإلغاء خانة الديانة من باقي الأوراق الرسمية خصوصًا البطاقة الشخصية، فكل بلاد العالم المتقدم حذفت خانة الديانة من البطاقات الشخصية، فالدين علاقة شخصية بين العبد وربه، ولا أفهم أبدًا الإصرار على وضع خانة الديانة في البطاقة، ماذا لو أوقف أمين شرطة معقد أحد المصريين في كمين مثلًا وتعامل معه بعنصرية لمجرد أنه مسيحي مثلًا، تكرر هذا الأمر كثيرًا مع شخصيات عدة.
دولة القانون التي نحلم بها هي دولة عدل ومساواة، دولة تحترم الكل ولا تتعامل معهم بمنطق “هو دينك إيه” بل تعطيهم كل حقوقهم وتنتظر منهم أن يعطوها كل واجباتهم.. هكذا تتقدم الدول.